رحلة أدهم من "كفر شحاتة" للدقي لبيع الجرائد: "باخد 250 جنيه في الشهر"
أدهم موزع الجرائد
على أحد الأرصفة جلس ذو الـ11 عاما، وبين يديه عشرات الجرائد الورقية، وعن يمينه مقشة وجوال.. مشهد غير متناسق العناصر يخلق فضولا لدى من شاهده، فإذا قرر أحدهم السؤال عرف بأن الطفل موزع جرائد أتى من قرية كفر شحاتة بالعياط إلى الدقي صباح الجمعة، ليحصل فى النهاية على 250 جنيها نهاية الشهر.
"المقشة والجوال" يخصان محمد محروس والد الطفل، الذي يعمل في هيئة النظافة منذ 20 عاما، وقرر تجنيب ابنه الصغير نفس مصيره، فالمهنة من وجهة نظره متعبة ولا يلقى أصحابها الاحترام والدعم الكافي رغم ما يلاقيه فيها من مشاكل صحية ومتاعب نفسية، فترك لابنه حرية اختيار كل شيء بدءا من الدراسة وحتى العمل: «إحنا أهالينا سابونا من غير صنعة ولا شغلانة، فلما كبرنا رضينا بأي حاجة واشتغلنا وأنا مش هعمل كدة مع ابني» يحكي الأب بينما كان الطفل يجلس على الرصيف متابعا حركة المارة.
يدرس أدهم في الصف الخامس الابتدائى، ويوم إجازته الدراسية يجبر والده على اصطحابه معه لمكان عمله: "كنت معاه وواحد بتاع جرايد هنا، قاللي تعالى وزع الجرايد دي، لما عملت كده قاللي هديك 250 جنيه على الـ4 أيام بتوع الشهر" يحكى الطفل، وهو يقبض على الجرائد بيديه: "هو يوم الجمعة بس، بلف على المحلات والناس أوزع عليهم، وفي الآخر صاحب الجرايد بيدينى فلوسي".
تدخل الـ250 جنيها جيب الطفل ولا يسأله والده عنها، حتى يقرر استخدامها في شئ: "لو عايز أجيب لبس جديد، أو حاجة حلوة لنفسى بعمل كده، من غير ما أرجع لأبويا ولا حد".. ينظر أدهم إلى صبية على دراجتهم الهوائية، فتتعلق بهم عيناه حتى يختفون تماما، ثم يعاود الحديث: "أنا بحب الدراسة ومبخدش دروس خصوصية، وبرضه بحب الشغل وهروح ورشة أتعلم فيها بعد المدرسة".
لأدهم 5 إخوة، بعضهم حصل على دبلوم صنايع والبعض الآخر ما يزال في الدراسة، ووالده الذي يعمل بهيئة النظافة في حي الدقي يتمنى له ولاخوته مستقبلا مختلفا عنه: "لما الواد يمسك فلوس في إيده هيغوي نفسه وهو ناصح في المدرسة وناصح في الشغل".