خبراء: اعتدال سياسات القاهرة أطفأ حرائق «سوريا وليبيا واليمن ولبنان»

كتب: بهاء الدين عياد

خبراء: اعتدال سياسات القاهرة أطفأ حرائق «سوريا وليبيا واليمن ولبنان»

خبراء: اعتدال سياسات القاهرة أطفأ حرائق «سوريا وليبيا واليمن ولبنان»

قدمت مصر نموذجاً لاعتدال السياسة الخارجية فى ظل الصراعات الإقليمية والتدخل المستمر فى الشئون الداخلية للدول وإذكاء النزاعات الطائفية وتصعيد الخطاب الشعبوى والطائفى فى معظم الدول الرئيسية بالمنطقة، من خلال الالتزام بمواقف أعادت الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية واحترام سيادة الدول وحقوقها، وطرحت دورها فى العديد من الأزمات ليس فقط كوسيط بل كـ«موازن إقليمى» له دور فى احتواء الأزمات قبل تفاقمها كما فعلت فى أزمة استقالة رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، ولعبت دور «إطفاء الحرائق» فى سوريا واليمن وليبيا، مما ساهم فى ترسيخ «النموذج المصرى» كعنصر جذب فى سياستها الخارجية وقوتها الناعمة لدعم الاستقرار الإقليمى.

وقال إبراهيم بلقاسم، المحلل السياسى الليبى، فى تعليقه على تأثير «النموذج المصرى» فى «تثبيت الدولة» وإعادة الاعتبار لمؤسساتها الوطنية، إن التوافق الليبى الذى جرى اعتماده فى إعلان القاهرة يدل على إدراك عميق لأهمية إقامة دولة المؤسسات فى ليبيا أسوة بنظيرتها المصرية، موضحاً أن الثوابت التى تم الاتفاق عليها فى ورقة القاهرة سعت إلى حل النزاع بين مؤسسات الدولة الليبية (البرلمان والمجلس الرئاسى لرئاسة حكومة الوفاق من ناحية وبين مجلس النواب والمجلس الأعلى الدولة (الاستشارى) من ناحية أخرى، وخلق حالة التقارب بين المؤسسات والسلطات المتداخلة والموازية فى ليبيا من مدخل رئيسى هو الاتفاق السياسى.

وتابع «بلقاسم» أن دور الجيش الوطنى أساسى فى أى دولة وهذا ما تقوم عليه رؤية مصر سواء داخلياً أو خارجياً، بعد أن كان هناك تعمد من أطراف دولية لتغييب دور الجيش ومؤسسات الدولة رغم وجوده واعتبار قائد الجيش لاعباً فاعلاً فى المشهد الليبى، مضيفاً أن ورقة القاهرة أكدت على أن مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش تقوم بدورها الفنى المحترف فيما يتعلق بمهامه، وفى حالة الجيش الوطنى فى عملية الكرامة كان له دور كبير جداً فى إنهاء الجماعات المتطرفة والإرهابية فى شرق البلاد بشكل واضح بدعم لوجيستى من مصر، معتبراً أن رؤية مصر الرافضة للتدخلات الخارجية تعد أساساً متيناً يمكن اعتماده فى إقامة علاقات متوازنة بين دول المنطقة.

من جانبه، قال الدكتور محمد تركى أبوكلل، مسئول الشئون العربية فى تيار الحكمة الوطنى العراقى، لـ«الوطن»، إن اعتدال مواقف مصر ودعوتها لـ«الدولة الوطنية» خلق مساحات واسعة من التطابق مع بغداد، مؤكداً أن العراق اليوم دولة لها سيادتها وجيشها الوطنى وحكومتها المركزية تفرض سيطرتها على كامل أراضى الدولة العراقية، من أجل إعلاء مفهوم الدولة الوطنية والمواطنة فوق أى اعتبار طائفى أو مذهبى أو قومى، مشدداً على أن هذا المفهوم هو ما تنادى به مصر فى خطابها السياسى دائماً.

واعتبر أن سياسة مصر الخارجية القائمة على الاعتدال تجعل هناك تشابهاً كبيراً فى مواقف البلدين إزاء القضايا السياسية الراهنة وعلى رأسها الوقوف على مسافة واحدة من الأزمات الإقليمية برؤية تراعى مصالح الأمن القومى العربى وهو ما جعل هناك اتفاقاً مصرياً عراقياً حول القضية السورية، يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ودعم تطلعات الشعب السورى فى دولة ديمقراطية يسودها الحرية والعدالة والمواطنة.

وأكد الدكتور أحمد أبوزيد، الخبير فى قضايا الإرهاب وإدارة الأزمات، أن السياسة الخارجية للدولة المصرية أصبحت محط أنظار العالم كله وباتت نموذجاً يحتذى رغم كل التحديات التى واجهتها، فلقد تمت إعادة الاعتبار لمفهوم وقوة الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية وأضحت عاملاً مؤثراً وعضواً مهماً فى التسويات السياسية الدولية التى تتم فى المنطقة.

ولفت «أبوزيد» إلى أن مصر قدمت نموذجاً يحتذى فى التعامل مع ملف الإرهاب بشقيه الأمنى والدينى ففى الشق الأمنى تم تقديم أرواح قادة وضباط وجنود القوات المسلحة المصرية وجهاز الشرطة فداء للوطن بضربهم أروع الأمثلة فى التضحية والفداء والذود عن الدولة وتطهيرها من رجس كل معتدٍ ومتطرف وإرهابى.

وعلى المستوى الدينى، قال «أبوزيد» إن «النموذج المصرى» فى قيام الدولة بتبنى منهج جديد يتم ترسيخه لدى مؤسسات الدولة الدينية لتجديد الخطاب الدينى والعمل على تصويب الأفكار المتطرفة، مضيفاً أن أهم القضايا الشائكة التى حثت الدولة الأزهر الشريف على إخضاعها للمراجعة والتطوير كان مفهوم الخلافة الإسلامية وهل هى فريضة أم نظام حكم يخضع للتطور الزمنى، ومفهوم حاكمية الله.

وأوضح أن دار الإفتاء لها دور ملحوظ عالميا بعد أن عكفت على إعداد مرصد للرد على الشبهات الدينية التى تنشرها الجماعات المتطرفة، فكان للمرصد دور بالغ الأثر فى صد موجة الأفكار المتطرفة وإعادة الحكم الشرعى لأصله الدينى. واعتبر «أبوزيد» أن الدولة المصرية قدمت لدول المنطقة نموذجاً اقتصادياً قائماً على رؤية مستقبلية من خلال خطط اقتصادية إصلاحية تعالج بها خلل السنوات السابقة وتقدم رؤية اقتصادية لعقود مقبلة تصبح بها الدولة على طريق النمور الآسيوية فى الصناعة، وبذلك قدمت الدولة المصرية مثالاً يحتذى للعالم أجمع بتحدى الإرهاب، واستشراف مستقبل واعد برؤية طموحة متعددة الجوانب.


مواضيع متعلقة