أول شهيد فلسطيني في 2018.. أدى الامتحان ولم يفرح بنجاحه

أول شهيد فلسطيني في 2018.. أدى الامتحان ولم يفرح بنجاحه
لم يفرح الطالب، الذي لا يتعدى السابعة عشرة من عمره، بانتهاء موسم شاق من الامتحانات، ولم تمضِ سوى أيام قلائل على قضاء إجازة نصف العام وسط أسرته، لينطلق الطفل الجسور منخرطا وسط المتظاهرين المطالبين بحرية بلادهم، فتغتاله رصاصة غادرة أطلقها أحد جنود جيش الاحتلال، ويسقط "مصعب فراس التميمي"، شهيدًا تصحبه صرخات الحاضرين المتأثرين برحيله غير متناسين حقه الذي لن يضيع هباء.
عيناه تملؤهما الدموع وقلبه يرتجف من أثر الصدمة عليه، غير أنه حاول الهدوء وجمع شتات نفسه ليحكي أحمد شاكر، ما حدث لابن عمه ورفيق دربه، فما هي إلا دقائق قليلة من مشاركته في مظاهرة تحفظ للقدس عربيتها، حتى استقرت رصاصة في رقبته تعالت معها هتافات مناهضة لقوات الاحتلال، "البعض راح معاه المستشفى، والبعض قرر إنه يفضل في مكانه بيقاوم جنود الاحتلال".
الخميس الماضي كان اللقاء الأخير للشهيد "مصعب" مع زملائه ومدرسيه، حيث التقوا في آخر امتحان لهم بمدرسة الإعدادية بدير نظام التابعة لمحافظة رام الله، حسبما ذكر "شاكر"، لتشهد آخر كلمات الشهيد في المدرسة على حبه الشديد للوطن، "مصعب شدد على زملائه مواصلة الخروج في المظاهرات ضد إسرائيل لحين عودة الأراضي المحتلة لهم وكان مبلغ أهله بالمشاركة في المظاهرات الجاية وكان حاسس بالشهادة".
فرحة نجاح "مصعب"، التي تحتفل بها أسرته كل عام، انقلبت هذه المرة إلى مأتم كبير، ناهيك عن انكسار ظهر والده الذي فقد عكازه الدائم في الحياة، على حد تعبير ابن عمه، "مصعب كان دايم المساعدة لأبيه في شغله، وكتير كان بيساعد أسرته في عمل البيت، خصوصا إنه أكبر إخواته التلاتة".
"بدي أنزل أرمي حجارة على جنودهم"، كلمات لم تفارق لسان الشهيد مصعب يتذكرها "شاكر" ضمن مواقف كثيرة جمعته مع صديقه وابن عمه، حيث إنهما اعتادا الذهاب إلى المدرسة سويًا واختيار العديد من الألعاب التي يحبونها وخاصة كرة القدم التي كانا يقضيان وقت فراغهما فيها، "أنا مش مصدق إني مش هشوفه تاني".
حب الخير لغيره لم يكن السمة الوحيدة التي جعلت "مصعب" محبوبا بين أهالي قريته الصغيرة التي تبلغ نحو 1000 نسمة، غير أن الشجاعة، كانت السمة المميزة للشهيد، حيث لا ينسى ابن عمه موقف اشتراكهما في إحدى المظاهرات ضد الاحتلال، ومقاومة الشهيد الصغير للجنود الإسرائيليين أثناء محاولتهم الالتحام بهما، وتمكنه من مقاومتهم والهرب منهم سريعا، "ما بإيدي غير أقول الله يرحم روحه".