"خطوبة وبنزين وعلم فلسطين".. 2017 مختلف عند "صراصير الأسفلت"

كتب: كريم عثمان

"خطوبة وبنزين وعلم فلسطين".. 2017 مختلف عند "صراصير الأسفلت"

"خطوبة وبنزين وعلم فلسطين".. 2017 مختلف عند "صراصير الأسفلت"

سائقون من نوع خاص، يقودون تلك الوسيلة العجيبة التي تسمى بـ"التوك توك"، لهم طباع وقوانين مغايرة عن أقرانهم من السائقين، فيضربون بعرض الحائط القواعد المرورية، ليسيروا عكس الاتجاه ويقفوا في منتصف الطريق إذا لوح لهم أحد الركاب، ولا يرون العالم إلا من خلال تلك المركبة الصغيرة، ويستقبلون عامهم الجديد 2018 بهمة ونشاط، لأنه يعد موسمًا لمهنتهم، نظرًا لأعياد الميلاد التي تمتلئ الشوارع فيها بالمواطنين.

تواصلت "الوطن"، مع هؤلاء السائقين لتركب "التكاتك" الخاصة بهم، وتنقل أحداث عام 2017 بأعينهم ومن خلال رؤيتهم من داخل تلك المركبة الصغيرة، ليروي السائقون كيف بدأ عامهم الحالي، وكيف يختتم آخر أيامه، معبرين عن رأيهم في أبرز الأحداث التي وقعت خلاله على المستوى العام والشخصي.

بعد أن سحب بعضا من دخان سيجارته المشتعلة، بدأ محمد مدين الشهير بـ"أنبوبة" سائق التوك توك بالحديث عن رؤيته لعام 2017، الذي يعد زاخرًا بالأحداث على حد قوله، وأكثر ما شد انتباه الفتى صاحب الـ20 ربيعًا هو قرار زيادة أسعار البنزين، الذي أثر سلبًا على عمله، بعدما أفتقد ميزة جذب أساسية يعتمد عليها أغلب سائقي "التوك توك" على حد قوله وهي رخص ثمن التوصيل، "تفويل البنزين غلي وطبعًا اضطريت أزود على الزبون، فبقى مبيرضاش يركب "توك توك" وبيوفر وياخدها مشي".

صعود مصر لبطولة كأس العالم في روسيا بعد غياب 28 عاما، موقف لا ينساه ابن الزاوية الحمراء، لما جلب معه من فرحة عارمة قادت "أنبوبة" إلى الخروج عن نص العمل، "بعد الماتش كنت طاير من الفرح، وكمان ربنا كان كارمني بفلوس الوردية بتاعتي، روحت وقفت عند محطة الزاوية وقولت اللي عايز يركب ييجي ووصلت ناس كتير ببلاش".

على المستوى الشخصي، كان عام 2017 سعيد على "أنبوبة" بعدما حقق فيه أهم إنجازاته بالحصول على المؤهل الدراسي، والذي فشل في تحقيقه طيلة السنوات الماضية، "أخيرًا أخدت شهادة التعليم المهني، كان بقالي 3 سنين بسقط وبقيت أقدم واحد في المدرسة السنة دي نجحت الحمدلله.. 2017 وشها حلو عليا".

حبات من التراب علقت على سطح الـ"توك توك" الخاص به، أزالها بقطعة من القماش ليتوكل على ربه في بداية يومه، يسير به نظيفًا لامعًا كما يحب أن يراه، تلك الوسيلة الذكية التي يتبعها السائق أمير هاشم لجذب الزبائن، والذي خيمت المواقف الحزينة على أغلب أوقاته في عام 2017 داخل الماكينة الصغيرة، ويحكي مدى تأثره بعد رسوبه في اختبار القيادة، وفشله في الحصول على رخصة قيادة خاصة، والتي بدورها كانت ستمكنه من اللالتحاق بوظيفة في إحدى الشركات، "حسيت إني فقري، والتوك توك عليا حق.. هعيش وأموت فيه".

يتذكر "هاشم" صاحب الـ32 عام، واحد من أهم أحداث 2017، وهو إعلان أمريكا القدس عاصمة لإسرائيل، وهو ما فهمه سائق الـ"توك توك" بعد شرح طويل، ليبدي اعتراضه على ما حدث على طريقته الخاصة، "دمي اتحرق لما فهمت الموضوع.. فضلت ألف على المحلات وأنا سايق لحد ما اشتريت علم فلسطين، وعلقته في "التوك توك" أسبوع كامل من كتر ما اتضايقت"، وعندما عاد لمنزله رسم لأطفاله علم فلسطين، وحكى لهم عن الإعتداء الواقع عليها وأن القدس ستظل عاصمة فلسطين.

"سنة زي الفل، كلها حركات وشقلبة.. والقرش فيها ماشي".. لا يعبأ أحمد نملة سائق "التوك توك" بما يدور حوله من أحداث طالما لم تتعد حدود مملكته الصغير ذات الثلاث عجلات، وبالرغم من ذلك إلا أنه يستشعر حالة من النشاط تحدث مؤخرًا، "كل يوم بسمع عن مشروعات بيفتتحوها وحاجات بتحصل في مصر لأول مرة، الواحد بيفرح برضه لبلده، وحاسس إن السنة دي مصر طالعة لقدام"، ومع وقوع شهداء في سيناء تأثر "نملة" وأعلن حالة الحداد في الـ"توك تك" ولم يشغل أغاني داخله في تلك اليوم، وحل القرآن مكانها.

مع اعتراف "نملة" بأن 2017 واحدة من أفضل الأعوام التي مرت عليه على المستوى الشخصي، إلا أن الشاب العشريني لا ينسى موقفا كاد أن يتسبب في تعكير صفوها، عندما تمكن أحد اللصوص من سرقة "التوك توك" الخاص به، الأمر الذي أفجع ابن حدائق القبة، ما دفعه لأن يحرر محضرًا بالواقعة، قبل أن يتمكن أفراد الشرطة من استرجاع ما تم سرقته، وهو ما أكد لـ"نملة" أنهم أصبحوا أكثر قوة هذا العام عما سبق.

في يوم الخميس الماضي 21 ديسمبر، أقام "نملة" حفل خطوبته بمنطقة الشادر، ما جعل ختام السنة "مسك" على على حد قوله، "2017 ختمت بخطوبتي، أظن مفيش أحلى من كدة".


مواضيع متعلقة