عندما تفرق دم "الباز أفندي" بين القبائل!

لم يكن يعلم الفنان الراحل توفيق الدقن أن شخصية "الباز أفندي" التي قدمها بجدارة في فيلم "ابن حميدو" سوف تعود للظهور في الحياة المصرية بشكل لافت للنظر بعد أكثر من ستين سنة من انتاج الفيلم، لتعيش معنا في حياتنا اليومية بعد كل هذا الوقت، ربما لم تظهر هذه الشخصية من تلقاء نفسها أو من خيال المؤلف فقط، بل بالتأكيد اعتمد صناع هذه الشخصية على واقع نعيشة منذ قديم الأزل وهو "الفهلوه الكاذبة" التي كانت سببا في تدهور المشهد العام في مصر من ثقافة وسياسية..الخ.

بعدما اختفت كلمة "لا أعرف" من القاموس اليومي في مصر علينا ألا نعيش الصدمة الوهمية في ردود الفعل في شتى مجالات الحياة، حيث أن الأمر قد أصابنا جميعا، نعم لقد أصبحنا جميعا "الباز أفندي"، نتظاهر بالمعرفة والثقافة في أشياء معينة وندفن رؤسنا في الرمال في أشياء أخرى، لم نعد نمتلك ثوابت، أصبحنا نحن من نصنعها حسب الرغبة والمصلحة والوجاهة الاجتماعية فقط، هي التي تحدد من الذي سوف يكون "تريند" هذا الأسبوع.

كان الباز أفندي صادقا ويجب احترامه عندما حدد المهارات والخبرات التي يتميز بها ولم يخش أن يعلن أنه "ساقط توجيهية"، وهنا يظهر حجم الفشل الذي وصلنا إليه، ولكن هناك حلول قد ترضي جميع الأطراف، وهو التخصص حفاظا على ما تبقى من صحتنا المنكوبة، نطلب من الجميع الالتزام بتخصص معين "للفتي" و"الفهلوة"، فليس من المعقول أن ننتقد راقصة على رأيها في مدى وجود الحجاب في الإسلام من عدمه، ولا في مناقشة قبح صوت المؤذنين مع فنانة لها رأيها وقناعتها الشخصية التي لا يجب عليك أيضا ان تنتقص منها كون أنك لست من معجبيها أو العكس.

من الأولى والأصح أن يتحدث في الأمور أصحابها والملمين بالمعرفة والثقافة اللازمة، وهنا لا توجد مشكلة في تحويل الموضوع إلى نقاش مجتمع بشكل صحيح دون الدخول في حروب فكرية غير متوازنة، وتجربة العيش دون إظهار شخصية الخبير الاستراتيجي المدفونة داخل كل ما هو مصري!