بالفيديو| أعرف قصة الصدفة التي غيرت مسار عبدالمنعم إبراهيم للكوميديا

كتب: سعيد محمود

بالفيديو| أعرف قصة الصدفة التي غيرت مسار عبدالمنعم إبراهيم للكوميديا

بالفيديو| أعرف قصة الصدفة التي غيرت مسار عبدالمنعم إبراهيم للكوميديا

عشق عبد المنعم إبراهيم ابن قرية "ميت بدر حلاوة" المسرح منذ الطفولة، عندما كان يأخذه والده باستمرار لمشاهدة عروض فرقة علي الكسار، وكان يلهو مع أقرانه عندما يعود للبلد ويجسد بعض الشخصيات من القرية، وفي ظل بحثه عن أي نشاط فني في مدرسته "عابدين الابتدائية"؛ التحق بفريق الموسيقى وتعلم البيانو، قبل أن يقدم عرضا مسرحيا عن قناة السويس أذاعته الإذاعة المصرية وقتها، حيث كانت كل مدارس القاهرة في ذلك الوقت تقدم بعض الأنشطة إسبوعيا.

في المرحلة الثانوية التقى عبد المنعم المولود في الرابع والعشرين من ديسمبر سنة 1924، بطالب يهوي التمثيل مثله، وهو عبد المنعم مدبولي، وكونا مع العديد من الطلاب فرقة للهواة، قدمت أكثر من عمل من إخراج مدبولي، وقام جورج أبيض بإخراج أحد العروض لتلك الفرقة.

لم يتقدم عبد المنعم إبراهيم لمعهد الفنون المسرحية مع افتتاحه عام 1944 خوفا من إغلاقه، على غرار ما حدث مع المعهد الذي افتتح عام 1933 وأغلقوه بحجة أن التمثيل حرام، ثم تقدم للمعهد برفقة عبد المنعم مدبولي عام 1945 ضمن 1500 طالب ونجحا معا، إلا أن والدته توفت قبل الاختبار النهائي للقبول بالمعهد، وكان من المفترض أن يجسد دورا كوميديا، لكنه لم يقم بالدور بشكل جدي، وعندها طلب منه زكي طليمات أن يؤدي مشهدا تراجيديا فألقى أبياتا من قصيدة "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، قال فيها "بل الجدُّ يا ليلى سبيلي وديدني.. حياتي بوادٍ والمُجونُ بوادي.. صحبت زيادا طول يومي تلقفا.. لأشعار قيس من لسان زياد"، ثم نجح والتحق بالمعهد بعدها ليسند إليه زكي طليمات بعدها أغلب الأدوار التراجيدية.

لعبت الصدفة دورا هاما، في تحول مسار عبد المنعم إبراهيم من التراجيديا إلى الكوميديا، ففي عام 1946 وقبل امتحان النقل للسنة الثانية من المعهد، قام مع زملائه المعهد بتقديم مسرحية شعرية عن الجامعة العربية، وقوبل بترحيب كبير وضحك شديد من الجمهور، ما أدى إلى نقله للعام الثاني من المعهد دون اختبار، ثم وجه انتباه أساتذته لقدراته الكوميدية التي تفجرت ولم تنضب حتى وفاته.

عانى عبد المنعم إبراهيم من أزمات كثيرة في حياته، كان أشدها وفاة زوجته الأولى بعد معاناة شديدة مع المرض، تاركة له 4 أطفال أصغرهم طفل عمره سنة، وقت أن كان يقدم أدوارا كوميدية تسعد الناس، ويحكي الفنان الراحل عن حزنه الشديد وقت مرضها، وكيف كان ينام بصعوبة بعد أن أخبره الطبيب أنها لن تعيش سوى ستة أشهر.

اختار عبد المنعم إبراهيم البعد عن كوميديا "الفارس" و"الفودفيل"، وفضل الكوميديا الأخلاقية الراقية في المسرح، ولم يكن يقبل بأي دور مسرحي لا يتناسب مع قدراته.

عانى الكوميديان الرائع هو وجميع جيله من ضعف دخل الممثل المسرحي الحكومي، مما اضطرهم لقبول بعض الأدوار غير اللائقة في السينما، وهو ما أكده زميله توفيق الدقن في حوار إذاعي مع محمود السعدني عندما أكد أن الممثل المسرحي وقتها كان يحصل على 50 جنيها يتحصل منهم على 19 جنيها بعد الضرائب والمستقطعات، مما اضطره أن يؤدي بعض الأدوار السينمائية التي أكد خجله منها.

ترك لنا عبد المنعم إبراهيم تاريخا ضخما من الأعمال الفنية أبرزها على سبيل المثال لا الحصر، في السينما "ثلاثية نجيب محفوظ، إسماعيل ياسين في الأسطول، السفيرة عزيزة، بين السما والأرض، إشاعة حب، سكر هانم، السفيرة عزيزة وسر طاقية الإخفاء".

أما في التليفزيون فقدم لنا الكثير من الأعمال المتميزة، التي تركت عالمات في ذاكرة الدراما المصرية منها "ولسه بحلم بيوم، الشهد والدموع، ألف ليلة وليلة، أولاد آدم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، رحلة السيد أبو العلا البشري وزينب والعرش".

الأعمال المسرحية والإذاعية كان لها نصيب كبير من وقت الكوميدان الراحل، فقدم أكثر من عمل من خلالهما كان أبرزها في الإذاعة برنامج "ساعة لقلبك"، وفي المسرح "على جناح التبريزي وتابعه قفة"، وبذلك لم يترك الفنان عبد المنعم إبراهيم نافذة يطل منها علينا ليسعدنا بفنه إلا وفعل، ليرحل عن عالمنا في السابع عشر من نوفمبر سنة 1987، تاركا لنا مكتبة فنية رهيبة لن يكفينا الحديث عنها لسنوات.


مواضيع متعلقة