الوجه الآخر للحالات الإنسانية على «فيس بوك»: استجابات قليلة وإساءات بلا حصر

كتب: رحاب لؤى وعبدالله عويس

الوجه الآخر للحالات الإنسانية على «فيس بوك»: استجابات قليلة وإساءات بلا حصر

الوجه الآخر للحالات الإنسانية على «فيس بوك»: استجابات قليلة وإساءات بلا حصر

آمال كبرى باتت معقودة على مواقع التواصل الاجتماعى، الذى تحول بالنسبة للكثيرين إلى «أداة سحرية» تحيى الآمال، وتبرئ المرضى، بل وبوابة لتحقيق الآمال مهما بدت صعبة ومستحيلة، مسألة تدفع الكثيرين من أصحاب الأزمات للجوء إليه، متخلين عن حذرهم على أمل، لكن مع الوقت يظهر الوجه الآخر للكثيرين، والذى يبدو لهم قبيحاً للغاية، يتراوح ما بين النصب أحياناً، والإساءة وإثارة الضغينة فى أحيان كثيرة.

«يا رب نساعد الراجل ده عنده السكر وما رضيش ياخد منى فلوس خالص، وهو اللى عمل فى رجله كده»، نشرت نيفين محمد كلماتها، التى بدت صادقة لمن قرأها عام 2016، مرفقة معها بعض الصور لشخص يجلس فى الشارع، ادعى إن اسمه عمرو، وفى ذلك التوقيت قام البعض بمساعدته مادياً لاجتياز ظروفه المرضية، بعدما حددت الشابة مكانه، وعقب ذلك المنشور بعام عادت صورة الرجل مرة أخرى، لكن هيئته تلك المرة اختلفت قليلاً، بعدما هذّب لحيته: «الراجل ده عنده السكر، ومحتاج أنسولين سعره 175 جنيه بتتجاب من مستشفى معينة، وما رضيش ياخد فلوس»، هكذا كتبت إحدى الصفحات عن صورة الرجل، وتفاعل معها الكثير، غير أن البعض ميّز صورته: «الشخص ده كان مكتوب عنه قبل كده، خلوا بالكم عشان ده كده نصاب».

{long_qoute_1}

بالأسلوب نفسه، نشر مصطفى عربى صورة لأحد الأشخاص يقف قرب موقف عبود، يزعم أنه لا يملك ثمن سفره إلى كفر الشيخ، ويطلب من الركاب مساعدته بما تيسر لهم، ثم يختفى ويعود بعد قليل: «الراجل ده أنا شفته أكتر من مرة فخلوا بالكم، ما تتعاطفوش مع أى حد ولا تخلوا حد يخدعكم»، هكذا كتب الشاب على صفحته.

عمليات نصب عديدة لا تمنع محسنى التواصل الاجتماعى من المساعدة بأضعف الإيمان «الشير»، لكن تلك الضغطة البسيطة على الزر الصغير لا تلبث أن تتحول إلى لعنة بالنسبة للكثير من الحالات التى يمثل مزيد من «الشير» عذاباً لها، من بينها حالة الطفل «عمر» الذى بدأت قصته مع منشور فى يونيو الماضى، نشرته مى محمد عبر صفحتها الشخصية تروى فيه «عمر طفل يتيم الأب، لما كان عمره شهر ونص، وتنازلت أمه عنه كتابياً لجده وجدته لأبوه، واتجوزت ونسيته تماماً، الولد حالياً بيمشى على ركبه لحد ما حصلها تآكل، مع أنه كان مولود سليم، هو محتاج عملية تخليه يرجع يمشى تانى، يا ريت لو دكتور عظام أو مستشفى يتبنى حالته»، هكذا انتشرت الحالة مرفقة برقم الجد فتحى، لتنهال الاتصالات على هاتفه، بالتوازى مع استمرار عمليات إعادة النشر والمشاركة.

عشرات من مشاريع القوانين المتعلقة بـ«ضبط» مواقع التواصل، وعلى رأسها «فيس بوك» و«تويتر» يجرى الحديث عنها من جانب نواب الشعب، لكن أياً منها لم ينته إلى نتيجة حاسمة، حيث بقيت كلها فى حيز المناقشات، سواء تلك التى ظهرت فى أبريل الماضى بشأن حبس مستخدمى مواقع التواصل، الذين لم يحصلوا على تصريح، أو حتى ذلك الذى اقترحه النائب مصطفى بكرى حول ضرائب على أرباح «فيس بوك».

تبقى الممارسات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، خصوصاً تلك المتعلقة بالحالات الإنسانية -على نجاحها فى أحيان كثيرة- غير منضبطة بحسب د.نبيل سالم، أستاذ القانون الجنائى بكلية حقوق عين شمس، الذى أشار إلى عمليات المبالغة فى كثير من الحالات المنشورة عبر مواقع التواصل، تارة لاستدرار العطف، وتارة لنيل استجابة سريعة، يقول: «المبالغة فى النشر، وفى طرح الظروف الإنسانية والملابسات، التى تتطلب مساعدات إنسانية مختلفة، لا عقوبة لها».

حتى عمليات النصب التى تتم فى بعض الأحيان باسم حالات إنسانية، لا يمكن التعامل معها قانوناً بحسب «سالم» إلا فى حالات معينة «النصب جريمة يعاقب عليها قانوناً ويشترط فيها أن تبلغ الطرق الاحتيالية مبلغاً يقدر قانوناً، وأن تُدعم الأكاذيب الشفوية بطرق مادية يمكن من خلالها استظهار ركن الاحتيال».


مواضيع متعلقة