السويس.. اختفاء «الرقابة الشعبية» فتح باب المزادات الوهمية للاستيلاء على أموال الدولة وزيادة التعديات

السويس.. اختفاء «الرقابة الشعبية» فتح باب المزادات الوهمية للاستيلاء على أموال الدولة وزيادة التعديات
- أداء مهامه
- أراضى الدولة
- أملاك الدولة
- أموال الدولة
- أهالى المنطقة
- إنجاز المشروع
- اتخاذ القرارات
- ارتفاع أسعار
- أبراج سكنية
- أبناء
- أداء مهامه
- أراضى الدولة
- أملاك الدولة
- أموال الدولة
- أهالى المنطقة
- إنجاز المشروع
- اتخاذ القرارات
- ارتفاع أسعار
- أبراج سكنية
- أبناء
غياب المجالس المحلية عن محافظة السويس أثر بشكل أو بآخر على الأوضاع الخاصة بأملاك الدولة، واستخراج تراخيص البناء المضروبة، ففى السابق كانت السويس تحتوى على 5 مجالس محلية، بخلاف مجلس محلى المحافظة، حيث كان كل حى يضم ما بين 14 و20 عضواً بالمجلس المحلى، وكانت هناك رقابة واضحة على الأحياء الـ5 من قبل تلك المجالس، ولكن بعد غياب المجالس المحلية، انتشر الفساد بصورة «فجة» فى المحافظة، حتى إن السويس شهدت ما يقرب من 10 قضايا فساد كبرى، خلال 6 شهور فقط، أشهرها على الإطلاق، قضية سكرتير عام المحافظة السابق، شكرى سرحان، المتهم بالحصول على رشاوى من أحد رجال الأعمال.
النائب طلعت خليل، عضو مجلس النواب عن السويس، أكد أهمية دور المجالس المحلية، بصرف النظر عن اتهام بعض أعضائها فى السابق بارتكاب جرائم فساد، إلا أنها كانت حالات فردية و«شاذة»، ولا تمثل القاعدة، نظراً لأن المجالس المحلية بوجه عام كان لها دور رقابى مهم، ساعد فى الحد من عمليات السطو على أراضى الدولة بصورة كبيرة، ومواجهة الفساد بشكل عام.
{long_qoute_1}
وأضاف «خليل» أن المجالس المحلية كان منوطاً بها اتخاذ القرارات الخاصة بتخصيص الأراضى، سواء لإنشاء مصالح حكومية عليها أو مشروعات خدمية أو سكنية أو حتى استثمارية، ولكن بعد غياب المجالس المحلية، أصبحت الأراضى تخصص عن طريق المحافظ والجهاز التنفيذى، ونتيجة لوجود بعض «الذمم الخربة من الفاسدين»، يتم عرض تخصيص بعض الأراضى على المحافظ بشكل خاطئ، مما يؤدى فى النهاية إلى ضياع حقوق الدولة، حيث تتغلب فى مثل هذه الحالات، المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
وكشف النائب عن أن السويس يوجد بها العديد من الوقائع التى تؤكد أن تخصيص الأراضى عن طريق الجهاز التنفيذى، من خلال العرض غير الأمين على المحافظ، أدى إلى ضياع مساحات كبيرة من أراضى الدولة، مشيراً إلى أن المجالس المحلية كانت هى المنوطة بإصدار التراخيص، ولكن فى ظل غياب المجالس المحلية، أصبحت التراخيص تصدر على «الكيف»، وأصبحت الأمور تدار بشكل عشوائى، ونفاجأ ببناء أبراج سكنية وغيرها على أراضٍ هى فى الأساس ملك للدولة، وتابع متسائلاً: «من أصدر لها تراخيص البناء؟».
ودعا النائب إلى أن يتم تشكيل أعضاء المجالس المحلية عن طريق الانتخاب الحر المباشر، دون أى تدخلات، وإتاحة الفرصة للمواطنين ليختاروا من يمثلهم بكل شفافية، معرباً عن رفضه أن تكون انتخابات المجالس المحلية «صورية»، كما كان يحدث فى السابق، وكان المواطنون يشعرون بأن أعضاء المجالس المحلية جاءوا بالاختيار، وليس عن طريق الانتخابات.
أما محمد على فارس، وكيل مجلس محلى محافظة السويس السابق، فأكد أن غياب المجالس المحلية هو السبب الرئيسى فى زيادة حالات التعدى على أراضى الدولة بهذه الصورة المفزعة، لا سيما عقب ثورة يناير، مفسراً ذلك بأن السويس كانت تضم 5 مجالس محلية للأحياء الخمسة، بخلاف مجلس محلى المحافظة، وأعضاء كل مجلس محلى تابع لأى حى لديهم دراية كاملة بكل كبيرة وصغير داخل نطاق الحى، ويعلمون جيداً أماكن الأراضى التى تخضع ملكيتها للدولة، وأى تعدٍ عليها كان يتم مواجهته بشكل سريع، لذلك كانت حالات التعدى على أراضى الدولة، أو الفساد بالجهاز التنفيذى «مقنن» لدرجة كبيرة، لأن المجالس المحلية كانت بمثابة جهاز رقابى على الجهاز التنفيذى.
{long_qoute_2}
وضرب «فارس» مثالاً بقوله إنه أثناء توليه وكالة مجلس محلى المحافظة، تم تشكيل لجنة برئاسته، كان منوطاً بها التفتيش على أراضى «اللاجون» الملاصقة لقناة السويس، لتقنين أوضاع الحالات بتلك الأرض، وكان وقتها عدد الحالات المقننة 112 حالة فقط، وقرر المجلس المحلى وقتها إزالة أى تعديات تتعدى المساحات المخصصة لـ112 حالة، نظراً لقيمة هذه الأرض وارتفاع سعرها بصورة كبيرة، ولكن بعد غياب المجالس المحلية تم التعدى على مساحات كبيرة من تلك الأراضى، مؤكداً أن المجالس المحلية كانت تشكل عقبة أمام أى مسئول تنفيذى يحاول التلاعب مع كبار المستثمرين، للاستيلاء على أراضى الدولة.
وأكد أحمد الكيلانى، خبير قانونى من أبناء السويس، أن غياب المحليات أدى إلى انهيار الجهاز الإدارى للدولة، لأن ذلك أسفر عن العشوائية فى اتخاذ القرارات الحيوية، مشيراً إلى أن المحليات كانت بمثابة ذراع مساعدة فى إنجاز المشروعات التنموية والخدمية، من صرف صحى ومياه شرب وكهرباء وخلافه، لأن أعضاء المحليات هم الأكثر وجوداً بين المواطنين، ويلمسون بأنفسهم المشاكل التى تعانى منها الأحياء.
ولفت «الكيلانى» إلى أن تقدم الدول لم يتحقق إلا باهتمامها بالمحليات والمجالس البلدية، وأن غياب الدور الرقابى للمجالس المحلية على أداء الأجهزة التنفيذية، ساعد على تفشى الفساد، وقال إن «مجرد وجود مجالس محلية، حتى ولو كانت بالتعيين، أفضل ألف مرة من عدم وجودها من الأساس»، مشيراً إلى أن معظم المحافظين يكونون «غرباء» عن المحافظات، ولا يعلمون مشاكلها الحقيقية إلا عن طريق ما يرد إليهم من معلومات، ومعظمها تكون «مغلوطة»، وهو ما يؤكد أهمية دور المجالس الشعبية.
وطالب «الكيلانى» بأنه فى حالة عودة المجالس المحلية، أن يكون لها حق استجواب الجهاز التنفيذى، وعلى رأسه المحافظ، وإقالة أى مسئول يثبت تورطه فى قضايا فساد، أو فشل فى أداء مهامه فى خدمة المواطنين، كما حدث من قبل فى سبعينات القرن الماضى، عندما أقال المجلس المحلى لمحافظة السويس «عادل فكرى» سكرتير عام المحافظة فى ذلك الوقت، حيث كان القانون وقتها يمنح المحليات هذا الحق الرقابى، والمحاسبة فى ذات الوقت.
المهندس على سالم، استشارى فى إحدى شركات الاستثمار العقارى بالسويس، أكد من جانبه أن المسئولين عن المحافظة على مر الـ10 سنوات الأخيرة، والتى غاب فيها دور المجالس المحلية، كانوا سبباً رئيسياً فى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بالمحافظة بصورة غير مسبوقة فى أى محافظة أخرى، لأن مجلس محلى المحافظة رفع توصية للمحافظ فى سنة 2009، بوقف بناء أبراج سكنية بالمدينة، لعدم قدرة شبكة الصرف الصحى ومحطات مياه الشرب على الوفاء بمتطلباتها، وبالفعل أقر المحافظ تلك التوصية وقتها، ولكن مع غياب المجالس المحلية، قام المسئولون بطرح مساحات واسعة من أراضى المحافظة فى مزادات علنية، بعدما كانت تلك الأراضى لا تخصص إلا عن طريق المجالس المحلية، مما فتح المجال لانتشار «العمولات»، ومهد ذلك الطريق أمام كبار المقاولين والشركات الاستثمارية الكبرى، للتصارع للحصول على تلك الأراضى، والنتيجة بيع تلك الأراضى بأسعار باهظة، وهو ما انعكس على أسعار الشقق السكنية، حتى إن الأراضى التى يتم طرحها فى مزادات علنية بالمحافظة، لإقامة مشروعات اقتصادية عليها، يتم إنهاء إجراءاتها بشكل غير قانونى، الأمر الذى تسبب فى توقف تنفيذ عدة مشروعات، وإهدار فرص الاستثمار، كانت كفيلة بتوفير فرص عمل لآلاف الشباب بالمحافظة.
وأضاف «سالم» أن المحافظة تعاملت بعشوائية كبيرة مع مساحات شاسعة من الأراضى فى أماكن حيوية، وبدلاً من الاستفادة من تلك الأراضى فى إنشاء مشروعات حكومية، تسابق معظم المحافظين والمسئولين، خلال السنوات الأخيرة، وفى ظل غياب المجالس المحلية، على عقد مزادات لبيعها لكبار المقاولين وشركات الاستثمار العقارى، مما رفع سعر تلك الأراضى بمقدار 4 أضعاف، وبالتالى ارتفع سعر الوحدة السكنية لأكثر من مليون جنيه، وكان نتيجة ذلك ارتفاع أسعار الشقق فى المناطق الشعبية، وكذلك ارتفاع قيمة الإيجارات.
واعتبر أن المسئولين فى المحافظة يواصلون «مسلسل التحدى» فى هذا الشأن، خاصة أن تلك المزادات يستفيد منها بعض المسئولين، لافتاً إلى أن المحافظة عرضت أكثر من 9 آلاف متر مربع بمنطقة «حوض الدرس»، رغم أن المنطقة من الممكن أن تستغل فى مشروعات عملاقة تستفيد منها الدولة، بدلاً من إقامة أبراج سكنية عليها، علماً بأن شبكات الصرف الصحى ومياه الشرب لا تحتمل أى زيادة فى الأبراج، وأشار إلى أن منطقة «حوض الدرس» لا تتوافر بها خدمات الصرف الصحى، مما أثار حالة من الغضب بين أهالى المنطقة صباح يوم إجراء المزاد، الأمر الذى اضطر المسئولين فى المحافظة إلى تأجيل المزاد لوقت لاحق.
وقال مصدر مسئول بمديرية إسكان السويس، طلب من «الوطن» عدم ذكر اسمه، إن دور المجالس المحلية لا يخفى على أحد، سواء فى تخصيص أراضى المشروعات، أو الموافقة عليها بعد الدراسة، وتحديد نوع النشاط الاستثمارى، بعد تشكيل لجان لدراسة تلك المشروعات، ورفع التقارير الخاصة بها إلى المحافظ للتصديق عليها فى جلسات المجلس التنفيذى، وأضاف: «كانت المسألة لا تحتاج أكثر من شهر لإنجاز أى مشروع، مما كان ينعكس على الشباب الذين تتوفر لهم فرص عمل من خلال تلك المشرعات».
وأضاف أن ما يؤكد تأثر إنجاز المشروعات الاستثمارية، بسبب غياب المحليات، تقديم جمعية رجال الأعمال بالسويس وخليج السويس، عدة شكاوى إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، بسبب توقف مشروعات بالسويس، بسبب أخطاء إدارية، خاصة فى إجراءات طرح الأراضى المخصصة لتلك المشروعات، وبالفعل تم تشكيل لجنة لفحص تلك الإجراءات، ضمت جهات رقابية وأمنية، وبعد معاينة مواقع عدد من المشروعات المتوقفة، تبين توقف العمل بها بسبب «أخطاء إدارية» وقع فيها المسئولون بالمحافظة، الأمر الذى ترتب عليه خسائر مادية لعدد من المستثمرين، وضياع آلاف فرص العمل على الشباب بالمحافظة.
كما أوضح مصدر مسئول بإحدى الجهات الرقابية بالسويس، أن مشروع منتجع «مون بيتش»، الذى كان تتم إقامته على كورنيش السويس الجديد، توقف العمل به لفترة طويلة، بسبب «خطأ إدارى» من المسئولين التنفيذيين بالمحافظة، مشيراً إلى أنه بعدما قامت المحافظة بطرح أرض المنتجع فى مزاد علنى، وتأجيرها بمبلغ 260 ألف جنيه شهرياً، تبين أن المحافظة لم تحصل على موافقات عدد من الجهات الأخرى فى الدولة المسئولة عن الموقع الذى يطل على خليج السويس.
وأكد المصدر نفسه أن إحدى اللجان الرقابية قامت مؤخراً بفحص 4 مشروعات استثمارية كان مخططاً تنفيذها بمنطقة «عتاقة» الصناعية، وعلى الكورنيش القديم، ولكنها توقفت بسبب حدوث «أخطاء إدارية» فى إجراءات طرح الأراضى الخاصة بتلك المشروعات، حيث تبين أن المزادات تمت دون موافقة الجهات المختصة.
جهاز التجميل مهمل لعدم الرقابة