عروبة القدس من داخل توراة بني إسرائيل

كتب: سيد خميس

عروبة القدس من داخل توراة بني إسرائيل

عروبة القدس من داخل توراة بني إسرائيل

منذ بداية ظهور الحركة الصهيونية، نهاية القرن الـ19، ودفع اليهود نحو الهجرة إلى فلسطين، بزعم أنها "أرض الأباء والأجداد"، مرورا بقيام الدولة الإسرائيلية عام 1948، وإصدار "الكنيسيت" الإسرائيلي عام 1980 لقانون يعتبر القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ووصولا إلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وتحاول الصهيونية الدينية أن ترسخ عقيدة يهودية القدس، التي تثبت أسفار التوراة وكتاب العهد القديم عروبتها.

وكتاب العهد القديم، أو كما يسميه اليهود "التناخ" و"المقرا"، هو الكتاب الأول عند اليهود ويتكون من ثلاث أقسام هي: التوراة، والأنبياء، والمكتوبات. وبالرغم من كونه كتاب ديني فإنه مليء بالأحداث التاريخية منذ بداية الخليقة وحتى القرون الأولى قبل الميلاد، ومع أن المدارس النقدية للعهد القديم تختلف حول مدى صحة هذه الأحداث التاريخية إلا أنه يعد مصدر من مصادر التاريخ التي يعترف بها اليهود أنفسهم.

ويقول الدكتور محمد جلاء إدريس، المتخصص في الدراسات الإسرائيلية، في كتابه "أورشاليم القدس في الفكر الديني الإسرائيلي"، إن النصوص العبرية لأسفار التوراة والعهد القديم تشير إلى السكان الأصليين للقدس ومنشأ المدينة وأصولها غير اليهودية، مؤكدا أن هناك أسماء عدة وصفات للقدس في أسفار العهد القديم تتراوح بين الإيجابية والسلبية.

{long_qoute_1}

وأول ذكر لمدينة القدس داخل ثنايا التوراة، نجده في سفر التكوين الإصحاح 14، حيث خرج بعض الملوك من جيران النبي، إبراهيم عليه السلام، للترحيب به، ونجد أن التوراة تخبرنا أن ملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزا وخمرا واصفة إياه بأنه كاهنا لله العلي. وملكي صادق هو ملك اليبوسيين، الذين أسسوا مدينة القدس، وهم عرب بائدة ينتمون للساميين القدام.

ويؤكد التاريخ وعلم الأثار عروبة القدس، وأن اليبوسيين العرب هم من أسسوها حوالي 3000 ق.م، ويقول الدكتور عبد الناصر الفرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة بخان يونس، في كتاب "الجذور التاريخية لمدينة القدس وكيفية الحفاظ عليها"،إن مدينة القدس سُميت "يبوس" نسبة إلى اليبوسيين، الذين هم من العرب البائدة، وتقول كارين أرمسترونج، الكاتبة البريطانية، في كتابها "القدس مدينة واحدة عقائد ثلاث"، والذي ترجمته الدكتورة فاطمة نصر والدكتور محمد عناني، إنه "والواقع أن الذي استقر في القدس وأسسها هو ملكي صادق قبل 38 قرنا (3800 سنة)، وهو أحد ملوك اليبوسيين".

وبعد إشارة سفر التكوين التوراتي إلى اسم عربي لحاكم مدينة القدس، نجد في سفر يشوع، السفر السادس في العهد القديم والذي يجسد بداية التطبيق العملي للوعد الإلهي بالأرض لبني إسرائيل، أن يشوع واجه تحالفا من سكان البلاد الأصليين ضم ملوكا كان من بينهم "أدوني صادق ملك أورشليم"، وفقا لسفر يشوع الإصحاح 10.

كما يخبرنا سفر يشوع في الإصحاح الـ15 بأن بني يهوذا سكنوا مع اليبوسيين سكان أورشليم.ويظهر ذكر مدينة القدس مرة أخرى في سفر صموئيل ثاني الإصحاح الـ5، حيث إنه في عهد داود، عليه السلام، نقل مملكته من حبرون (الخليل) إلى أورشليم التي كانت عامرة بسكانها اليبوسيين، الذين وصفهم السفر بـ"سكان الأرض".

أما سفر نحميا فيحمل اسما جديدا لمدينة أورشليم، وهو القدس، فيقول السفر "وسكن رؤساء الشعب في أورشاليم، وألقى سائر الشعب قرعا ليأتوا بواحد من عشرة للسكنى في أورشاليم مدينة القدس والتسعة أقسام في المدن" (11/1).

ويتكرر اسم القدس داخل ثنايا العهد القديم في سفر المزامير، مزمور 134، كما ظهر على لسان النبي إشعياء في أكثر من موضع داخل السفر الذي يحمل اسمه.

{long_qoute_2}

ويقول الدكتور محمد جلاء إدريس، إن ما يلفت الانتباه أن أسماء مدية القدس في التوراة والعهد القديم جميعا (صهيون، يروشالايم، القدس) ليست أسماء عبرية أو يهودية ولا يمكن ادعاء ذلك بأي وجه من الوجوه. مؤكدا أن اليبوسيين واصلوا وجودهم في القدس (أورشليم) قبل غزوها من قبل داود، بل وبعد الغزو لم يطرد سكانها وصاهرهم وامتزج معهم.

وبذلك تكون أكدت التوراة في أكثر من موضع أن القدس مدينه سكانها الأصليين هم اليبوسيين الكنعانيين، وهم من العرب الساميين، وهو ما ينفي أكذوبة الصهيونية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".


مواضيع متعلقة