بالفيديو| "أنور" ناجٍ من الروهينجا: جيش ميانمار أطلق النار علينا

كتب: سلوى الزغبي

بالفيديو| "أنور" ناجٍ من الروهينجا: جيش ميانمار أطلق النار علينا

بالفيديو| "أنور" ناجٍ من الروهينجا: جيش ميانمار أطلق النار علينا

في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي، شنَّ جيش ميانمار وميليشيات محلية موجة من "عمليات الإجلاء"، ردًا على هجمات من قبل جيش إنقاذ روهينجا أراكان في ولاية راخين، التي تحولت إلى عنف واسع النطاق ضد المدنيين.

ورصدت منظمة "أطباء بلا حدود"، أنه منذ ذلك الحين فرَّ أكثر من 647 ألف من الروهينجا من ميانمار إلى بنجلاديش، وبيّنت الاستطلاعات التي أجرتها "أطباء بلا حدود" في مخيمات اللاجئين في بنجلاديش أن ما لا يقل عن 6700 روهينجي قُتلوا في هذه الهجمات، بينهم 730 طفلًا.

والتقت منظمة "أطباء بلا حود"، مع محمد أنور واحد من أبناء مجتمع الروهينجا، اعتاد الحياة القاسية، ولكنه في صباح 25 أغسطس من هذا العام تحولت حياته إلى جحيم.

وقال "أنور"، وهو مدرس يعيش حاليًا برفقة زوجته الحامل لاجئًا في ظروفٍ قاسية في بنجلاديش: "كنت في المسجد أصلّي الفجر. كان صباح جمعة هادئ وكانت الساعة نحو الخامسة والنصف، حين سمعت رجالاً يدخلون إلى قريتنا".

وأضاف أن الرجال بدؤوا في إطلاق رصاص أسلحتهم الرشاشة، وإلقاء قنابلهم على البيوت والمزارع، وتابع: "لقد كان الجيش وحرس الحدود هم من يهاجمون قريتنا، فقد رأيت بدلاتهم"، وسادت حالة من الهلع في قرية "كيون بوك بيو سو".

وقال "أنور": "كان الجميع يركضون في كل الاتجاهات، ولم يكن يعلم أحدهم ما ينبغي علينا فعله. هل أترك القرية؟ هل أعود إلى بيتي لأتفقد أسرتي؟ شعرت وكأن دماغي يحترق".

قرر أنور وابن عمّه سيف الإسلام الذي كان هو الآخر في المسجد، الركض والاختباء في الغابة القريبة حتى يتوقف وابل الرصاص. لكنّ سيف الإسلام أصيب بطلقتين في أثناء عدوهما، أصابته الأولى في رأسه والثانية في معدته وصُدم أنور لدرجة أنه لم تسمح له بالتوقف وتابع ركضه تاركا ابن عمه ليموت وحده. لم يكن يسمع سوى صوت "وابل الرصاص ينهمر كالمطر وصراخ الناس"، على حد وصفه.

وفي الغابة، وجد أنور مئات الناس مختبئين بين الأشجار. ومكثوا هناك طيلة اليوم خوفا على حياتهم، واستمر إطلاق النار لساعات، منذ شروق الشمس وحتى مغيبها، مؤكدًا "كان الجميع خائفين يدعون إلى الله ويبكون ويتساءلون ما الذي قد حدث لأهلهم".

وتوقف إطلاق النار عند حلول الظلام، لكن لم يجرؤ أي منهم على الخروج من الغابة، ولهذا أمضوا ليلتهم هناك بصمت، وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، بدأ أنور والآخرون بالتوجه نحو قريتهم، حين اقتربوا منها ورأى أنور جيرانه واحدا تلو الآخر، واغرورقت عيونهم بالدموع حين شاهدوا أهاليهم قتلى أو جرحى.

وتوقع "أنور" الأسوأ كلما اقترب من منزله، وهذا يعني أن يرى زوجته ووالدته وإخوته الستة قتلى، وقال أنور: "وصلت أخيرًا إلى البيت. دخلت لأجد الجميع يبكون معتقدين بأنني متّ. كنا مرعوبين جدا لدرجة أن تلك اللحظة خلت من الفرحة. عندها قررت أن نذهب إلى بنجلاديش حيث يمكننا أن نكون في مأمن. وَعَدتُ أسرتي بأن أعتني بهم. لن يموت أحد هناك بعد الآن".

حزمت الأسرة على عجل بعضًا من الملابس والبطانيات، ثم غادروا في السادسة صباح اليوم ذاته، ودفعوا مبلغًا من المال لأحد صيادي السمك كي يعبر بهم نهر ناف الذي يفصل ميانمار عن بنجلاديش.

وتمكن، خلال أسبوع من إيجاد مكان لهم في تجمع المخيمات الممتد في سوق كوكس في بنجلاديش، حيث قاموا بمساعدة منظمات غير حكومية ببناء مأوى من القصب، ليعيشوا فيه هم والكثير من الروهينجا ممن لجؤوا إلى المخيمات منذ أعمال القمع التي وقعت في أغسطس، نجدهم يعيشون في ظروفٍ مزرية. هم أحياء لحسن الحظ، لكنهم يخافون مما يخبؤه لهم المستقبل.

تزوج أنور قبل 10 أشهر واليوم ينتظر وزوجته أول مولود لهما، وأكد أنور وقد اعتراه ألم المنفى القسري والتعب نتيجة شح الخدمات: "إنها حاملٌ في شهرها الثالث، لكني طفلي سيولد هنا كالحيوان".

وتوفي والد أنور عن عمر 37 عامًا فقط وكان مزارعً، لكن أنور كافح كثيرًا في شبابه ليحقق النجاح في حياته ويقدم شيئًا لمجتمعه. إذ تخرج في جامعة سيتوي في ولاية راخين عام 2011، وحاز على شهادةٍ في الفيزياء، ليكون أول فردٍ في عائلته يحصل على التعليم.

ويعاني الروهينجا من الحرمان من التعليم العالي، ويواجه مجتمعهم قيودًا خانقة على الحركة تؤثر في حصولهم على التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأساسية. وبدافعٍ من حماسته لمساعدة أبناء مجتمعه على التغلب على العقبات قام أنور رفقة سبعة معملين آخرين بإنشاء مدرسة ثانوية في القرية بأنفسهم.

اليوم وبعد أن أُحرقت قريته وتلاشت أحلامه بمستقبل أفضل، ما زال أنور متمسكا بالأمل، وقال: "نحن بمأمن الآن لكن دموعنا لم تجف بعد، خصوصا حين نتذكر ونتحدث عما رأيناه في القرية".


مواضيع متعلقة