سكان "القدس العتيقة" لـ"الوطن": هكذا مهد الاحتلال لنقل سفارة أمريكا

كتب: سمر صالح

سكان "القدس العتيقة" لـ"الوطن": هكذا مهد الاحتلال لنقل سفارة أمريكا

سكان "القدس العتيقة" لـ"الوطن": هكذا مهد الاحتلال لنقل سفارة أمريكا

أزقة ملتوية وشوارع اكتست أراضيها بحجارة برجع عمرها إلى مئات السنين، يروي كل حجر منها فصلًا من التاريخ، تحمل بين جانبيها أبنية نقشت جدرانها باقتباسات من التوراة والإنجيل والقرآن، اختلطت حديثًا برائحة الشهداء وقنابل الغاز وتركت أصوات الحجارة صدى داخلها، لتجمع بين جمالي المعمار وروح المقاومة لأهل بلدة أضحت "المقاومة" و"الصمود" رمزًا لهم.

تميزت شوارع "القدس" القديمة بأبوابها العالية ومحالها التجارية المتنوعة وحجارة مبانيها الكبيرة، إلا أن المشهد السابق تبدل كثيرًا، بعدما عمل الاحتلال على طمس معالم البلدة العتيقة، خلال السنوات الطويلة الماضية، "ولم يبق شيء يثبت عروبة القدس حاليا سوى المسجد الأقصى"، حسب قول خالد العباسي، أحد سكان المنازل المطلة على الأقصى منذ طفولته.

استقبل "العباسي"، (60 عامًا)، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، بحالة من السكون، فالرجل المقدسي الذي ولد وتربى وعاش بالمدينة العتيقة، أكد في حديثه لـ"الوطن"، أن جميع أهل القدس يدركون جيدًا أنها لم تعد عاصمة فلسطين على أرض الواقع، فالاحتلال أحدث ثورة بناء وإعمار وتغيير لمعالم وأسماء الشوارع الشهيرة بها منذ سنوات تمهيدا للقرار المرتقب لترامب.

"تغيير بوابات المدينة التاريخية لتصبح على النمط الغربي الحديث"، واحدا من التغييرات التي أحدثها الاحتلال في القدس، أتبعه بثورة معمارية تمثلت في تشييد جسور وفنادق عالية ومد خطوط قطارات على الطريقة الأوروبية، وحسب قول العباسي، "القدس أصبحت باريس في الليل.. نحنا بنضحك على روحنا".

لم تسلم مهنة "التسول" بين فقراء المدينة من إضفاء الطابع الغربي عليها، فأصبح ممتهنو هذه المهنة يتسولون على طريقة الغرب بالموسيقى، وأجبرت العديد من المؤسسات الفلسطينية على نقل مكاتبها من الشطر الغربي للمدينة إلى القدس الشرقية، لتجبر أخيرا العديد من المؤسسات على إغلاق أبوابها بشكل فوري بعد احتلال إسرائيل للجزء المتبقي من المدينة في عام 1967، وفقا للعباسي.

من المؤسسات الحكومية إلى الرموز التاريخية، لم يغفل الاحتلال عن محو المعالم التراثية للبلدة القديمة، ويقول الرجل المقدسي: "تم بناء متحف التسامح على أنقاض مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية في القدس المحتلة، وتنتهك أعمال الإنشاء حرمة المقبرة والمدفونين فيها، أنا ساكن في قلب القدس وقرار نقل السفارة لن يفرق كثيرا بالنسبة لنا، هما بالفعل مهدوا للقرار منذ سنوات".

 


مواضيع متعلقة