مقتل الرئيس اليمنى الأسبق على يد حلفاء طهران يفتح الباب لصراعات جديدة

كتب: بهاء الدين عياد

مقتل الرئيس اليمنى الأسبق على يد حلفاء طهران يفتح الباب لصراعات جديدة

مقتل الرئيس اليمنى الأسبق على يد حلفاء طهران يفتح الباب لصراعات جديدة

بالأمس تفاخر المسئولون الإيرانيون بالسيطرة على أربع عواصم عربية، وهى دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء، واليوم تمكن النفوذ الإيرانى من إنهاء حياة ثانى رئيس عربى خلال عقد واحد من الزمن، وهو الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح بأيدى الحوثيين المدعومين إيرانياً، بعد أن قاموا فى نهاية العام 2006 بإعدام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، بعد أن نسقوا مع الولايات المتحدة وبريطانيا للسيطرة على القرار فى بغداد.

ومن جهته، أكد رجل الاستخبارات السعودى السابق الدكتور أنور ماجد عشقى، رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية» فى جدة، فى اتصال مع «الوطن»، أن تصفية الحوثيين للرئيس اليمنى السابق تعنى تقهقر إيران فى اليمن، وتابع: «على عبدالله صالح رحمه الله استطاع بذكاء أن يختم حياته محتفظاً بمكاسبه من هامش الديمقراطية الذى بدأه فى اليمن وعملية ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن وأيضاً إقامة الوحدة اليمنية، وختم حياته بهذه الإنجازات وبانحيازه للشرعية فى اليمن والانقلاب على الحوثيين، ولو كان قُتل قبل أسبوع لأصبح فى مزبلة التاريخ ولكنه أصبح رمزاً لليمن ولشعب اليمن»، وأكد الجنرال السعودى المتقاعد «أن هناك فرقاً بين الميليشيات الحوثية وعلى عبدالله صالح الذين يمثل النظام والدولة، والميليشيات لا تحكم ولكنها تعكر الأجواء، والمؤتمر الشعبى العام الذى كان يتزعمه الزعيم اليمنى الراحل سوف يعيد صفوفه ويختار قائداً من قادته كحصان أسود ينقذ ما لم يكن ممكناً إنقاذه فى الماضى».

وحول القيادات التى يمكن أن تتولى المشهد اليمنى حالياً وترث «صالح» سياسياً، قال: «الآن نجل أخى الرئيس الراحل على عبدالله صالح يقود القوات، ونجله فى الإمارات وهو كان محبوباً حتى أكثر من أبيه وسيقوم بدور جيد من الخارج وليس من الداخل ويستطيع أن يحرك القبائل والجنود ليتمكنوا من دحر الحوثيين، وحتى بعد أن بدأ هجوم مضاد الآن من إيران وقطر ربما يغرى ميليشيات الحوثى وبعضاً من المؤتمر الشعبى العام لإعادة بناء حزب جديد باسم المؤتمر، ولكن رهاننا على وعى الشعب اليمنى وقيادات المؤتمر التى باتت اليوم تعلم عدوها بوضوح، ولكن الحرب الأهلية ستبقى فى عدة مناطق، وقد يكون استشهاده به خير للشعب اليمنى، الذى يعرف أنه أمام قتلة، والذين قتلوا أحد رموز اليمن، وعلى يقين من أن اليمن وشرعيته سوف تنتصر فى النهاية».

{long_qoute_1}

ومن جهتها، قالت الباحثة اليمنية الدكتورة ميساء شجاع الدين إن معركة الشوارع فى صنعاء انتهت لصالح الحوثى ولا أعتقد وجود مقاومة من أى نوع حالياً ضد الحوثيين من جانب القبائل اليمنية هناك التى على ما يبدو أنها خذلت على عبدالله صالح وتركته يواجه مصيره منفرداً، ولكنها اعتبرت أن التحالف العربى لدعم الشرعية فى اليمن ربما سيتحرك خلال الفترة الراهنة ضد الحوثيين فى صنعاء، وأشارت إلى أنه بمقتل على عبدالله صالح بدأت المعركة تأخذ شكلاً طائفياً، لأن الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح كان بنفوذه وشبكة علاقاته يشمل اليمن كلها، ولكن انفراد الحوثيين كطرف فى الصراع سيجعل الصراع أكثر طائفية لأنهم منحصرون فى طائفيتهم وانتمائهم.

واعتبرت «شجاع الدين» أنه بدخول الصراع اليمنى هذه المرحلة سيعنى حضوراً أكثر لإيران فى المشهد اليمنى والحرب الراهنة، لأنهم سينفردون بالقرار لأن وجود على عبدالله صالح كان يخفف من سيطرتهم على قرار الحوثيين، بما يعنى أن قتل «صالح» يمثل انتصاراً إضافياً لها، وتابعت: «اليمن بالنسبة لها (إيران) ساحة حرب قليلة الكلفة لاستنزاف السعودية عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً عبر ما حدث فى اليمن من جرائم، والأمور متجهة فى اليمن حالياً إلى تصعيد الحرب وإطالة أمدها وجعلها مواجهة أكثر وضوحاً بين دولتى السعودية وإيران، لأن على عبدالله صالح لم يكن له علاقات قوية بإيران على عكس حلفائه السابقين بقيادة عبدالملك الحوثى»، وحول إمكانية أن يؤدى مقتل على عبدالله صالح إلى انحصار المواجهة فى الحوثيين ومن ثم إضعاف جبهة الانقلاب على الشرعية وتسهيل مهمة استعادتها وكسر شوكة الطرف الانقلابية، قالت: «صالح كان أضعف من الحوثى لأن الحوثيين استولوا على أسلحة معسكرات الدولة وتوغلوا فى مؤسسات الدولة بشكل كبير واستطاعوا أن يسيطروا بقوة على العاصمة صنعاء»، فى إشارة إلى أن غياب الرئيس اليمنى السابق سيكون تأثيره محدوداً من جهة إضعاف جبهة الحوثيين وقدرتهم على الاستمرار.

ووصفت الباحثة اليمنية التحول فى موقف على عبدالله صالح بالانقلاب على الحوثيين والعودة لمعسكر الشرعية بأنه كان «خطوة انتحارية»، وأنه لم يكن متوقعاً أن يحدث له ذلك، لأن الجميع توقع أن يرتب «صالح» أموره ويخرج منتصراً من المعركة، ولكن كانت الهزيمة مصيره، لأن القبائل فى صنعاء لم تتحرك والشباب أصبحوا أكثر ميلاً للحوثى وليسوا فى سيطرة شيوخ القبائل وينظرون إلى الحوثيين كحركة راديكالية، وكان على عبدالله صالح متهماً بأنه كان تابعاً للسعودية فى وقت من الأوقات.

وفيما يتعلق بإمكانية حدوث صدامات بين إيران ودول الخليج أو استهداف الحوثيين لعواصم خليجية، قالت: «ربما تكون هناك تداعيات على عواصم الدول الخليجية الأخرى خاصة الرياض، وقاعدة الصواريخ استولى عليها الحوثيون منذ بداية الحرب، وبالتالى موت صالح لن يؤثر على ذلك، ولكن إمكانية التسوية بين دول التحالف أصبحت أضعف بعد مقتل على عبدالله صالح».

وجاء قتل الحوثيين لـ«صالح» كرد على فكه التحالف معهم، وعودته إلى مناصرة «الشرعية» فى اليمن ودعوته لعودة صنعاء إلى عروبتها، من خلال قيادة انتفاضة شعبية فى العاصمة اليمنية ضد نفوذ الميليشيا العميلة لإيران، واعتبر الدكتور عاطف سعداوى، الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ما حدث لم يكن ليتم بدون تنسيق استخباراتى إيرانى كامل من خلال رصد الموكب وقيادات حزب المؤتمر، ومساعدة ميليشيا الحوثى على استهدافهم، وهو علامة كبيرة على أن إيران لو تمكنت من المنطقة ستكون هذه هى سياستها المتبعة، وشدد على أنه باغتيالها لعلى عبدالله صالح كشفت إيران مجدداً عن وجهها القبيح والكريه والدموى وأسلوب تعاملها مع الملفات التى تهمها فى المنطقة العربية ككل، بما لا يدع مجالاً للشك حول تدخلاتها التخريبية فى دول المنطقة.


مواضيع متعلقة