بروفايل| مكاوي سعيد.. حزمت البهجة حقائبها

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| مكاوي سعيد.. حزمت البهجة حقائبها

بروفايل| مكاوي سعيد.. حزمت البهجة حقائبها

بين جنبات وسط البلد يطل، وعلى مقاهيها يجلس، هناك ملجأه وبها المنشأ والملاذ، أركانها تشهد حياته التي طاف بها وقرأ عنها وبات من معالمها، 61 عاما لم يفارق فيهم تلك المنطقة التاريخية إلا للدراسة والتكريم، حتى حزم "سعيد مكاوي" حقائبه ورحل في سكون، كهيئته الهادئة وكلماته المنمقة وإنسانيته الفضفاضة.

أديب مصري تطرق لمشكلات مصر من خلال حكايات أبناء منطقته "وسط البلد"، التي عزم على قراءة كل "قصقوصة" تتعلق بتاريخها، من لهفة طلاب مدرسة الثانوية بمنطقة الحلمية على "وسط البلد" التي يقطنها، فأضحى عليمٌ بمكنوناتها، وعلمًا يتهافت عليه المثقفون أينما وطأت أقدامهم المنطقة التراثية، ولا تفارق يديه روايات نجيب محفوظ وأمين يوسف غراب، بعد أن انتهى من قراءات القصص البوليسية والألغاز.

يجلس على مقهاه المفضل ويستمع إلى حكايات العابرين، ويتمعن في قراءة الأدب العالمي والشعر الحديث والشعر العالمي، حتى بدأ رحلته مع الكتابة في أواخر السبعينيات، وقتما كان طالبًا بكلية التجارة جامعة القاهرة، مُبديًا اهتمامه بكتابة الشعر العامي والفصيح عقب تأثره بديوان صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي والفيتوري وغيرهم، ناشرًا عدة قصائد في مجلة "صوت الجامعة" وغيرها.

"شاعر الجامعة"، أول الألقاب التي حاز عليها "مكاوي سعيد" في العام 1979 من الشعر، أسرتّه القصص القصيرة وعالم يوسف إدريس عقب تخرجه في الجامعة، وأعمال روائية كأعمال الروائي العظيم ديستويفسكي.

من مقاهي وسط البلد عقد الندوات مع مثقفين غيره، وعلى كراسيها عرض قصصه الأولى، فاز بعضها بجوائز في نادي القصة، وعليها تعرف على الأديب الكبير يحيى الطاهر عبدالله، وقرأ عليه قصصه وأعجبته واختار بعضها لإرساله إلى مجلات عربية بتزكية منه، وفي تلك الفترة نشر قصص بمجلات وصحف، حتى كانت وفاة "الطاهر" وبقى بعيدا عن الوسط يغادر ويأتي.

كانت أحداث 18 يناير وانتفاضة الطلبة تؤرق "سعيد"، وودَّ الكتابة عنها، إلى أن كتبت أحداثها فعلا في رواية "فئران السفينة" في العام 1985، وبقيت الرواية حبيسة أدراج الهيئة المصرية العامة للكتاب لمدة تزيد عن 5 سنوات، حتى تقدمت بها لمسابقة سعد الصباح وحصلت على المركز الأول في الرواية بالعام 1991"، بعدها أصدر مجموعته الثانية "حالة رومانسية" في العام 1993، ثم أعيد طبع رواية "فئران السفينة" في العام 1996، ثم أصدر المجموعة القصصية الثالثة "راكبة المقعد الخلفي" في العام 2000 من الهيئة العامة للكتاب، وأعيد طبع رواية "فئران السفينة" في العام 2003 عن دار ميريت، ثم صدرت له المجموعة القصصية الرابعة "ليكن في علم الجميع سأظل هكذا" في العام 2004 من الهيئة العامة للكتاب.

في دورة جائزة "البوكر" الأولى، وهي الأهم عربيا على مستوى الأدب، حصل عليها عن روايته "تغريدة البجعة" في العام 2007، وحاز على جائزة الدولة التشجيعية في العام التالي، لم يكن من رواد "النخبة الثقافية"، ويرفض في كل وقت من يشتهرون من المثقفين ويصنعون نخبًا خاصة بهم ويبتعدون عن الناس، ويتخذون من الفنادق ملاذا للكتابة، فهو لم يكن يوما بمعزل عن الحكايات التي يتأثر بها وتتأثر بها أعماله الأدبية، حتى وإن لم يرد إحراج أحد يحكي شيئا أثاره يستأذن ويذهب بعيدا يدونها ثم يعود إليه ليستكمل الحكي مرة أخرى.

الموت لم يكن بمعزل عنه، فمجموعته القصصية "البهجة تحزم حقائبها"، صوّرت الموت الذي يطارد الجميع منذ الطفولة في مجموعة قصصية، تبدأ من فقدان طفل لطفل آخر في سنه بسبب الموت، وفي الثانوية يصطدم بالحقيقة برحيل شقيقة صديقه، وفي الجامعة يدرك الحقيقة كاملة بموت صديقه نفسه، وفي عام صدورها 2015، صدر له أيضًا رواية "أن تحبك جيهان" في 700 صفحة، وهي تعد الأطول بين أعماله، تدور في مدى زمني عام كامل أو يزيد من 2010 حتى معركة الجمل في 2011، الرواية ليست سياسية ولكنها من خلال ناس عادية تأتي الأحداث السياسية خلفية لهم حتى يتورطوا ويكونوا في الحدث ذاته.

 


مواضيع متعلقة