مصطفى بكرى يكتب: تساؤلات حول اعترافات الإرهابى الليبى ومدى تطابقها مع الرواية الرسمية

مصطفى بكرى يكتب: تساؤلات حول اعترافات الإرهابى الليبى ومدى تطابقها مع الرواية الرسمية
- أعضاء التنظيم
- أمن الوطنى
- أنصار الشريعة
- إطلاق النيران
- استخدام الأسلحة
- الأراضى الليبية
- الأسلحة الثقيلة
- الأفكار التكفيرية
- آر بى جى
- أبل
- أعضاء التنظيم
- أمن الوطنى
- أنصار الشريعة
- إطلاق النيران
- استخدام الأسلحة
- الأراضى الليبية
- الأسلحة الثقيلة
- الأفكار التكفيرية
- آر بى جى
- أبل
تابعت، كما تابع الملايين، الحديث التليفزيونى الذى أجراه الزميل الإعلامى القدير عماد الدين أديب مع الإرهابى الليبى عبدالرحيم المسمارى وأذاعته قناة الحياة التليفزيونية، وهو حديث من الأهمية بمكان، وجاء ليوضح الكثير من الحقائق، ويضع مصداقية البيانات التى أذاعتها وزارة الداخلية عن حادث «الواحات» أمام اختبار حقيقى.
ومن خلال متابعة الحادث والبيانات الصادرة، والمعلومات التى أدلى بها الإرهابى الليبى، الذى كان ضمن المجموعة الإرهابية بقيادة الضابط السابق عماد عبدالحميد، أستطيع أن أتوقف أمام النقاط الآتية:
أولاً: أن الحديث تطابق مع بيانات وزارة الداخلية المصرية فى مجموعها، وتحديداً البيان الذى صدر بعد يوم من الحادث، يوم الحادى والعشرين من أكتوبر، الذى أكد:
- أن «الأمن الوطنى» وردت إليه معلومات تفيد باتخاذ مجموعة من العناصر الإرهابية من إحدى المناطق بالعمق الصحراوى بالكيلو (135) بطريق أكتوبر - الجيزة مكاناً للاختباء والتدريب والتجهيز للقيام بعمليات إرهابية، مستغلين فى ذلك الطبيعة الجغرافية الوعرة للظهير الصحراوى وسهولة تحركهم خلاله.
- لم تكن المعلومة من فراغ، بل وصلت إلى الجهاز من أحد المصادر المهمة، والدليل على ذلك أن الإرهابى الليبى عبدالرحيم المسمارى قال فى الحديث التليفزيونى مع عماد الدين أديب: إن مجموعة من «14» شخصاً فى هذا الوقت خرجوا من درنة بعد الظهر مستقلين سيارات دفع رباعى ومجهزة بالأسلحة لـ«3 آر بى جى، ومدفع مضاد للطائرات، وصواريخ، وغيرها)، وأنهم ساروا بمحاذاة الحدود المصرية، وأنهم استقروا من يناير 2017 فى منطقة الواحات لتنفيذ عمليات داخل مصر ضد المنشآت ودور العبادة المسيحية.
ثانياً: قالت وزارة الداخلية، فى بيانها، إنه فى ضوء المعلومات تم إعداد القوات للقيام بالمهمة بمأموريتين من محافظتى الجيزة والفيوم لمداهمة تلك المنطقة، وإنه حال اقتراب المأمورية الأولى من مكان وجود العناصر الإرهابية استشعروا بقدوم القوات وبادروا باستهدافهم باستخدام الأسلحة الثقيلة من كافة الاتجاهات.
- وعندما اعترف الإرهابى الليبى بحقائق ما جرى فى الساعات الأولى قال تحديداً: «بعد صلاة الجمعة، كان الحركى (حكيم) يقف فى نقطة المراقبة من على تلة رملية، وشاهد سيارات الشرطة المصرية على مسافة تبعد نحو كيلومتر، فأبلغ الإرهابى عماد عبدالحميد وكنيته «الشيخ حاتم»، الذى قسّم المجموعة إلى مجموعتين، وكان عددهم 16 عنصراً، حسب اعترافاته، ومسلحين بالكلاشينكوف و2 صاروخ، و3 آر بى جى، وأسلحة أخرى متعددة، وإن الإرهابى «الشيخ حاتم» طلب منهم الاختباء وراء سواتر ترابية، وعندما أصبحت قوات الشرطة على بعد 150 متراً، بدأ الإرهابيون مفاجأتهم والاشتباك معهم وضربهم بالـ«آر بى جى»، مما أوقع العديد من الشهداء والجرحى.
{long_qoute_1}
ثالثاً: تحدثت وزارة الداخلية عن مبادلة القوات الإرهابيين إطلاق النيران لعدة ساعات، ما أدى إلى استشهاد 16 ضابطاً وجندياً وجرح 13 آخرين، على عكس ما أشيع من خلال بعض التسجيلات الصوتية التى ثبت الآن أنها مفبركة.
- وهنا أكد الإرهابى فى اعترافاته أنه بالفعل تم تبادل إطلاق النيران، وأن القوات لم تستسلم، بدليل أنها تمكنت من قتل الحركى «مالك» وإصابة كل من الحركى «عمر» والحركى «عاصم»، وأن النقيب محمد الحايس لم يستسلم أو يطلب الحفاظ على حياته، كما أشيع كذباً، بدليل أن الإرهابى الليبى قال: «إننا أصبناه وأسرناه واصطحبناه معنا مصاباً»، إضافة إلى ذلك فقد أكد الإرهابى أن مصدر معلومات «الداخلية» كان أحد الإرهابيين الذين تم القبض عليهم من مجموعة القليوبية التى تم تجنيدها ويدعى «إبراهيم»، وكان قادماً مع قوات الشرطة، وأن عناصر التنظيم الإرهابى اصطحبته معها بعد المعركة لإدخاله معها إلى الحدود الليبية.
رابعاً: قالت وزارة الداخلية إنه تم تمشيط المناطق المتاخمة لموقع الأحداث بمعرفة القوات المعاونة.
- وهذا ما أكد عليه الإرهابى الليبى عندما قال: «بحلول الظلام انسحبنا من مكان إلى مكان آخر، وكانت هناك ملاحقة أمنية على مدى الأيام التى تلت الحادث، وكنا نراهم ونتأكد من ذلك، عندما كنا نركن فى مكان فنفاجأ بعد ذلك بأنهم جاءوا إلى ذات المكان، وتأكدنا بذلك أننا مراقبون، وأنهم يصطحبون معهم قصاصى الأثر بهدف الوصول إلينا، وكذلك التمشيط الجوى بحثاً عنا».
خامساً: لم تقل «الداخلية» إنه تم قتل الإرهابيين بالقرب من الحدود الليبية ولم تغال فى أعداد القتلى من خلال عملية بطولية للقوات المسلحة، شاركتها فيها الشرطة المصرية.
- والدليل أن الإرهابى الليبى قال: «إننا ظللنا ننتقل من مكان إلى مكان فى نفس المنطقة التى لم تبعد أكثر من 85 كيلومتراً، ولم نتجه للحدود الليبية لعدم وجود أكل أو بنزين كافٍ، وإن الملاحقات الأمنية كانت تتم فى منطقة قريبة من الحادث».
هذا عن تطابق رواية الإرهابى مع الرواية ذاتها التى أعلنتها وزارة الداخلية منذ مساء اليوم التالى للأحداث، وتحديداً يوم السبت 21 أكتوبر من هذا العام.
وهذا أمر يعزز من الثقة فى وزارة الداخلية وإعلامها بغض النظر عن أى أمور أخرى.
سادساً: إلى جانب ذلك جاء بيان القوات المسلحة فى 31 أكتوبر ليؤكد حقيقة الأحداث، حيث قال البيان: «إنه فى إطار العملية الناجحة التى قامت بها القوات المسلحة والشرطة والتى أسفرت عن القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية بطريق الواحات، تم تحرير النقيب محمد الحايس من أيدى العناصر الإرهابية».
وهنا يتضح أن القوات المسلحة لم تقل إنها قضت على الإرهابيين بالقرب من الحدود الليبية، كما أشاع البعض، وإنما فى طريق الواحات، ما يؤكد أن القوات ضيقت الخناق منذ اللحظات الأولى على الإرهابيين الذين كانوا يستهدفون العودة عبر الحدود الليبية ومعهم النقيب محمد الحايس، وذلك بهدف مقايضته بآخرين من العناصر الإرهابية المحبوسة فى مصر، وهو ما أكده الإرهابى المسمارى.
سابعاً: ثبوت صحة بيان وزارة الداخلية عن أن الإرهابيين استطاعوا استقطاب (29) من العناصر التى تعتنق الأفكار التكفيرية من الجيزة والقليوبية، تمهيداً لإلحاق بعضهم ضمن عناصر هذا التنظيم، وأن البعض الآخر تولى تدبير ونقل الدعم «اللوجيستى» لموقع تمركزهم بالمنطقة الصحراوية، حيث أمكن ضبطهم جميعاً عقب تتبع خطوط سيرهم وتحديد أوكارهم.
- وهنا يمكن القول إن هذه الرواية هى ذاتها التى أكدها الإرهابى عبدالرحيم المسمارى فى حديثه التليفزيونى عندما قال: «إنهم استطاعوا تجنيد أعداد من المصريين، من بينهم مصرى يدعى «بوكا»، كانت مهمته مع الآخرين توفير المؤن والطعام بعد دخولهم مصر، كما أنه أكد ما ذكرته وزارة الداخلية من أن العناصر الإرهابية التى نفذت حادث دير الأنبا «صموئيل» بالمنيا انضمت إلى كيانهم الذى كان متمركزاً فى الواحات، بعد إعلان هذه العناصر انفصالها عن تنظيم «داعش» الإرهابى.
ثامناً: ثبت عملياً تواطؤ دول أجنبية أشارت إليها وزارة الداخلية فى بياناتها أكثر من مرة فى دعم هذه العناصر التى يجرى تدريبها وتمويلها من الخارج، خاصة أن الإرهابى الليبى أكد ذلك بقوله إن الشيخ حاتم هو من يقوم بالتواصل الخارجى، وإنه يمتلك «2» تليفون من ماركة الثريا (غالى الثمن) والذى لا يمكن الحصول عليه بسهولة، وإن أعضاء التنظيم لم يكن لديهم علم بالأشخاص الذين كانوا يتصلون بالإرهابى حاتم، وقال: كان معه حقيبة من المال، ولكن لا يعلم مصدر هذه الأموال، ولا يجوز له أن يسأل عنها.
إن ذلك يؤكد بلا جدال الدور الخفى للقوى الأجنبية، وهنا يبرز دور قطر التى لها باع طويل داخل الأراضى الليبية، والتى كانت وما زالت اللاعب الأساسى فى تمويل الثورة على «القذافى»، بدليل أن هذا الإرهابى نفسه يقول إنه بعد ثورة ليبيا 2011 اقتنعت بالأفكار الجهادية من خلال انتشار العناصر الإسلامية وكثرتها فى بلدته «درنة» ومنها كتيبة أنصار الشريعة وكتيبة أبوسليم وكتيبة النور، الذين كانوا يتبنون الأفكار السلفية الجهادية، وإنه هو شخصياً انضم إلى عملياتها المسلحة ضد نظام القذافى. {left_qoute_1}
تاسعاً: عندما تحدث الإرهابى الليبى عن الأوضاع الأمنية فى ليبيا، مقارنة بالأوضاع فى مصر، قال إنه يستطيع التحرك بحرية على الأرض الليبية وإنه يحمل سلاحه على كتفه والناس تعرفه بالاسم، ويجد أمامه ليبيا بلداً مفتوحاً لتحركاتهم، بينما فى مصر العكس من ذلك تماماً فالأمن والجيش يحكمان قبضتهما ويضيقان الخناق على الإرهابيين، والدليل هو البقاء لأكثر من عشرة أشهر فى الصحراء دون القدرة على تنفيذ عملية إرهابية واحدة، وعندما تقرر التنفيذ اقتحم الأمن أوكارهم فى 20 أكتوبر الماضى.
عاشراً: فى الاجتماع الذى عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد الحادث بقليل بحضور وزيرى الدفاع والداخلية بالإسكندرية، كلف الرئيس بالثأر سريعاً للشهداء الذين سقطوا وتحرير الضابط محمد الحايس من قبضتهم حياً، وتعهد القائد العام وتعهد وزير الداخلية، أمام الرئيس، بأنه لن يغمض للرجال جفن إلا بعد الثأر وتحرير الضابط المختطف.
ومنذ هذه اللحظة تحركت أجهزة المعلومات الأمنية «الأمن الوطنى، المخابرات العامة، المخابرات الحربية»، واستخدمت أساليب التكنولوجيا الحديثة، وحددت الموقع بعد أن أخطأ الإرهابيون وقاموا بفتح هاتف النقيب محمد الحايس واستعانوا بقصاصى الأثر، وأبناء البدو الذين يعرفون هذه المناطق جيداً.
كانت كل المعلومات تشير إلى أن العناصر الإرهابية لم تذهب بعيداً، تحركت القوات الجوية وعناصر الصاعقة والمظلات، ومعهم رجال القوات الخاصة من الشرطة المصرية، حملتهم طائرات الهليكوبتر، وبدأت تنفيذ الخطة؛ ضربوا السيارات المحملة بالإرهابيين، أحرقوهم فيها، استطاعوا أن يحرروا محمد الحايس، وأن يطاردوا الإرهابى عبدالرحيم المسمارى، وعندما جرى تنفيذ العملية والقبض عليه، تم إبلاغ الرئيس بالوقائع كاملة.
تم الاتفاق على عدم الإعلان عن القبض على الإرهابى الليبى، لحين الحصول منه على المعلومات الكاملة حول الحادث وملابساته، والعناصر التى تم تجنيدها، وحلقات الاتصال بين التنظيم وبعض التنظيمات الإرهابية الأخرى، وكشف العلاقة التى تربط بين جماعة الإخوان والجماعة التى يقودها الضابط السابق الذى تم فصله من الجيش المصرى وهو الإرهابى عماد عبدالحميد، والتى جرت حوارات حولها على الأرض الليبية.