كيف نجحت الكلاب في اختراق الفضاء قبل الإنسان؟

كتب: صفية النجار

كيف نجحت الكلاب في اختراق الفضاء قبل الإنسان؟

كيف نجحت الكلاب في اختراق الفضاء قبل الإنسان؟

أطلق الاتحاد السوفيتي سابقًا، روسيا حاليًا مجموعة من الكلاب الضالة إلى الفضاء المجهول المظلم، قبل ظهور رواد الفضاء لتسبق الكلاب الإنسان في الوصول إلى الفضاء، والعجيب أن نسل هذه الحيونات ظلت في الفضاء ترصد وتمد البشر بالمعلومات.

كان من بين هذه الكلاب "لايكا" الكلبة الشهيرة التى تم تثبيتها داخل كبسولة الفضاء الضيقة "سبوتنيك 2"، في الثالث من نوفمبر عام 1957، التى لم يوجد مثلها على الإطلاق وذلك بسبب الظروف التى مرت بها حيث أمر الزعيم السوفيتى نيكيتا خروتشوف بإطلاقها خلال شهرٍ واحد فقط بعد نجاح مهمة "سبوتنيك 1" في الرابع من أكتوبر من العام نفسه، وفي ظل السعي الدؤوب لإطلاقها في الموعد المحدد، لم يلق أحد وقت للتعرف على كيفية الكلبة "لايكا" إلى الأرض وهي على قيد الحياة.

وفى عام 2002 أكُتشف أن "لايكا" لم تبق حية سوى لسبع ساعات فقط ، قبل أن تموت لإصابتها بالذعر والإنهاك الحراري.

ويقول دوغ ميلارد المسؤول عن قسم الفضاء في متحف لندن للعلوم: "هذه المهمة رحلة في اتجاه واحد، حيث كانت في ذروة الحرب الباردة، وكان الأمر خطيراً يتعلق بالصراع بين القوى العظمى، وبمجرد وصول الكبسولة إلى المدار، قيل للعالم إن "لايكا" ستظل على قيد الحياة لمدة أسبوع تنعم فيه بالراحة وسط كميات وفيرة من الماء والغذاء، قبل أن تموت بسلام ودون أن تشعر بألم".

ورغم ذلك، شكلت المهمة بالنسبة للاتحاد السوفيتي نجاحاً دعائياً آخر، وأصبحت الكلبة "لايكا" بطلاً قومياً، وظهر أن الروس أصبحوا متقدمين على الأمريكيين في مجال تكنولوجيا الفضاء والصواريخ، بعدما تمكنوا من إطلاق كبسولة كبيرة الحجم كتلك التي بلغ وزنها 113 كيلوغرامًا وعلى متنها حيوان حي.

ويضيف ميلارد: "بوسع المرء الادعاء بأنه كان لتلك المهمة أثر كبير حققته سبوتنيك 1، حيث تجاوزت الأثر الذي حل بالولايات المتحدة في ظل ثقلها حيث أكدت أن لدى السوفيت القدرة على تجهيز صاروخ ذي رأس نووي وإطلاقه على الولايات المتحدة".

عكف الاتحاد السوفيتي على إطلاق كلاب إلى الفضاء منذ المراحل الأولى لبرنامجه منذ تلك الفترة التي كانوا فيها يبذلون جهوداً مضنية للاستفادة من صاروخ "في 2" الذي ابتكره العالم الألماني فرنر فون براون في العهد النازي، وأصبحت "لايكا" مثلها مثل مركبة سبوتنيك الروسية أيقونةً للجهود السوفيتية الأولى لاستكشاف الفضاء

وكانت أولى الرحلات السوفيتية في ذلك المجال شبه مدارية، وأُرسل على متنها كلابٌ إلى خارج الغلاف الجوي قبل أن يُعادوا إلى الأرض، وعادت غالبية هذه الحيوانات وهي على قيد الحياة، بينما ماتت لايكا، فى الوقت الذى كان فيه الأمريكيون يفضلون إجراء تجاربهم على القردة والشمبانزي، بينما أثر الروس الكلاب لأنه من الأسهل تدريبها، ولكونها تقيم روابط عاطفية بينها وبين البشر، فضلاً عن أنها كانت متوافرة، ولا تكبد أي عناء في العثور عليها.

وكانت كل الكلاب التي استُخدمت إناثاً من سلالات هجينة، وبينما جاء بعضها من متبرعين، كان الجانب الأكبر منها من الكلاب الضالة، يقول الكاتب فيكس ساوثغيت، الذي مؤلف كتب الأطفال المصورة عن برنامج استكشاف الفضاء، إن العلماء يريدون أن تكون الكلاب في صحة جيدة، ولذا ليس بمقدورهم إساءة معاملتها، مشيراً إلى أن هذه الحيوانات تحظى باسمٍاء  ومأوى وتغذية جيدة.

وخضعت تلك الكلاب لتجارب واختبارات طبية وبرامج تدريب مكثفة، لتصبح متوائمة لإرتداءها فضائية ذات أربطة لتثبيتها على أجسامها مع بقاءها حبيسة الكبسولات فضائية، وفي أغلب الأحوال يُوضع كلبان في كل كبسولة، ما أتاح الفرصة للعلماء للمقارنة بين البيانات الخاصة بكلٍ منهما.

وخلال 3 سنوات من مهمة "سبوتنيك 2"، صنعت الكلاب الفضائية الروسية التاريخ من جديد، ففي 19 أغسطس أُطلقت الكلبتان ذاتا الأصل الهجين بيلكا وستريلكا إلى المدار، جنباً إلى جنب مع جرذين وأرنب وعددٍ من الذباب المنتمي لجنس "ذباب الفاكهة"، بالإضافة إلى بعض النباتات.


مواضيع متعلقة