قراءة في بيان تنظيم "أنصار الإسلام" الإرهابي.. استعان بخبرات "القاعدة"

كتب: لطفي سالمان

قراءة في بيان تنظيم "أنصار الإسلام" الإرهابي.. استعان بخبرات "القاعدة"

قراءة في بيان تنظيم "أنصار الإسلام" الإرهابي.. استعان بخبرات "القاعدة"

أثار إعلان تنظيم جديد أطلق على نفسه اسم "أنصار الإسلام"، مسؤوليته عن حادث "اشتباكات الواحات" الإرهابي، الذي وقع في 21 أكتوبر الماضي، وارتقى فيه 16 شرطيًا إلى مرتبة الشهداء، العديد من التساؤلات بشأن هوية التنظيم الجديد، وولاءه وقياداته وعلاقته بباقي التنظيمات.

صباح أمس، شهد صدور أول بيان لتنظيم "أنصار الإسلام" الإرهابي، أعلن فيه مسؤوليته عن أحداث "اشتباكات الواحات" الإرهابي، كأول وجود له في الداخل المصري. وتحاول "الوطن" في هذا التحليل، الإجابة عن هذه التساؤلات.

- جماعات تحمل الاسم ذاته -

ظهر اسم جماعة "أنصار الإسلام"، للمرة الأولى في 5 ديسمبر 2001 بالعراق، حيث نشر البيان التأسيسي لتشكيل "أنصار الإسلام في كردستان"، الذي تشكل من اندماج تنظيم "جند الإسلام، جمعية الإصلاح، حماس الكردية، وحركة التوحيد"، معلنة ولائها لـ"القاعدة"، ونفذت العديد من العمليات في الوقت ذاته، واعتبرتها أمريكا دليلا على علاقة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بتنظيم القاعدة.

 ومع ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي على الساحة، أعلن 3 آلاف من عناصر "أنصار الإسلام في كردستان"، الولاء لأبي بكر البغدادي زعيم "داعش"، في 29 أغسطس 2014، لتصبح الجماعة الإرهابية أحد فروع التنظيم.

وفي 2016 أعلنت مجموعة إرهابية أخرى، تشكيل تنظيم يحمل الاسم ذاته في "بوركينافاسو". واعتبر بعض المحللين والباحثين في القضايا الأمنية ببوركينافاسو، أن لجماعة أنصار الإسلام "ارتباطا"، أو أنها "تشكل امتداد لجبهة تحرير ماسينا في مالي"، المنتمية لجماعة أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي.

- علاقة التنظيم الجديد بـ"القاعدة" -

بتحليل لغة البيان الذي صدر أمس، يتضح أنه استعان بالتعبيرات ذاتها التي داوم "القاعدة" على استخدامها. التنظيم من حيث الولاء ينتمي لـ"القاعدة"، مع تغيير بعض المفاهيم (العدو القريب - العدو البعيد)، التي شكّلت خلافا بين أسامة بن لادن وأبومصعب الزرقاوي.

وكان بن لادن يرى ضرورة محاربة الدول الغربية لأنها هي التي تساند الحكومات العربية، في حين كان يرى الزرقاوي العكس، المتمثل في محاربة الحكومات العربية أولا. وهذا هو محور الخلاف الرئيسي بين "داعش" و"القاعدة".

والمفردات الواردة في بيان "أنصار الإسلام"، هي ذاتها المفردات التي استخدمها الإرهابي هشام عشماوي، في تسجيله الأول "ويومئذٍ يفرح المؤمنون"، الذي صدر في يوليو 2015، وكان مدته 6 دقائق، وحرض فيه على استهداف المؤسسات الأمنية المصرية.

وفي 21 أكتوبر الماضي، بعد انتشار الأخبار عن العملية في الواحات، هنأت قناة "حراس الشريعة" على تطبيق "تليجرام"، وهي تابعة لتنظيم "القاعدة"، العناصر الإرهابية المشاركة في العملية، دون نشر بيانات، وهي القناة ذاتها التي نشرت بيان أمس.

ووفقا للمعلومات المتاحة، فإن "أنصار الإسلام" خليط من جماعات تكفيرية ليبية، انضم إليها "تنظيم المرابطون" الذي أسسه هشام عشماوي أواخر 2014، بعد مبايعة تنظيم أنصار بيت المقدس لتنظيم "داعش".

ووقتها نشبت خلافات بين عشماوي وقيادات "بيت المقدس"، بشأن العلاقة التنظيمية بـ"داعش" و"القاعدة"، فقرر عشماوي ومعه عماد عبدالحميد وآخرين، الانشقاق وتشكيل "المرابطون" والاستمرار في الولاء لـ"القاعدة".

- الرابط بين تنظيمي "المرابطون" و"أنصار الإسلام" -

تشكل تنظيم المرابطون على خلفية الخلاف بين عشماوي وقيادات بيت المقدس (أبوأسامة المصري وكمال علام وغيرهم). والعلاقة بين الطرفين بدأت في 2011 و2012، حين أراد "بيت المقدس" الخروج من سيناء لتشكيل خلايا في الدلتا تسمى بـ"خلايا الوادي"، فتلاقت الأهداف ونفذت مجموعة عشماوي عمليات إرهابية كتفجير مديرية أمن الدقهلية، ومحاولة استهداف اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، وعملية الفرافرة الأولى والثانية، وبعد الانشقاق استهدفت هذه المجموعة النائب العام الراحل المستشار هشام بركات.

ويعد من أبرز قيادات هذا التنظيم عماد الدين عبدالحميد، الذي أعلن "أنصار الإسلام" مقتله في عملية الواحات، وعماد وكنيته "أبوحاتم"، ويحمل أسماء أخرى مثل "مصطفى" و"رمزي"، من العناصر الإرهابية الخطرة، وهو الرجل الثاني في تنظيم "المرابطون"، الذي أسسه الإرهابي هشام عشماوي، ويتولى تنفيذ العمليات في مصر، عبر الصحراء.

و"عبدالحميد" من مواليد الإسكندرية، ويبلغ من العمر 36 عامًا، فُصّل من القوات المسلحة، وكانت رتبته نقيب في سلاح الصاعقة، وأُحيل للعمل المدني بقرار جمهوري لدواعٍ أمنية بعد اعتناقه الفكر التكفيري، وهو المتهم العاشر في قضية أنصار "بيت المقدس 1".

شكّل "عبدالحميد" مع الإرهابي هشام عشماوي (المتهم رقم 9 في قضية الأنصار رقم 1)، في مدن الدلتا بالعام 2011، ما يعرف بـ"خلايا الوادي"، وهي الخلايا التي كان يسعى تنظيم "بيت المقدس" الإرهابي، لتأسيسها في محافظات الدلتا للخروج من سيناء.

وتولى "عبدالحميد" عملية التدريب الميداني مع زميله هشام عشماوي لعناصر التنظيم. وانشق مع عشماوي في العام 2014، وشكلا تنظيم "المرابطون"، بعد إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس ولائه لـ"داعش" وسافر إلى ليبيا مع عشماوي، ليقيما في مدينة درنة.

وقالت زوجة هشام عشماوي في التحقيقات، إنه بات في شقة زوجها ليلة محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وكانا يخططان للعملية مع زميلهما وليد بدر، الذي قتل في العملية، ونفذا عملية الفرافرة الأولى في يونيو 2014 وعملية الفرافرة الثانية في سبتمبر من العام ذاته.

وفي عملية الفرافرة الثانية، أصيب هشام عشماوي، وانتقل للعلاج في ليبيا، وبالتحديد في مدينة درنة، وأصدر بعدها "داعش ليبيا" بيانا حرض فيه على هشام وعمر رفاعي سرور، وطالب عناصره باستهدافهما. وجرت عمليات تصفية بين مجموعة هشام وعناصر "داعش"، فاندمج هشام ومن معه مع الجماعات الموالية للقاعدة في ليبيا بالعام 2015، ليخرج منها "أنصار الإسلام".

- توقيت البيان -

تساءل الكثيرون عن الأسباب التي أخرت صدور بيان التنظيم، رغم أن العملية كانت في 21 أكتوبر الماضي، ويمكن إرجاع ذلك لسببين، أولهما أن العملية كانت مباغتة من الشرطة وليس عملية مخطط لها من قبل عناصر التنظيم. واعتادت التنظيمات الإرهابية، تبني العمليات التي تخطط لها فقط، واضطرت لإصدار هذا البيان لتنعى عناصرها فقط.

الأمر الثاني الذي يمكن ترجيحه، أن هذه العناصر كانت تخطط لإصدار تسجيل مصور لهذه العملية، بعد عودة عناصرها لليبيا، إضافة إلى إجبار النقيب محمد الحايس، الذي حررته قوات الأمن، على الظهور في الفيديو، لكن بمقتل العناصر الإرهابية كافة، فشلت خطة التنظيم.

- العلاقة بين هشام عشماوي والعناصر الإرهابية في سيناء -

بعد الانشقاق عن أنصار بيت المقدس، بسبب الولاء لـ"داعش"، وصل الأمر لمرحلة التصفية، وأصدر وقتها تركي البنعلي، أحد أهم شرعيّ تنظيم "داعش"، وقتل مطلع يونيو العام الحالي، تعميما طالب فيه بـ"رقبة" عشماوي ومن معه، لكن مع تغيير الظروف في سيناء، ومقتل كل من كانوا على خلاف مع عشماوي وصعود آخرين كانوا على علاقة قوية به، وتغيير الظروف بسبب الضغوط والضربات الأمنية في سيناء وسوريا والعراق، التي يتعرض لها العناصر الإرهابية، تحسنت العلاقة بين الطرفين مجددا، وصارت قائمة على "المنفعة" أكثر منها خلاف فكري.


مواضيع متعلقة