«البحوث الاجتماعية والبدلات» وثقافة «الاستخسار».. أشهر وسائل «الإهدار»

كتب: محمد الدعدع

«البحوث الاجتماعية والبدلات» وثقافة «الاستخسار».. أشهر وسائل «الإهدار»

«البحوث الاجتماعية والبدلات» وثقافة «الاستخسار».. أشهر وسائل «الإهدار»

تتعدد أشكال وأساليب إهدار الدعم فى مصر، فمنافذ تسربه كثيرة، وعلى الرغم من أن أبسط الشواهد الحية الدالة على هذا الإهدار هو استفادة نسبة كبيرة من المواطنين منه دون حاجة فعلية إليه، كما أن المنظومة تعانى ثغرات أخرى كثيرة، أحد سُبلها البحوث الاجتماعية التى تُعدها إدارات الشئون الاجتماعية بالقرى والمدن المختلفة.

«والاستفادة بكثير من خدمات الدعم تبدأ ببحث اجتماعى، ولعل أبرز هذه الخدمات، الحصول على بطاقات التموين لفئات بعينها، ووحدات الإسكان الحكومية بنظام الإيجار، ومعاشات الضمان الاجتماعى، ومساعدات بنك ناصر الاجتماعى المالية لطلبة الجامعات وأصحاب المعاشات وذوى الإعاقة، والعلاج على نفقة الدولة، والإقامة بالمدن الجامعية، وغيرها الكثير»، يقول موظف مسئول بإحدى إدارات الشئون الاجتماعية. «الوطن» استمعت لشهادات وتجارب عدد من المواطنين سبق أن استفادوا بأحد أشكال هذا الدعم دون وجه حق يذكر، عملاً بقاعدة «أدفع ليه لما ممكن مدفعش». محمود عبدالتواب، أحد هؤلاء الذين سبق أن استفادوا بدعم الدولة لمصروفات تعليمه الجامعى رغم ما تتمتع به أسرته من ملاءة مالية تغنيها عن هذا الدعم، يقول «محمود» الذى ينتمى إلى إحدى محافظات دلتا مصر: «جرت عادة الكثيرين فى قريتى أن يتوجهوا إلى إدارة الشئون الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، بغرض عمل بحث اجتماعى للإعفاء أو تخفيض مصروفات الجامعة، مستغلين معرفتهم وقرابة الكثيرين منهم بموظفى الإدارة، خاصةً أن القرية كلها أقارب تقريباً»، يتابع «محمود» قائلاً: «الأمر مش أكتر من ورقة بحث اجتماعى مطبوعة سلفاً، وديباجة واحدة تقريباً يعرفها الموظف بحكم عمله، فيكتب بصيغة شبه ثابتة دون انتقال فعلى أو تحرٍ: (إنه بالانتقال إلى مسكن المذكور تبين أنه شقة إيجار مكونة من غرفتين وصالة، والأم مريضة ولا تعمل فيما يعمل الأب براتب لا يتجاوز 600 جنيه) فى محاولة للبرهنة على احتياج الطالب للإعفاء من مصروفاته، واستحقاقه للدعم، وهذا بالطبع يتم مجاملة من الموظف أو الموظفة للطالب بفرضية أن كل الطلاب غلابة وأن الظروف صعبة وإلى آخره من المبررات غير الحقيقية»، ويستكمل «محمود» حديثه، قائلاً: «للأسف المسألة كلها كانت (تستيف) أوراق، ورقة بتعملها الشئون الاجتماعية وبتتقدم لإدارة شئون الطلاب فى أى جامعة حكومية، والنتيجة قطعاً إعفاء الطالب أو على الأقل تخفيض مصروفاته بنسبة لا تقل عن 50%، وعلشان كده كتير جداً من الطلاب، حتى فى قريتى، بيرفضوا سداد كل المصروفات بمبدأ (ليه أدفع لما ممكن مدفعش).

{long_qoute_1}

كمال محمد، شاهد آخر على إحدى طرق تسرب الدعم إلى غير مستحقيه، يقول لـ«الوطن»: «تخرجت فى الجامعة قبل 3 سنوات، وقمت باستيفاء أوراق الخدمة العامة لكى أستفيد من الأقدمية سنة فى حال توظيفى بالحكومة، ومدة الخدمة العامة سنة، يتم تكليفى خلالها بأداء خدمات عامة كمحو أمية من لا يعرف القراءة أو الكتابة، أو غيرها من الخدمات الجماهيرية والتوعوية، ولم أشارك إطلاقاً فى أداء أى من هذه الخدمات، ولم أكن حاضراً فى أى منها، وحينما انتهت السنة، ذهبت كى أتسلم الشهادة، فطلبوا منى التوقيع على تسلمى مبلغ نحو 70 جنيهاً تقريباً، إجمالى بدل شهرى يصرف لمؤدى الخدمة العامة، وعرفت أن فى الأمر سجلات لتسجيل الحضور والانصراف، وهناك من كان يوقع بالحضور والانصراف بدلاً منى، لم يهمنى الأمر كثيراً وانصرفت دون مطالبتهم بأى مستحقات مالية، طالما أنا فى المقابل لم أؤد أى خدمات أستحق عنها أى أموال». ويشير مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2017 - 2018 إلى أن الحكومة خصصت 77 مليون جنيه، تحت بند «إعانات الشئون الاجتماعية»، إلى جانب 5 ملايين جنيه فى بند «مزايا اجتماعية أخرى»، و4.8 مليون جنيه لبند «المنح والمساعدات»، ضمن مخصصات الحماية الاجتماعية البالغة 300.5 مليون جنيه، مقابل 187.3 مليون جنيه بموازنة 2016 - 2017.


مواضيع متعلقة