سيف الدين قطز.. باع كل ما يملك لخوض الحرب ضد التتار ومات "غدرا"

سيف الدين قطز.. باع كل ما يملك لخوض الحرب ضد التتار ومات "غدرا"
- بيت المال
- تاريخ الإسلام
- تاريخ مصر
- جند الله
- حب مصر
- حياة الترف
- دعم الجيش
- عام واحد
- عرش مصر
- عين جالوت
- قطز
- بيت المال
- تاريخ الإسلام
- تاريخ مصر
- جند الله
- حب مصر
- حياة الترف
- دعم الجيش
- عام واحد
- عرش مصر
- عين جالوت
- قطز
في تاريخ مصر على مر العصور، هناك من حفر اسمه بحروف من نور، مخلدا قصته وبطولاته التي يتحاكى عنها الجميع، ومن بين هؤلاء العظماء المظفر "سيف الدين قطز"، ذلك الرجل الذي خلد اسمه ببطولاته الباسلة وكسره لشوكة المغول، واعتبره المؤرخون أبرز ملوك دولة المماليك، رغم أن فترة حكمة لم تدم سوى عام واحد.
اسمه الأصلي محمود بن ممدود ابن أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه، كان أميرا في طفولته، لكنه لم ينعم بحياة الترف طويلا، فقد اختطف عقب انهيار الدولة الخوارزمية على يد المغول، وتم بيعه في سوق الرقيق، حيث أطلق عليه اسم قطز، إلى أن انتهى به المطاف مملوكا لعز الدين أيبك، أحد أمراء المماليك في مصر، وبعد قصة كبيرة في الصراع على العرش نتيجة وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، أصبح أيبك سلطانا على مصر قبل أن يقتل ويتولى ابنه الصغير نور الدين الحكم، الأمر الذي هز هيبة الدولة كثيرا وأدخلها في عدة صراعات، ليقرر قطز عزل السلطان الطفل نور الدين، وتولي عرش مصر.
بعد توليه حكم البلاد، وحد قطز المماليك خلف هدف واحد وهو وقف زحف التتار وكسر شوكتهم، لكن عملية تجهيز الجيش لم تكن هينة، واحتاجت أموالا كثيرة جدا، وهو ما دفع قطز لطلب فتوى شرعية بفرض الضرائب على الناس لدعم الجيش، ليصدمه الشيخ العز بن عبدالسلام برفض الأمر، ويفيته بفتوى ذكرها الذهبي في كتابه "تاريخ الإسلام"، والسيوطي في كتابه "تاريخ الخلفاء"، حيث قال العز بن عبدالسلام: "إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم؛ بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء، وأن تبيعوا ما لكم من الممتلكات والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا"، فاستجاب قطز لكلام الشيخ وبدأ بنفسه، فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك، فانصاع الجميع، وتم تجهيز الجيش كله.
ويذكر المقريزي في كتابه "السلوك لمعرفة دول الملوك"، ما دار بين قطز ورسل هولاكو الذين جاءوا حاملين رسالة التهديد والوعيد، والتي جاء فيها "بسم إله السماء الواجب حقه، الذي ملكنا أرضه، وسلطنا على خلقه، الذي يعلم به الملك المظفر الذي هو من جنس المماليك، صاحب مصر وأعمالها، وسائر أمرائها وجندها وكتابها وعمالها، وباديها وحاضرها، وأكابرها وأصاغرها، إنا جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غيظه، فلكم بجميع الأمصار معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وسلموا إلينا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء، ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرق لمن اشتكى، فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، فعليكم بالهرب، وعلينا بالطلب، فأي أرض تأويكم؟ وأي بلاد تحميكم؟ وأي ذلك ترى؟ ولنا الماء والثرى؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من أيدينا مناص؛ فخيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، ورماحنا خوارق، وسهامنا لواحق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع، والجيوش لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يسمع".
كانت رسالة التتار مرعبة، فرأى بعض قادة الجيش الاستسلام، لكن قطز لم ترهبه الرسالة، وقال للأمراء والقادة ناهر ومحمسا: "أنا ألقى التتار بنفسي، يا أمراء المسلمين؛ لكم زمان تأكلون من بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، وإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين عن القتال"، فاستجاب الأمراء لسلطانهم وأعلنوا استعدادهم للقتل، قبل أن يقطع قطز رؤوس رسل هولاكو، ويبقي على أحدهم ليحمل الأجساد لهولاكو.
في 25 من رمضان سنة 658 هجرية، هزم المسلمون بقيادة قطز ورجاله التتار في معركة "عين جالوت" الشهيرة، قبل أن يطهر المسلمون بلاد الشام كلها منهم، ويعلن قطز توحيد مصر والشام من جديد في دولة واحدة بعد عشر سنوات من الفرقة بدات بعد وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب.
وفي مثل هذا اليوم 24 من أكتوبر عام 1260، تعرض السلطان المظفر قطز للخيانة من قبل أمراء الجيش، وقتل على يد ركن الدين بيبرس السلطان في أثناء عودة الجيش إلى مصر، وهو الحادث الذي اختلف المؤرخون حوله، حيث ذهبت أغلب الروايات إلى مقتله على يد الأمراء مجتمعين، ومنها رواية الإمام ابن كثير التي جاء فيها "كان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري قد اتفق مع جماعة من الأمراء على قتله، فلما وصل إلى هذه المنزلة ضرب دهليزه، وساق خلف أرنب، وساق معه أولئك الأمراء فشفع عنده ركن الدين بيبرس في شيء فشفعه، فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه أولئك الأمراء بالسيوف فضربوه بها، وألقوه عن فرسه، ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه".