رئيس لجنة الإفتاء بإفريقيا: الخروج على الولاة يؤدي لفتنة ومفسدة أعظم

رئيس لجنة الإفتاء بإفريقيا: الخروج على الولاة يؤدي لفتنة ومفسدة أعظم
- القضايا الهامة
- المشكلات السياسية
- المصلحة العامة
- النصوص الشرعية
- حل المشكلات
- رئيس لجنة
- ردود أفعال
- عميد الكلية
- أئمة
- أحداث
- القضايا الهامة
- المشكلات السياسية
- المصلحة العامة
- النصوص الشرعية
- حل المشكلات
- رئيس لجنة
- ردود أفعال
- عميد الكلية
- أئمة
- أحداث
قدم د. محمد أحمد لوح رئيس لجنة الإفتاء في اتحاد علماء إفريقيا وعميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال بحث للأمانة العام لدور وهيئات الفتوي في العالم برئاسة الدكتور شوقي علام حول «الفتوى ودعم القضايا الإنسانية المشتركة».
وقال لوح في بحثه: خطر الفتوى عظيم على المفتي وعلى المستفتي وعلى المجتمع كله إذا تولاها من ليس أهلًا لها، فمتى كانت الفتوى على الاستقامة جارية على سنن الاستنباط السليم كان لها الأثر الإيجابي في حفظ المجتمع الإنساني من التصدع والانهيار، ولا تستقيم الفتوى ما لم توازن بين المصالح والمفاسد، فإن أدَّت المصلحة إلى مفسدة موازية أو راجحة، فلا اعتبار حينئذ بتلك المصلحة، وكثيًرا ما يقع الخطأ في هذا الباب حين يتعلَّق الأمر بالفتاوى الخاصة بإنكار المنكر ، ومن تطبيقات هذه القاعدة الإنكار على الولاة بالخروج عليهم؛ لأنَّ هذا الخروج سيؤدي حتمًا إلى فتنةٍ ومفسدةٍ أعظمَ، وخطورة الخروج على الولاة قد نبَّه عليه أئمة الإسلام قديمًا وحديثًا
وأضاف: من سمات الفتوى الرشيدة أنها تتغير زمانًا ومكانًا وحالًا، وتغيُّر الفتو: هو انتقالها من حالة كونها مُبينة لمشروعية الحكم إلى حالة عدم المشروعية، فيصبح الحكم ممنوعًا بهذه الفتوى بعد أن كان مشروعًا، أو بالانتقال من حالة المنع إلى ضدها، فيصبح الحكم مشروعًا بعد أن كان محظورًا، بناءً على أمر مستجد هو أقربُ إلى تحقيق المصلحة والعدل؛ نظرًا لكون المناط الذي هو مستند الحكم الأول قد انتقل إلى ما يقتضيه الاجتهاد الجديد، والفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه -وإن كان ثابتًا على الأصول والكليات- فإنه مرن ومتطور ومتغير في الفروع والجزئيات التي تركتها النصوص الشرعية قصدًا لإفساح مساحة للاجتهاد، والنظر فيما يحقق المصلحة العامة، ويراعي المقاصد الشرعية رحمة بالأمة، وتوسعة على الإنسانية، فالمجال في هذا الباب رحب ومرن، تتحرك فيه اجتهادات المجتهدين بيسر وسهولة عن طريق القياس المنضبط بشروطه وقيوده، وعن طريق المصلحة المرسلة التي لم يَرِدْ فيها نص خاص باعتبارها أو بإلغائها، مع دخولها تحت النصوص العامة.
وتابع: اعتبار قاعدة تغير الفتوى بتغير موجباتها وما لها من أهمية، فإن المفتي يلزمه -ولا بد- أن يتفقه في هذا الباب، حيث يعينه في نوازل القضايا الإنسانية المتجددة، ويحمله على أن يتمهل قبل أن يصدر فتواه، ويستكمل أدوات النظر والاجتهاد، كذلك إذا تبين أن الفتوى الصادرة بحق القضايا الإنسانية جاءت من جهات لا تفقه الواقع العالمي وتعقيداته ومستجداته السياسية والاقتصادية والعمرانية، ولا تراعي الاختلاف بين مكونات هذا الواقع الحضاري الإنساني ومكونات الواقع الإسلامي، فإن تلك الفتوى سوف تكون خطرًا على الأمن المحلي والعالمي، ولن تقبل عند العلماء العارفين بقضايا هذا العالم؛ فإن أصحابها لا يعرفون الواقع الخاص بهم ولا يفقهونه، فضلا عن الواقع العالمي المعاصر. وعندها تفقد الفتوى فاعليتها ولا يتحقق المقصود الشرعي من وجودها.
وقال رئيس لجنة الافتاء باتحاد علماء افريقيا: من القضايا الهامة التي لها دلالتها الفقهية وفائدتها الاستدلالية حتى لا تحمل النصوص على غير محاملها، ويتعلق الأمر هنا بمعرفة أفعال النبي عليه الصلاة والسلام وتروكه والأسباب الحاملة عليها، وهو ما يمكن أن نسميه بــ "التفريق بين علم الفقه وعلم السياسة الشرعية"، فهناك عدد هائل من النصوص تتعلق بالحكم والسياسة العامة للدولة، ليس المخاطب بها أفراد الأمة، والجهل بها أدى إلى الظلم وإظهار الإسلام في صورة سيئة منفرة، وفي عصر المؤسسات تكون أهم أدوات حل المشكلات السياسية والاضطرابات هي سن الأنظمة التي تعكس هوية المجتمع والدولة، ولأجل ذلك فمن السياسة الشرعية الحرصُ على تقوية قدرة الدولة على مجابهة المشكلات والاضطرابات، وهذا يتطلَّبُ ضبطَ كثيرٍ من التصرفات السياسية التي تراها النظم البشرية من المباحات، وإن أدَّت إلى مفاسدَ لا تخفى على أحد، وهذا الأمر يتطلب تنشيطَ دُور وهيئات الإفتاء لإعادة النظر في كثير من الفتاوى القديمة بعد فحْص الأوضاع الجديدة والطارئة على العالم المعاصر.
وأختتم بقوله: إهمال النظر إلى ما تؤول إليه الفتوى يفسر لنا ما نراه من بعض الناس من حماس زائد، واندفاع متهور، وعواطفَ ملتهبة، عند وقوع بعض الأحداث التي تعصف بالأمة؛ فترى أولئك يفقدون الحكمة، ويسارعون في ردود أفعال غير مدروسة، ويتسابقون في اقتحام الميادين الصعبة، والمسالك الوعرة دون تثبت ولا تروٍّ ولا مشاورة كبير أو خبير. وبعد أن تنجلي الأحداث، وتهدأ العاصفة، يتبين لأولئك المتسرعين أن عاقبةَ سعيهم لم تكن محمودةً، وأن الأمر لم يكن على ما تصوروه، وأن العاقبة كانت أشدَّ وقعًا، وأعمقَ أثرًا، وأفدْحَ ضررًا على المجتمع الإنساني.