خبراء أمن المعلومات: «الإنترنت المظلم» ساحة للدمار خارج السيطرة

كتب: حسن عثمان

خبراء أمن المعلومات: «الإنترنت المظلم» ساحة للدمار خارج السيطرة

خبراء أمن المعلومات: «الإنترنت المظلم» ساحة للدمار خارج السيطرة

حذر خبراء فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مستخدمى الإنترنت من الدخول على ما سموه بمواقع «الإنترنت الأسود أو المظلم»، مؤكدين أنه ليس مكاناً للعب والتسلية، مثل الإنترنت العادى، وإنما هو مكان للجريمة والمجرمين، ومن الممكن أن يدمر البشرية ولا يمكن السيطرة عليه بشكل كامل من جانب الحكومات.

وأوضح الخبراء أن الإنترنت يحتوى على ثلاث طبقات، الأولى وهى الإنترنت العادى الذى يحتوى على محركات البحث العادية مثل جوجل، والثانية طبقة الإنترنت العميق وتحتوى على صفحات ويب يمكن لمحركات البحث العادية فتحها من خلال استخدام مفاتيح وأوامر خاصة من شانها اظهار النتائج بشكل محدد وسهل، وأخيراً الإنترنت الأسود، ويمثل تقريباً نحو 96% من محتوى الإنترنت، وهو عبارة عن مجموعة سرية جداً من المواقع التى تحتوى على كل ما تتخيله من ملفات وصور وفيديوهات، يتم تداولها فى بيئة معينة، يتم الدخول عليها من خلال برامج تصفح خاصة بها حيث يتواجد بها اللصوص وتجار المخدرات والعملاء السريين والمنظمات الغير شرعية، بائعى الأعضاء، ومغتصبى الأطفال، والقتلة المأجورين، والمنحرفين، كل يمتلك موقعا يشكل نطاقاً أمنياً خاصاً به.

وقال المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات: إن الإنترنت ينقسم إلى ثلاثة أنواع، أولها هو «سرفيس ويب» أو «الإنترنت العادى»، وهو الجانب الذى يستخدم فى معظم الاحيان من غالبية المستخدمين على الإنترنت، مثل فيس بوك، جوجل، ياهو، وهوت ميل، وغيرها من المواقع العادية التى يستخدمها المليارات من البشر فى أى مكان فى العالم، ويمكن الدخول عليها بمجرد الاتصال بالإنترنت من خلال المتصفحات العادية المعروفة.

وتابع حجاج قائلاً: «النوع الثانى من الإنترنت ويسمى الإنترنت العميق أو «الديب ويب» هو يحتوى على كافة البيانات وصفحات النت الواضحة فى محركات البحث العادية، ولكن يتم الوصول إليها باستخدام مفاتيح بحث خاصة لوجودها فى عمق الإنترنت، علما ان الوصول الى «الديب ويب» من خلال محركات البحث العادية مثل جوجل ، ولذلك يحتوى الإنترنت العميق على معلومات يصعب التوصل اليها بالطرق العادية مثل معلومات تخص الحكومات أو تخص الإرهابيين وأسرار دول».

ويضيف حجاج: «النوع الثالث من أنواع الإنترنت يطلق عليه الإنترنت الأسود أو المظلم، وهو عبارة عن جزء صغير من الإنترنت العميق، ولكن محتواه مختلف عن «الديب ويب» لأنه يحتوى على كافة الأعمال الإجرامية والخارجة عن القانون، التى نعرفها نحن كأشخاص عاديين، ولا نعرفها بمعنى أدق (اللى يخطر على بالك واللى ميخطرش) مثل بيع المخدرات وتجارة الأطفال والأعضاء البشرية وغيرها من المخالفات الإنسانية والإجرامية.

وعن مستخدمى الإنترنت العميق والإنترنت الأسود وكيفية الدخول عليه، يقول حجاج: «مستخدمو الإنترنت المظلم هم الأشخاص الذين لا يريدون لأحد التعرف على هويتهم ، والدخول إلى الإنترنت المظلم يكون أمراً صعباً للمستخدم العادى ويلزم استخدام المتصفح Tor ومن ثم الدخول على الإنترنت الأسود، وأن «tor» اختصار لعبارة «The Onion Router».

ويوضح: «Tor تور هو أشهر المتصفحات للدخول إلى عالم الظلام فى الإنترنت، لكن تم إغلاقه من قبل السلطات الأمنية فى مصر، لما يشكله من مخاطر على المستخدمين، ولكن هذا الإغلاق لم يتم بالكامل (نظرا لاستحالة الغلق الكامل) لأن هناك طرقاً ومواقع أخرى من السهل استخدامها للدخول إلى الإنترنت المظلم، موضحاً أن إنشاء متصفح Tor من قبل الشركة الأمريكية «American Navy» كان بهدف خدمة الأغراض العسكرية الأمريكية الخاصة بالبحرية، ولكن بعد ذلك تم السماح باستخدامه استخدامات عامة للأفراد».

يوضح «حجاج» مزايا الدخول إلى عالم الإنترنت المظلم من خلال المتصفح تور Tor فيقول: «Tor يقوم بتشفير البيانات وإخفاء الهوية حتى لا يمكن لأحد التعرف على هوية المستخدم أو التجسس عليه، وعلى سبيل المثال أى شخص إذا دخل على موقع إنترنت عادى مثل فيس بوك أو جوجل من السهل جداً معرفة هويته ومكانه بالضبط والشبكة التى استخدمها فور دخوله على الإنترنت، أما بمجرد دخول الشخص على موقع Tor لا يستطيع أحد معرفة تلك المعلومات، لأن Tor قام بتشفير البيانات السابقة لحظة دخول المستخدم عليه».

وعن إمكانية دخول عالم الإنترنت المظلم من خلال استخدام متصفحات أخرى غير متصفح Tor

أما المهندس أحمد إدريس، خبير أمن المعلومات، وأحد رواد مواقع الإنترنت العميق والإنترنت الأسود، فيقول إنه يدخل إلى هذا العالم لأنه يحتاج إلى المزيد من البرامج التى يستخدمها فى عمله فى أمن المعلومات، واختبار بعض البرامج التى يعمل عليها. ويمكن التعرف على هذه المواقع والهدف منها من خلال إدريس الذى يقول: «الإنترنت المظلم به مواقع مخصصة للتحرش بالأطفال، وفى عام 2015 تم القبض على شخص من أستراليا كان صاحب أحد المواقع الإباحية، وتم الحكم عليه بالسجن 33 سنة بتهمة التحرش بالأطفال، وتضم مواقع التحرش بالأطفال مجموعات هائلة من الصور والفيديوهات الإباحية»، ويتابع إدريس قائلاً: «من المواقع الأكثر جدلاً على الإنترنت المظلم مواقع طهى النساء، هذه المواقع تقدم مجموعة من المعلومات الخاصة بأجسام النساء فقط التى يتم بيعها، ومن الممكن أن يتم تقطيع أى سيدة وطهيها بالبث المباشر على تلك المواقع، مقابل دفع أموال من أشخاص مريضة نفسياً تهوى مشاهدة مثل تلك الفيديوهات، وهناك مواقع لبيع السموم الفتاكة، حيث يتم شراء الأسلحة عبر الإنترنت المظلم مثل ما حدث فى 2015، وتم القبض على شخص لشرائه أسلحة كيماوية عبر الإنترنت المظلم، وهناك شخص آخر حاول الانتحار باستخدام السم الذى اشتراه من الإنترنت المظلم».

وعن مواقع بيع المخدرات، يقول إدريس: «مئات المواقع موجودة على الإنترنت المظلم ومخصصة لبيع جميع أنواع المخدرات فى أى مكان فى العالم، من ضمن هذه المواقع موقع يسمى أمازون، وهو ليس له علاقة بموقع أمازون الذى يستخدمه الناس فى الإنترنت العادى، وهو أحد المواقع المتخصصة فى الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت المظلم، ويعرض جميع أنواع المخدرات وأسعارها وأى أشياء تباع وتشترى مخالفة للقانون، وفى عام 2015 تم اعتقال صاحب هذا الموقع».

{long_qoute_2}

ومن أخطر المواقع الموجودة على الإنترنت المظلم موقع يسمى «تأجير القتلة»، الذى يقول إدريس عنه إنه أحد المواقع الموجودة على الإنترنت المظلم الخاصة بالإجرام، ويوجد فيه أشخاص مجرمون متخصصون فى القتل مقابل أجور معينة، وكل ما على الشخص هو تحديد الدولة التى يعيش فيها الشخص الذى يريد قتله، وتحديد العنوان بالتفصيل فقط، وتتولى العصابة تنفيذ الأمر مقابل مبلغ معين، وهناك مواقع أخرى مخصصة للتجارب على البشر، من خلالها يمكن إجراء أى تجارب على البشر، وليس هذا فحسب، وإنما هناك مواقع متخصصة فى بيع الأعضاء البشرية»، ويؤكد إدريس أنه رأى بنفسه على الإنترنت الأسود مواقع متخصصة فى السحق الإباحى، وهى مجموعة من المواقع الإباحية والجنسية، ومعظم العاملين فى هذا المحرك من الإناث وتكون وظيفتهن إجراء تجارب جنسية مع الحيوانات والبشر أيضاً، وهناك مواقع أخرى متخصصة فى تسريب أسرار الدول، وفى هذا المحرك يتم عرض أسرار الدول الداخلية مقابل دفع الأموال، إلى جانب مواقع المصيدة التى يتم من خلالها الاختراق أو الدخول على أجهزة الأفراد الخاصة والتجسس عليهم والحصول على المعلومات الخاصة لدى الأشخاص وابتزازهم بعد ذلك للحصول منهم على أموال». ويتابع إدريس أنه من أصعب هذه المواقع مواقع تسمى آكلى لحوم البشر، وهى المواقع التى تتخصص فى بيع لحوم البشر أو الأعضاء البشرية مقابل الأموال.

من جانبه شبه الدكتور أحمد بهاء، الأستاذ بكلية الحاسبات والمعلومات بجامعة حلون، المحتوى الخفى بالإنترنت بصورة جبل الجليد الخفى الموجود معظمه تحت الماء، ويشير إلى الجزء الظاهر منه فى الأعلى، وهى الطبقة الواضحة والمعروفة، أما باقى جبل الجليد فموجود تحت سطح المياه، بمعنى أن الإنترنت الذى يستخدمه ملايين البشر هو عبارة عن الجزء البسيط الظاهر أعلى قمة جبل الجليد، بينما باقى الإنترنت موجود فى أعماق البحث التى لا يستطيع أحد الوصول إليها بسهولة، وأضاف أن الإنترنت العميق أو «الديب ويب» هو عالم لا يخضع لأى رقابة، والسيطرة عليه تكاد تكون مستحيلة، وتوجد فى داخله المعلومات الممنوع تداولها، التى يعاقب عليها القانون مثل السوق السوداء ومواقع تعليم صناعة واستخدام الأسلحة والمتفجرات، ويشير بهاء إلى أن شبكة الإنترنت مكونة من طبقات معظمها لا يظهر للمستخدم العادى، ولا يستطيع الوصول إليه، لذلك يعرف باسم شبكة الإنترنت العميقة، وأيضاً يجب أن نعرف أن شبكات الإنترنت التى نعرفها مثل جوجل، وياهو، وفيس بوك وغيرها، لا تمثل سوى من 4 إلى 5% من المحتوى الموجود على شبكة الإنترنت، وأن هناك نحو 94% من المحتوى لا يعرفه المستخدمون، وتوجد فى الجانب المظلم أو الإنترنت العميق، وهى طبقة مثيرة للجدل نظراً لما تمثله من خطورة على المجتمع ونظام الحكم داخل الدولة، ويضيف أن الإنترنت العميق أو الإنترنت الأسود غير قابل للرقابة ولا يمكن السيطرة عليه، لذلك يحتوى على كافة الأعمال الإجرامية، مؤكداً أنه ساحة واسعة للتخريب والتدمير وتبادل كل ما هو ممنوع بين المجرمين والإرهابيين، وهذا ما حدث بالفعل فى عام 2011 عندما أنشأ روس أولبريخت موقع طريق الحرير isilkriad، ويتابع بهاء أن هذا الموقع كان عبارة عن موقع تجارة إلكترونية، ولكن ليس بالمعنى المتعارف عليه، حيث أصبح منصة للتجارة فى أى شىء غير مشروع، بداية من تجارة الأسلحة وجميع أنواع المخدرات والعقارات، مروراً بتجارة الجنس والأعضاء والوثائق الشخصية المزورة أو رخص القيادة غير الحقيقية وبطاقات الائتمان والسلع المسروقة والبرمجيات المقرصنة وغسيل الأموال وغيرها، ويضيف: «بلغ عدد المنتجات المتاحة للشراء على الموقع 10 آلاف سلعة تقريباً، نحو 70% منها مخدرات، كما كان يوجد بالطبع بعض البضائع الأخرى القانونية مثل الكتب والملابس والمشغولات الذهبية، وبعض منتجات التسلية الجنسية، وفى عام 2013 استطاع موقع طريق الحرير تحقيق تجارة ضخمة والسيطرة على سوق تجارة المخدرات والأسلحة، وقد ناهزت هذه التجارة ما يعادل المليار ونصف المليار دولار تقريباً، كما حقق «أولبريخت» ثروة من عملات «البيتكوين» وصلت إلى 90 مليون دولار أمريكى، حيث كان صرف «بيتكوين» وقتها يساوى 266 دولاراً»، وتابع: «فى أكتوبر 2013 تم إغلاق موقع طريق الحرير من قبل المباحث الفيدرالية الأمريكية وتم اعتقال روس أولبريخت بتهمة تهريب المخدرات وواجه أيضاً تهماً بالتآمر لارتكاب قرصنة حاسوبية وغسيل أموال، واستئجار شخص للقتل من أجل التخلص من مستخدم كندى لموقع طريق الحرير حاول ابتزاز الموقع للحصول على أموال من خلال التهديد بالكشف عن هويات الآلاف من مستخدمى الموقع، وفى مايو 2015 صدر حكم بالسجن المؤبد على روس أولبريخت لوضعه خطة أتاحت بيع مخدرات تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار عن طريق الإنترنت لمجهولين باستخدام عملة «البيتكوين» الرقمية حسب ما جاء فى صحيفة الدعوى».. ويطالب بهاء مستخدمى الإنترنت بالحذر وعدم الدخول على مواقع الإنترنت العميق أو الإنترنت الأسود، لأنه ليس مكاناً للعب والتسلية، مثل الإنترنت العادى، وإنما هو مكان للجريمة والمجرمين، وعند الدخول عليه يجب الوضع فى الاعتبار أنك سوف تتعامل مع مجرمين، وأن كل المقومات التى تساعد على انتشار الجريمة متوافرة داخل الإنترنت المظلم.


مواضيع متعلقة