محللة أمريكية: كيف احتفل "داعش" بـ"مجزرة لاس فيجاس" على الإنترنت؟

كتب: مصطفى الصبري

محللة أمريكية: كيف احتفل "داعش" بـ"مجزرة لاس فيجاس" على الإنترنت؟

محللة أمريكية: كيف احتفل "داعش" بـ"مجزرة لاس فيجاس" على الإنترنت؟

منذ صباح يوم الإثنين الماضي، يحاول الأمريكيون تفسير أسباب إطلاق النار الجماعي الذي وقع في لاس فيجاس، وأوقع 59 قتيلا. وبالرغم من إعلان التفاصيل الأولية عن منفذ الهجوم، ستيفن بادوك، 64 عاما، الذي لم يكن له تاريخ في التطرف، لا تزال أسبابه ودوافعه لتنفيذ الهجوم غامضة.

وفي الوقت الذي يحاول الأمريكيون تفسير أسباب "مجزرة لاس فيجاس"، كان مؤيدي تنتظيم "داعش" الإرهابي على موقع "تيليجرام" يحتفلون بالعملية، بعد أن أعلن التنظيم مسؤوليته عن العملية. وشمل احتفال أعضاء التنظيم الإرهابي ترويجا غريبا لحساب باسم "ترجمان أساورتي"، وهو اسم لا يعرفه معظم الناس، ولكن أي من مؤيدي "داعش" الذين لديهم اتصال بالإنترنت يعرفه منذ فترة طويلة.

وتقول ريتا كاتز، مديرة موقع "سايت" لمتابعة المتطرفين، يوفر الاهتمام الذي حظي به حساب "ترجمان أساورتي" وغيره من الشخصيات البارزة المؤيدة لـ"داعش" في مثل هذه الأحداث، لمحة عن الطريقة التي يعمل بها التنظيم على الإنترنت، ما يسلط الضوء على من هم المسؤولين في التنظيم؟ ومن هم مجرد مؤيدين لأفكاره؟

وتوضح كاتز، في تحليل نشر أمس، أن نشاط حساب "ترجمان أساورتي" على الإنترنت كان بمثابة استعداد لتنظيم "داعش" لتبني هجوم لاس فيجاس، حيث بدأ مؤيدو التنظيم بتوجيه روابط دعوات إلى حساب "ترجمان أساورتي" على "تيليجرام" قبل الساعة 9:00 من صباح يوم 2 أكتوبر، وكان رابط الدعوة التالية، التي أرسلت من الحساب في الساعة 8:45 صباحا من ذلك اليوم، مصحوبة برسالة باللغة العربية: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نبقى نؤرقهم، وننصر دولة الإسلام. حياكم الله في الحساب الجديد. محبكم ترجمان الأساورتي".

وتتابع أنه على نحو غير متوقع، تم تحميل صور احتفالية وتهديدات متعلقة بهجوم "لاس فيجاس" على حساب "ترجمان أساورتي"، في رسالة باللغة الإنجليزية والعربية، والتي تسأل الأمريكيين، "أين هو الأمن في لاس فيجاس؟".

ونشر حساب "ترجمان أساورتي" بسرعة محتويات جديدة، تعمل بشكل أساسي كمكتبة لأنصار "داعش"، لإحالة محتوى حملات وسائل التواصل الاجتماعية لدعم هجوم "لاس فيجاس".

وتبنى تنظيم "داعش" هجوم "لاس فيجاس" من خلال وكالة أنباء "أعماق" في الساعة 9:52 بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وتؤكد المحللة الأمريكية أن "ترجمان أساورتي" هو أحد أبرز الوجوه في مجتمع الإنترنت في داعش، منذ 2014. كما أن عددا غير محدد من الأفراد الذين يقفون وراء "ترجمان أساورتي" يشغلون مجموعة إعلامية، تسمى "أساورتي ميديا"، وتنشر مقاطع فيديو ومشاركات ورسومات موالية لتنظيم "داعش" الإرهابي.

وتقول كاتز إن "أساورتي ميديا" هي غالبا من تصمم الصور والجرافيك، مثل الصورة التي تصور البريطاني الشهير "الجهادي جون" يضرب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسكين.

وتوضح أنه من خلال مواقع مثل "تويتر" و"تيلجرام"، يمكن التعرف على حسابات "ترجمان أساورتي" من خلال صورة متكررة للمقاتل الجهادي الشهير أبو خطاب التونسي، القيادي الداعشي الذي قتل منتصف العام الجاري في الرقة، و صور لافتات تروج لعدد من الحسابات وعمليات إعادة إطلاقها لاحقا، وأنشأ "ترجمان أساورتي" وحده مئات من الحسابات على "تويتر".

وتشير إلى أن حسابات "ترجمان أساورتي" تحظى بشعبية كبيرة بين مؤيدي "داعش"، وتلقى الدعم والترويج. وعندما أنشأ حساب "تويتر" الخاص بـ"ترجمان أساورتي"، احتفل به "داعش" بحملة أطلق عليها اسم "الدولة الإسلامية 100".

ويبدو أن تجديد حساب "ترجمان أساورتي" كان غير مباشر، حيث ذكر الحساب يوم 9 مارس 2015 في فيديو رسمي لـ"داعش" من محافظة الرقة، والذي ناقش أهمية وسائل الإعلام لـ"داعش".

في الفيديو، قال أحد المحاوريين "الولايات المتحدة أنفقت ملايين الدولارات لمحاربة تنظيم داعش من خلال وسائل الإعلام"، ورد أحد مقاتلي "داعش": "بعض الإخوة المجاهدين على شبكة الإنترنت، حذفت حساباتهم، ثم أعادوا فتحها، ثم حذفت حساباتهم مره أخرى، حتى وصلت حساباتهم إلى مائة أو أكثر".

حصل "ترجمان أساورتي" على ثناء كبير من المسؤول رفيع المستوى في تنظيم "داعش"، والعضو السابق في جبهة الإعلام الإسلامي العالمي، النمساوي، محمد محمود، وكنيته أبو أسامة الغريب، وهو وجه مشهور منذ زمن طويل للحركة الجهادية العالمية، إما مرتبطا بعمليات إرهابية، أوحاول شن هجمات دامية في الغرب، وظهر في فيديو لـ"داعش" في أغسطس 2015 يعدم سجينا بعد أن دعا إلى تنفيذ هجمات إرهابية قائلا: "إخواني، إما أن تتبعونا إلى هنا مع المجاهدين، أوجاهدوا في ألمانيا أو النمسا. وهذا لا يتطلب الكثير؛ فقط خذ سكين كبير واذهب إلى الشارع واذبح كل كافر تجده".

وتستطرد كاتز أن "داعش" ينظم عملياته الإعلامية بطريقة تجعل رواده الإعلامين، بمعنى عام معزولين عن مجتمع "داعش" الأكبر على الإنترنت. ويحتفظ بهذه المسافة للحفاظ على إنتاج ونشر محتويات متميزة لوسائل الإعلام الرسمية عن وسائل الإعلام غير الرسمية المؤيدة للتنظيم.

وبالرغم من أن "داعش" لا يوفر حسابات محددة للاتصال أو إرسال التقارير، ذكر الأعضاء أنه لا يزال بإمكان الأفراد الاتصال بالمسؤولين داخل التنظيم. وبهذه الطريقة غير المباشرة، يقوم بعض مؤيدي "داعش" بإرسال المقالات الأصلية، والرسومات، وإعلانات الحملات الاجتماعية، وغيرها من العناصر إلى الأفراد المعروف أن لهم صلات بـ"داعش" أوالعاملين في وسائل الإعلام.

والترويج لـ"ترجمان أساورتي" تضمن حساب تويتر الذي يترجم كل تغريداته، ويحمل "هاشتاج" Turjman_English#.

ولتقييم مدى الحاجة لفرد مثل "ترجمان أساورتي" كعضو في "داعش" نحتاج إلى تعريف محدد لـ"داعش" نفسه، هل يتألف التنظيم من مسؤولين ومقاتلين فقط؟ أم أن له أنصاره، الذين ينشرون على الإنترنت فكر التنظيم؟

بمعنى أشمل، فإن التأثير الذي يمارسه "ترجمان أساورتي" على الإنترنت يجعله مادة أساسية لا يمكن إنكارها، ولا يمكن فصلها بشكل كامل عن الهيكل الرسمي لتنظيم "داعش".

 


مواضيع متعلقة