الحياة الأخرى للإرهابيين.. "الجهادي جون" يصنع البقلاوة والزرقاوي يبكي

كتب: مصطفى الصبري

الحياة الأخرى للإرهابيين.. "الجهادي جون" يصنع البقلاوة والزرقاوي يبكي

الحياة الأخرى للإرهابيين.. "الجهادي جون" يصنع البقلاوة والزرقاوي يبكي

وصف المتحدث باسم مؤسسة "كيج"، المهتمة بدعم المعتقلين بقضايا الإرهاب، ومقرها بريطانيا، إن الإرهابي محمد إموازي، المعروف بـ"الجهادي جون"، منفذ عمليات الإعدام وقطع رؤوس الرهائن الأجانب في تنظيم "داعش" الإرهابي، بأنه "شاب جميل، لطيف، أكثر الشباب تواضعا عرفته"، مضيفا أن القاتل الذي يمارس القتل بالسكين والتعذيب الشاذ، أحضر "البقلاوة الفاخرة" إلى أعضاء منظمة "كيج" أثناء الحديث معه، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

وكان أحد الملهمين لإموازي عضو تنظيم "القاعدة" في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، المشهور بقيادة المجموعة التي قطعت رؤوس المخطوفين وتعذيب العديد من الرهائن الغربيين في العراق، بمن فيهم المهندس البريطاني كينيث بيجلي. والزرقاوي، الذي عرف باسم "شيخ الذابحين"، كان يشار إليه أيضا باسم "الباكي كثيرا"، بسبب البكاء أثناء الصلاة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، تحت عنوان "فن صناعة الجهادي"، تسائلت عن ماذا حدث لـ"رجل البقلاوة" وملهمه "الباكي" ليصبح كلاهما قتلة ساديين؟ وتوضح الصحيفة البريطانية أن هناك شيء مؤذي حول هذا الوصف، "لأننا لأسباب منطقية نفكر في الجهاديين، مثل إموازي والزرقاوي، على أنه إنسان قاتل أتوماتيكي، ومكرسين بشكل فردي لارتكاب أكثر الجرائم عنفا"، ولكن كما يقول الأكاديمي النرويجي توماس هيجهامر، الخبير في الحركات الجهادية، إن هذه ليست القصة كلها، مؤكدا أن حتى "الجهاديين" لديهم وقت للراحة. والسؤال هو، ماذا يفعلون في ذلك الوقت؟

وفي عام 2010، وبعد 10 سنوات من الدراسة، أدرك هيجهامر أن "الجهاديين" يفعلون أمورا كثيرة فيما يبدو أنها مختلفة عن صورتهم الوحشية، مثل البكاء والكتابة وتلاوة الشعر والغناء وتفسير الأحلام، وإتقان الأخلاق والاهتمام المفرط بمظهرهم.

و"الجهاد" بالمعنى الذي يقصده هيجهامر هو ظاهرة جديدة نسبيا يعود تاريخها إلى الحرب الأفغانية ضد دول الاشتراكية السوفيتية في ثمانينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين اتخذت أشكالا عديدة في أماكن متنوعة مثل الشيشان والبوسنة ونيجيريا والصومال.

وفي كتاب هيجهامر "الثقافة الجهادية: الفن والممارسات الاجتماعية للإسلاميين المسلحين" تتضح نظرته القريبة لخلفية النشاطات، التي اكتسبت القليل من الاهتمام، وسلوكيات الإرهابيين المسلحين.

وحول إمكانية أن يساء فهم كتاب هيجهامر، الباحث في المؤسسة النرويجية لبحوث الدفاع فى أوسلو، على أنه اعتذار أو تمجيد لـ"الجهاديين"، يقول: "لكي نكون صادقين لم يحدث ذلك لي في البداية، ربما لأنني والأشخاص الذين أعمل معهم نرى أنه لاداعي لإدانة الجهاديين في كل جملة، ومع ذلك بعد أن نشر لي مقال في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، انفجر قسم التعليقات بالغضب، ولذلك أعتقد أن بعض الناس يرون أن هذا مثير للجدل، ولكن بمجرد أن أشرح يتفهم الناس ما أقصده".

وكتاب هيجهامر لا يتحدث عن القتال والقنابل، بل عن طقوس وعادات الجهاديين وملابسهم، وعلاقتهم بالموسيقى والأفلام والروايات والقصص، والرياضة والنكات والطعام.

ويناقش الكتاب الثقافة الجمالية لـ"الجهاديين" وضرورة ذلك لفهم عقليتهم ونظرتهم للعالم.  يقول هيجهامر، في كتابة: "إن ثقافتهم رومانسية للغاية بقدر ما يرى كل واحد منهم نفسه بطل تاريخي أو فارس ذو درع لامع، وفكاهيين بشكل غير متساوي، فبعضهم يمكن أن يكون مضحك جدا ولديه سخرية ذاتية وإلا أن متوسط مستوى السخرية الذاتية منخفض جدا".

ويميل المنضمون الجدد إلى التنظيمات الإرهابية إلى الاستماع إلى الموسيقى الجهادية ومشاهدة أشرطة الفيديو الجهادية قبل أن يفهموا العقيدة أو يشاركون في أي قتال، وهذا يدل على أن الثقافة بمثابة نوع من المداخل إلى الأيديولوجية، وليس العكس. ويقول هيجامر: "إن الثقافة التي يقدمها الجهاديون متعارف عليها من قبل الكثيرين".

ويوضح هيجهامر أن من بين النجاحات الكبيرة للجهاديين استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية وتطبيقات الإنترنت مثل "يوتيوب" وغرف الدردشة. وبدلا من القلق بشأن ما إذا كان "تويتر" حرام أم حلال، فقد سارع "الجهاديون" إلى تبني جميع أشكال وسائل الإعلام الجديدة لقدرتها على الدعاية الدولية، بل أنتج تنظيم "داعش" سلسلة من المجلات وأشرطة الفيديو على الإنترنت.

ويقول الباحث البلجيكي إن "الجهاديين أصبحوا أكثر براجماتية في استعمال ثقافتهم"، ويوضح: "في الثمانينيات كان يوجد مجموعة من المجلات الجهادية التي تنشر في بيشاور في باكستان، وتحتوي هذه المجلات صور لنصفهم تقريبا والنصف الآخر ليس له صور، لأن البعض يعتقد أنه يجب حظر التصوير. وتحولوت من ذلك إلى هذا الضوء اللامع والصوت المرتفع للدعاية الجهادية اليوم".

ولكن ربما يكون مجال الثقافة الجهادية الأكثر إثارة للتناقض هو الذي يتحدث عن المعاناة الإنسانية، وهو موضوع متكرر في الشعر والأغاني والتصوير السينمائي. ببساطة، الجهاديون يميلون لرومانسية محنتهم الخاصة وتتجاهل ما يجلبونه للآخرين، هذه سمة مشتركة بين العديد من القوات المقاتلة الأخرى.

وأحد الأشكال الإبداعية الرئيسية في الثقافة الجهادية، وهو أحد الأشكال الإبداعية القليلة المقبولة - في الثقافة الجهادية هو ما يسمى نشيد، وهو نوع من القصائد الغنائية التي غالبا ما تركز على آلام ومعاناة "المحتلين والمظلومين". وعادة ما يسرد المظالم ويدعو المسلمين الصالحين إلى الإطاحة بالظالم. ويكون نمط النشيد عاطفي. ويقول هيجهامر، غالبا ما يبكي الجهاديون في الحكايات، ومع ذلك فإن فكر قتل اليزيديين، واستعباد النساء، وطرد الناس من أراضيهم لا يلهم سوى الاحتفال. وبعبارة أخرى، فإن كل الجهاديين ليسوا مستاءين من القمع أو المعاناة. فليس هناك أناشيد من وجهة نظر ضحايا الجهاديين. عندما أصدرت داعش حكما يسمح للمقاتلين بممارسة الجنس مع السجناء قبل سن البلوغ، فإنه لم يسبب ذلك أي قصائد تسيل الدموع.

 


مواضيع متعلقة