في 10 مشاهد.. الإمام الحسين من المولد إلى دخول رأسه الشريف القاهرة

في 10 مشاهد.. الإمام الحسين من المولد إلى دخول رأسه الشريف القاهرة
- أرواح الشهداء
- أهل مصر
- الإمام الحسين
- الإمام على
- البيت الحرام
- الحبيب المصطفى
- السيدة زينب
- المدينة المنورة
- بن على
- آل البيت
- أرواح الشهداء
- أهل مصر
- الإمام الحسين
- الإمام على
- البيت الحرام
- الحبيب المصطفى
- السيدة زينب
- المدينة المنورة
- بن على
- آل البيت
"كان النهار، لفظ آخر أنفاسه ومالت الشمس للغروب، مُخلّفة وراءها شفقا عجيبا فى حُمرته الزاهية ووهجه المتألق، ولقد امتد على طول الأفق، وكأنه بساط وضع ومُهِّد لِتعرج عليه إلى جنان الله أرواح الشهداء وعلى غير عادة الطقس والمناخ فى ذلك الحين، وفي تلك الأرض، دوَّت طلقات قوية صادعة كأصوات الرعود.
ولقد حسبها المجرمون، نذيرا لهم ولكن لا فهم أهون على الله من ذلك إنما هي السماء، كانت تطلق مدافعها "تحية تحيَّة إجلال"، للمهمة التي أنجزها الشهداء وتحيَّة استقبال للأرواح التي كانت قد بدأت رحلة خلودها حيث تتلقى من يمين الرحمن ما أعده لها من مثوبةٍ، ونعيم وعطاء".
بهذه الكلمات وصف خالد محمد خالد المفكر الإسلامي مشهد ليل كربلاء "العاشر من محرم" إذ ارتقى الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ابنته وقرة عينه فاطمة الزهراء، في واقعة لن ينساها التاريخ طوال 14 قرن من الزمان.
تعددت المؤلفات على واقعة كربلاء بين كتب التاريخ والسير بل والأدب والمسرح وحظي الحسين بن على باحترام الثائرين في العالم أجمع وأصبح رمزا لكل ثائر رفض الظلم ووقف في وجهه ودفع روحه ثمن لذالك.
-المشهد الأول-
وُلد الحسين بن علي في المدينة المنورة بتاريخ 8 يناير سنة 626م، الموافق فيه 3 شعبان سنة 4هـ.
وأراد أبوه أن يسميه حربا، فسماه جده الحسين، وأذن له في أذنه، ودعا له، وذبح عنه يوم سابعه شاة، وتصدق بوزن شعره فضة.
وكان يقول عنه جده: "حسين مني وأنا منه أحب اللَّه من أحب حسين، حسين سبط من الأسباط".
نشأ الحسين في بيت النبوة بالمدينة 6 سنوات وأشهرا، حيث كان فيها موضع الحب والحنان من جده النبي، فكان كثيرا ما يداعبه ويضمه ويقبله، وكان يشبه جده النبي خلقا وخُلقا، فهو مثال للتدين في التقى والورع، وكان كثير الصوم والصلاة يطلق يده بالكرم والصدقة، ويجالس المساكين، حجَّ خمساً وعشرين حجة ماشياً وكبر الحسين وتزوج إبنة كسرى ملك الفرس وأنجب منها ومن غيرها ستة من الأبناء إستشهدوا جميعاً في حياته ولم يبقى منهم إلا علي زين العابدين المدفون بالقاهرة.
-المشهد الثاني-
كان من شروط الحسن في صلحه مع معاوية أن يتولى الحسن الحكم من بعد معاوية فإن حدث حادث في الحسن فالحسين، فلما أراد معاوية أخذ البيعة لابنه يزيد قام بدس السم للحسن بحسب مروج الذهب للمسعودي وغيره.
فلما مات معاوية كتب يزيد إلى والي المدينة الوليد بن عتبة: (إذا أتاك كتابي هذا، فأحضر الحسـين بن عليّ وعبد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليَّ برؤوسهما، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم وفي الحسـين بن عليّ وعبـد الله بن الزبير والسلام) وقد التقى الوليد بالحسين وطلب منه البيعة ليزيد فرفض الحسين ثم توجه بأهل بيته إلى مكة المكرمة للحج، بينما ذهب عبد الله بن الزبير إلى مكة لاجئاً إلي بيت الله الحرام.
-المشهد الثالث-
خرج الحسين متوجها من مكة المكرمة بعد أن خرج من المدينة، قاصدا البيت الحرام، ومستخيرا ربه بعد أن وصل إليه 17000 توقيع بالبيعة، وعزم وتحرك وقد التف حوله فتيان بني هاشم، ومعهم مجموعة من أنصارهم ومحبيهم، ومن ورائهم كان النساء والأطفال، فلقيه عبد الله بن عباس وقال له: يا بن بنت رسول الله أحق ما بلغني عن عزمك بالخروج إلى تلك الجهات ؟ قال: نعم، فقال: أما وإنهم قد خذلوا أباك وأخاك وما أراهم إلا خاذلوك.. فقال: أما وإني أعلم أن القوم خاذلي .. قال فعلام تخرج يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إن القوم لن يتركوني، وإنهم قاتليي، وأكره أن تنتهك حرمة الحرم من أجلي.
مشى الإمام الحسين ومعه الركب، فلقيه الفرزدق – فقال له الإمام الحسين: يا أبا فراس، كيف خلفت الناس من ورائك في الكوفة؟ فقال: على الخبير وقعت.. إنّي أصف لك حالهم .. يا إبن بنت رسول الله، لقد خلفتهم وقلوبهم معك وسيوفهم عليك.. فقال الإمام: الله المستعان.
اجتمع الإمام الحسين بفتيان بني هاشم، وقال: ماذا ترون؟ فقال أبناء مسلم بن عقيل: أنت إمامنا.. فقال الحسين: إذا نموت على ما مات عليه مسلم لكنه أدركته الشفقة على شباب من عترة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيهم أخوه العباس حامل رايته، وفيهم أولاده علي الأكبر وعلي الأوسط وعلي زين العابدين، وأبو بكر وعمر وعبد الله الرضيع ، وفيهم أبناء أخيه الحسن ، وفيهم أبناء أخته السيدة زينب.
فالتفت إليهم وقال: يا بني، إن القوم لا يريدونكم ولكن يريدونني والليل ساتر فدونكم، وارجعوا يغفر الله تعالى لكم. فالتفت إليه أخوه العباس بن علي: وقال، ما الذي أسمع منك، أتريد أن نرجع إلى المدينة ، فيتلقانا أهلها ونقول لهم: لقد خلفنا وراءنا سيدنا يلقى القتل وجئنا فرحين بالحياة، لا وعزة الله لا يصلون إليك وفينا عرق ينبض فبايعوه على الموت في ليلتهم وكذالك فعل مع الأنصار وكذالك قالوا له أيضاً.
-المشهد الرابع وبشارة جده-
أخذت الحسين سنة من النوم فرأى بشارة جده، وقال للسيدة زينب: رأيت جدي وجدك رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة، وقال لي: يا حسين الليلة تفطر عندنا.
وكان الإمام صائما لأنه كان في يوم عاشوراء، فبكت السيدة زينب: وقالت: واحسيناه، واحسيناه، فقال: ترفقي بنفسك يا أختاه.
وصلى الفجر بالقوم جماعة، ولبس جبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت معه ، وكانت قد قدمت، وجعلها مما يلي بدنه .
فنظرت إليه السيدة زينب، وقالت له: يا حسين، ما لك لبست جبة جدك وجعلتها مما يلي بدنك؟ فقال: إن القوم قد خانوا عهد الله، وما أراهم إلا قاتلي وسالبي ثوبي الذي علي ، وإنا آل بيت لا تظهر عوراتنا على الخلق، فجعلت الجبة مما يلي بدني حتى إذا سلبوا ثيابي الجديدة لم يكشفوا عورتي.
ثم قام وصف الصف ، ولما وقف الإمام بين الصفين، نظر نظرة إلى من خانوا عهد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فسالت دمعته وفاضت، ولمحته السيدة زينب وقالت : ما الذي أرى على وجهك ؟ أتجزع من الموت ، إنك تقدم على أخيك الحسن ، وعلى أبيك علي ، وعلى أمك الزهراء ، وعلى جدك المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالتفت إليها وقال: "إليك عني فليس الحسين بالموت يجزع !!".
فقال: إني نظرت إلى القوم فوجدتهم يدخلون النار بقتلهم إيانا بغير وجه حق ووددت لو يدخلون الجنة .
-المشهد الخامس-
اصطفت الصفوف، وبدأت المعركة، وخاض الحسين رحاها، وبدأ الأعداء يتخللون الصفوف إلى الأمام، وبدأت سيوفهم تنال من ذلك الجسد الطاهر.
كان أول من استأذن أن يقاتل بين يدي الحسين مدافعا عنه ابنه علي الأكبر، وقال: ائذن لي يا أبتاه.. فقال: دونك يا بني .. وقاتل حتى لقي الله تعالى شهيدا ، فنظر إلى ولده ودمه قد سفك على الأرض ، فقبل ولده : وقال اللهم فاشهد ، وتوالى الرجال بين يدي الحسين واحدا تلو الآخر.
واحتدم القتال، وكان من أبناء سيدنا الحسن الذين شاركوا في المعركة مع عمهم الحسين شاب فتى يافعا في الرابعة عشر من عمره ، كان من أشبه آل البيت وجها برسول الله صلى الله عليه وسلم . فانقطع شعذ نعله في المعركة ، انكب على شعذ النعل يصلحه ، فضربه أشقى القوم فصرخ قائلا : واعماه .
فأسرع إلى ابن أخيه، ووجده على الأرض والدماء تسيل من رأسه فأخذ رأسه ووضعها على فخذه: وقال: يعز على عمك أن تناديه يا عماه فلا يجيبك ، ولكن موعدنا الحوض عند جدك محمد صلى الله عليه وسلم
لما بقي الإمام الحسين وحده يقاتل، التفت علي زين العابدين الذى كان مريضا فى ذلك اليوم فرأى أباه وحيدا، والكل مجندل على الأرض ، فقال للسيدة زينب: يا عمة، ناوليني السيف والعصا.. وقال: السيف أقاتل به، والعصا أتوكأ عليها. فخرج الإمام علي زين العابدين الذي لم يتجاوز العشرين على خلاف في سنه، وأخذ يسحب قدميه إلى خارج الخيمة وهو لا يكاد يحمل سيفه بيده، فالتفت الإمام الحسين وقال: يا زينب ، ردي عليا حتى لا ينقطع نسلنا من على الأرض .
-المشهد السادس-
أحاط جنود يزيد بالإمام الحسين، ولما رآهم يضربون الفرس تارة في رجلها وتارة في فخذها أشفق على فرسه، فترجل من على الفرس وأطلقها ، وقام الفارس على قدميه ، وأحاط به أهل الغدر والمكر ، وأخذوا ينالونه بسيوفه .
لما كثرت الجراح بذلك الإمام ، حمل عليهم حملة قوية، ثم أحاطوا به مرة قوية ، فضربه أحدهم على رجله ، وأخذ يقاتل وهو جاثيا على ركبتيه ، وجاء أشقى القوم : شمر بن ذي الجوشن ، فضرب على رأسه فسقط الإمام على الأرض شهيدا.
وجاء أشقى القوم فقطع أشرف رأس في ذلك العصر، فخرج الفرس يجري راكضا إلى الخيام، فلما سمعت السيدة سكينة صهيل ذلكم الحصان، خرجت فرحة لتطمأن أبها، فخرجت ووجدت الفرس بلا الفارس، فنظرت ووجدت رأس الإمام الحسين في جهة وبدنه في أخرى، فصاحت و"حسيناه، وحسيناه، وأبتاه".
فضجت نساء آل البيت من الخيام، وجاءت السيدة زينب ترد السيدة سكينة، إلى خيمتها وأقبل الأعداء وأحاطوا بخيام آل البيت، وأرادوا الدخول وبنات ونساء آل البيت في الخيام، فصاحت السيدة زينب: "ألم يبق فيكم ذو مروءة إذ لم يكن فيكم ذو دين، أما وإن دخولكم على النساء في الخيام أمر تخشى منه العرب قبل الإسلام".
فدخل مجموعة وقيدوا الإمام علي بن الحسين، ورفعوه على الجمل، وأخذوا رأس الإمام الحسين على رمح وضعوها فعلقوها ورؤوس من معها من الأنصار.
وأمر الخيول أن تمر على الجسد الشريف وهو يلبس "جبة" جده النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
-المشهد السابع-
أرسل موكب سبي آل البيت إلى الشام وكان الناس هناك قد غرروا، وقيل لهم ، يقدم عليكم جماعة من الخوارج قد نصر الله أمير المؤمنين عليهم.
فدخل الموكب يشق الصفوف بين الناس، وكان أحد المحبين للعترة المطهرة من بين الناس، ينظر وهو يحترق ولا يملك إلا ألف دينار من الذهب كانت معه، فاقترب من الإمام علي زين العابدين، وقال: "بأبي أنت يا علي بن الحسين ، أنا محب لكم لله ولقرابتكم من رسول الله، ولكني لا أملك لكم اليوم شيئا إلا هذه الألف دينار، فهل تأمرني اليوم بشيء أصنعه ؟ فقال: "نعم بارك الله فيك ادفع هذه الدنانير إلى حملة رؤوس أبي وإخواني وآل بيتي"، وقل لهم: "تحولوا عن النساء إلى جهة أخرى لينشغل الناس بالنظر إلى الرؤوس عن النظر إلى نسائنا".
دخل الموكب على ساحة قصر يزيد، فجيء بالنساء وعلي بن الحسين، ودخلت الرؤوس –أشرف رؤوس على وجه الأرض– وجيء برأس الإمام الحسين، وهي في طبق فوضعت أمام يزيد ، وأخذ بقضيب له يحرك شفة الإمام الحسين ويقول : "أما وقد كان حسن الهيئة والوجه"، "فصاح أنس بن مالك وقال: ارفع قضيبك يا يزيد، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل هذا الفم".
فقام أنس قائلا: "تعستم ورب البيت ، قتلتم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليتم عليكم يزيدا، ألا فلا تهنؤون بسعادة في العيش أبدا -وترك المجلس- فقال يزيد ما أرى الشيخ إلا خَرف.
المشهد الثامن:
خرج أهل البيت من قصر يزيد متوجهين بعد ذلك إلى المدينة المنورة، وأمر بالرأس الشريفة أن تطوف بالبلدان حتى تدفن بعسقلان.
ونزلت السيدة زينب وأهل البيت ببيت أبيها في المدينة، وخاف والي المدينة أن يلتف حولها الناس، ولقد بعث والي المدينة إلى يزيد قائلا : "إن المدينة لا تسعني وزينب". إما أنا وإما هي في المدينة، فجاء الأمر بأن أخرجوا زينبا من المدينة، فبكت وقالت: "أأخرج من بلد أبي وجدي؟" فقال لها عبد الله بن عباس: "ارحلي إلى مصر فلا تثريب عليك فإن فيها قوما يحبونكم لله ولقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن تري ضيما وأنت بين ظهرانيهم".
-المشهد التاسع-
وصلت السيدة زينب، ومعها البقية الباقية من عترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحامل لواء نسله الإمام علي زين العابدين ورحب بهم أهل مصر ودعوا لهم بالبركة والكرم لما لقوا من حفاوة استقبال المصريين لهم وعاشوا على أرض مصر وتناسلوا وحظيت مصر بهم وأصبحت مقرهم واتجهت قلوب محبي العترة المحمدية من شتى أنحاء المعمورة لهم في القاهرة حتى سموا مصر بالمحروسة بأهل البيت.
المشهد العاشر:
يروي المقريزي، أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة، وبنوا له مشهدا كبيرا وهو المشهد القائم الآن في حي الحسين في القاهرة وهو ما حققه المؤرخ أيمن فؤاد سيد أستاذ الدراسات الفاطمية في جامعة القاهرة في كتابه "الدولة الفاطمية في مصر" ، حيث نقل الفاطميون في سنة 548 هجرية رأس الحسين ، التي كانت مدفونة في عسقلان خوفا عليها من الفرنج ودفنوها داخل القصر الفاطمي في قبة الديلم التي يؤدي اليها باب الديلم ، باب القصر الفاطمي الكبير الجنوبي" في نفس المكان الذي أصبح الأن المسجد الحسيني بحي الجمالية بالقاهرة.