هل تنجح مصر فى توحيد الجيش الليبى؟!
- إقامة دولة
- الانقسام السياسى
- التدخل الأجنبى
- التطرف والإرهاب
- التفكك السياسى
- الثورة المسلحة
- الجيش الليبى
- الجيش الوطنى
- الحرس الرئاسى
- الدعم العسكرى
- إقامة دولة
- الانقسام السياسى
- التدخل الأجنبى
- التطرف والإرهاب
- التفكك السياسى
- الثورة المسلحة
- الجيش الليبى
- الجيش الوطنى
- الحرس الرئاسى
- الدعم العسكرى
الفارق بين «الجيش الوطنى» بقيادة «حفتر»، و«فنكوش» «السراج»، هو أن الأول حافظ على بقايا هيكل المؤسسة العسكرية، انطلق منه، ويحاول البناء عليه.. وسط ظروف الحرب خرَّج دفعات من الضباط، درَّب آلاف الجنود، هاجسه الرئيسى رفع الحظر عن التسلح، لأنه يسدد ضريبة دم، ترتفع كلما نقص السلاح.. «السراج» لا تشغله قضية بناء الجيش، بقدر اهتمامه بالتوافق مع الميليشيات، وضرب «الجيش» من داخله.. دخل طرابلس فى حماية الميليشيات، حاول احتلال الهلال النفطى بعصابات إبراهيم الجضران، واستخدم بقايا «القاعدة» كرأس حربة فى الهجوم على براك الشاطئ، وحرر سرت على حساب ما قدمته مصراتة من شهداء ومصابين.. حرَّض على انشقاق محمد حجازى، المتحدث السابق لـ«الجيش»، عيّن «البرغثى» وزيراً للدفاع لمناوأة «حفتر»، لكنه فشل فى إيجاد موطئ قدم لنفسه داخله، وارتكب حماقات كان آخرها مذبحة الجنوب مايو الماضى، ما أدى إلى إحالته للتحقيق، ثم إقالته، وتبرؤ عبدالسلام عبدالعاطى، عميد قبيلة البراغثة، منه.. أصدر قراراً بتقسيم البلاد إلى سبع مناطق عسكرية: «بنغازى، الوسطى، سبها، طبرق، الكفرة، الغربية، طرابلس»، الخمس الأولى غير خاضعة له، بل تحت سيادة «الجيش»!!، اختار لقيادة المنطقة الغربية أسامة الجويلى، من الزنتان، حليفة «حفتر»، إفساداً لتحالفهما، وعين اللواء عبدالرحمن الطويل رئيساً للأركان ليوحى بوجود هيكل تنظيمى لقواته، يتجاوز طبيعتها وحجمها كحرس رئاسى، كما عين النقيب فرج منصور أقعيم رئيس قوة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب السابق، المنشق على «حفتر»، وكيلاً لوزارة الداخلية، اختاره بسبب انتمائه لقبيلة «العواقير»، إحدى أكبر قبائل المنطقة الشرقية، مما يفتح أبواب الفتنة داخل القبيلة، ويزعزع ولاءها لـ«حفتر»، وكلفه بتشكيل غرفة عمليات لمديريات الأمن بالمنطقة الشرقية، الخاضعة كلها لسلطة حكومة «الثنى»، التابعة للبرلمان، ليصب فى نفس الاتجاه.. «السراج» لا تشغله هموم ليبيا الوطن، بل منغمس فى التآمر على ما تبقى من مؤسساتها.
هيكل القيادة يمثل العمود الفقرى للمؤسسة العسكرية، وتماسكها صمام أمن لوحدة الدولة، لذلك انتصرت مصر على مؤامرة الخريف العربى، وسقط غيرها.. القيادات العسكرية فى ليبيا تنقسم إلى عدة فئات: الأولى ضباط «الجيش» بقيادة «حفتر»، الثانية المنخرطون فى المجالس العسكرية للمدن بالمنطقة الغربية، وتتبعهم تشكيلات من الميليشيا المسلحة، والثالثة الضباط أنصار النظام السابق، ومعظمهم يحجمون عن المشاركة، سواء فى «الجيش» بحكم تحفظهم على قيادة «حفتر»، لخروجه على «القذافى»، أو فى تشكيلات الثورة المسلحة، التى أطاحت بالنظام.. وهناك انقسام تنظيمى بين القيادة العامة للجيش التابعة لبرلمان بنغازى، ورئاسة الأركان العامة بطرابلس، التابعة لـ«السراج».. ناهيك عن الانقسام الجهوى الذى وضع مصراتة وطرابلس فى مواجهة عسكرية ضد بنغازى والزنتان.
ليبيا بذلت محاولات عديدة للحصول على الدعم العسكرى من الدول الغربية، لكنها أدركت أنهم يسعون لتحقيق مصالحهم، ويربطون بدء التنفيذ برفع الحظر عن تصدير الأسلحة، الذى تم تجديده لمدة عام، ويتلاعبون بالخلافات القبلية، والانقسام السياسى والعسكرى، لذلك لجأت إلى مصر، اللجنة الوطنية برئاسة الفريق حجازى تتعامل مع الموقف برؤية شاملة، تحرص من خلالها على ألا يقتصر الحوار بين الشرق والغرب على فئة واحدة، وإنما يمتد لحوارات متنوعة، تبدأ بالقبائل، باعتبارهم البيئة القادرة على دفع الحوار، مروراً بالإعلاميين والحقوقيين والنشطاء وقادة الرأى، وانتهاء بالعسكريين.
حوارات الضباط الليبيين بدأت فى القاهرة أبريل الماضى، لاستعادة وحدة «الجيش»، وانتشال الدولة من الفوضى، الحوار ضم قيادات من «الجيش»، مصراتة، طرابلس، الزاوية، جبل نفوسة، ورشفانة، الزنتان، والمنطقتين الوسطى والجنوبية، والمشاركين من ذوى الاتجاهات المعتدلة، لأن المتشددين والإخوان يتفقون على رفض الحوار، لأنهم أصحاب مصلحة فى استمرار الميليشيات، على حساب إيجاد مؤسسة عسكرية قوية وموحدة، متعللين بأن فكرة توحيد القيادة العليا للجيش تتعارض مع اتفاق الصخيرات، الذى أسند صلاحيات القائد الأعلى للمجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، وهو ما يرفضه أنصار البرلمان، لعدم حصولها على ثقة البرلمان، اللجان الفنية فى حالة انعقاد مستمر، والوفود تلتقى دورياً، آخرها 17 الحالى، لبحث ما تم التوصل إليه من آليات توحيد المؤسسة العسكرية، وإبعادها عن الصراعات العقائدية والجهوية والتجاذبات السياسية، اجتماعاتهم تعكس حالة السأم من استمرار المواجهات والقتل والتدمير المنظم المتبادل للبنية الأساسية لدولة عرفت الرخاء لعقود طويلة، قبل أن تعصف بها فتنة فبراير 2011، ما يفسر اتفاقهم على الثوابت؛ وحدة ليبيا، حرمة الدماء، المصالحة الوطنية الشاملة، إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، التداول السلمى للسلطة، مكافحة التطرف والإرهاب، رفض التدخل الأجنبى.
مواقف الدول الغربية من قضية توحيد الجيش الليبى تعتبر بالغة الأهمية، المبعوث الدولى يعكس عادة ما يتم التوافق عليه بين الدول المؤثرة، «كوبلر»، المبعوث السابق، بدأ بأجندة تتضمن تشكيل ثلاثة جيوش، ولكن مع معاناة أوروبا من تسلل المهاجرين، نتيجة لتفكك السلطة، عدَّل أجندته، بإمكانية تشكيل جيش ليبى موحد، رغم ذلك فإن علاقات كل دولة بأطراف الأزمة، ومصالحها فى ليبيا، تحكم مواقفها؛ فرنسا تهتم بالجنوب الغنى بالثروات، الذى يربطها بمستعمراتها السابقة جنوب الصحراء، لذلك اتفقت مع مصر والإمارات على دعم «الجيش».. إيطاليا يعنيها الساحل الغربى، معبر المهاجرين لأراضيها، لذلك ارتبطت بعلاقات مع الكتائب المسلحة فى طرابلس ومصراتة، وساهمت بفاعلية فى تأسيس الحرس الرئاسى لتأمين حكومة «السراج»، ودفعت بوحداتها البحرية لحصار الساحل الليبى، بالاتفاق مع «السراج»، ضمن جهودها لوقف الهجرة، أوامر «حفتر» بالتصدى لها أربك حساباتها، أوفدت وزير داخليتها لمقابلته فى بنغازى، للاعتذار، والتأكيد علانية أن «الجيش» هو الوحيد القادر على أن يكون شريكاً حقيقياً لإيطاليا فى مكافحة الهجرة، وليدعوه رسمياً لزيارة روما فى اعتراف صريح به.. أمريكا أضحت على قناعة بدور «حفتر» المحورى فى مكافحة الإرهاب، أبدت استعداداً لدعمه عسكرياً وسياسياً، لكنها اشترطت تقليص تعاونه مع روسيا والصين، ليسهل مستقبلاً ترويضه.
مصراتة حررت سرت، لكن الفراغ الأمنى، والتفكك السياسى، وتدفق المهاجرين سمح بعودة عناصر «داعش» مجدداً للمناطق الجبلية والوديان المحيطة بها، تمهيداً للتسلل للمدينة وإعادة تهديد الهلال النفطى والعاصمة طرابلس، والقفز على جنوب أوروبا.. مصراتة تمثل أكبر كتلة عسكرية، وتتمتع بأكبر انتشار جغرافى، بعد «الجيش».. هناك توافق دولى على وحدة الجيش الليبى تحت قيادة «حفتر»، ما يكسبه الشرعية لخوض معركة توحيد «ضارية»، مصر تدعم وحدة الجيش، ووحدة الدولة الليبية، لكنها ترفض إتمامهما على حساب أرواح الأشقاء، بل تسعى لتوفير الدماء، لمواجهة نهائية وحاسمة مع الإرهاب، من أجل التنمية، ومستقبل الوطن.. فلماذا لا يُغَلِّبُ الجميع صوت العقل والحكمة؟!.