أولياء الأمور مذنبون.. لكن العقوبات كلها من نصيب المدرس

كتب: رفيق محمد ناصف

أولياء الأمور مذنبون.. لكن العقوبات كلها من نصيب المدرس

أولياء الأمور مذنبون.. لكن العقوبات كلها من نصيب المدرس

ظل على مدار 30 عاماً ثابتاً على موقفه، رافضاً الرضوخ للضغوط المجتمعية أو المالية لإعطاء الدروس الخصوصية، واصفاً إياها بـ«المرض المتفشى» بين غالبية زملائه المدرسين بسبب غياب الضمير المهنى. عثمان فتحى، مدرس أول لغة عربية، بإدارة كفر الزيات التعليمية، التابعة لمديرية التربية والتعليم بالغربية، يرفض إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب على الرغم من شهرته بين زملائه وأهالى كفر الزيات، «عثمان» قضى أكثر من نصف عمره فى مهنة التدريس ومعروف عنه بين زملائه جدية ضميره فى شرح مادة اللغة العربية للطلاب فى المدرسة، يذهب مع كل يوم دراسى إلى مدرسته «الشهيد مبروك» يعطى طلابه ما أنزل الله عليه من علم ينتفعون به، مُصراً على عدم الخروج من الفصل إلا بعد التأكد من وصول المعلومة إلى جميع تلاميذه.

{long_qoute_1}

«انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية يرجع لغياب الضمير الأخلاقى والمهنى عند شريحة كبيرة من المجتمع المدرسى والتعليمى، حيث إنها جرم كبير ومرض خطير يدمر العملية التربوية» بهذه الكلمات بدأ المعلم الخمسينى كلامه مع «الوطن»، وتابع: «على مدار 30 عاماً، أقوم بتدريس مادة اللغة العربية لطلاب الابتدائى والإعدادى، وتعرضت لضغوط كبيرة لإعطاء الدروس الخصوصية، سواء ضغوط اجتماعية من قبل أولياء الأمور الذين يطالبون بفتح سنتر وإعطاء أبنائهم درساً لتقويتهم فى اللغة العربية خاصة أنها من المواد الصعبة، أو ضغوط مالية فى تحقيق مستوى معيشى أفضل للأسرة المكونة من 5 أفراد»، وأضاف أن أجور المعلم المتدنية لا تحقق الحياة الكريمة لكثير من المدرسين وأسرهم، وكان هذا دافعاً لبعض المدرسين لإعطاء دروس خصوصية مقابل التخلى عن بعض الأخلاقيات والضوابط. وأشار «فتحى» إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية تزداد وأصبحت كالمرض المتفشى فى جسم الإنسان، وتنتشر بشكل كبير، وصارت فى كافة المراحل الدراسية، بعد أن كانت مقتصرة فقط على المرحلة الثانوية، نجدها الآن بداية من «كى جى» مروراً بالإعدادى والثانوى ونهاية بالتعليم الجامعى، والتى تسمى «كورسات» قائلاً: «الدروس الخصوصية أصبحت واقعاً ملموساً وأولياء الأمور أكثر طلباً لها من المدرسين، والفقير أصبح يقتطع من قوته لدفع أجور معلمى الدروس الخصوصية»، وتابع: «ضعف الوعى عند بعض أولياء الأمور فى متابعة الطالب بالمدرسة زاد (المبلة طين) بل تطور الأمر لاستعداد أولياء الأمور لدفع مبالغ طائلة مقابل حصول أولادهم على مستوى مرتفع من الدرجات»، مشيراً إلى أن الدروس الخصوصية تقلل من مصداقية المدرس، حيث يطغى الجانب المادى أو التجارى على المهنى، كما أن المدرس الذى يذهب لمنزل الطالب فى المساء مقابل أجر مادى يعمل على تفريغ المعنى التربوى تماماً من مصطلح «التربية والتعليم».

هذا المعلم صاحب قصة أخرى مع الدروس الخصوصية، ففى العام الماضى، كان له ابن فى المرحلة الثانوية وعانى الأمرين فى دفع تكاليف الدروس الخصوصية لتلك المرحلة، قائلاً «كنت بادرّس له اللغة العربية، وبياخد دروس خصوصية فى المواد العلمية، لازم يكون مثل زملائه»، مضيفاً «من أسباب انتشار الدروس الخصوصية أحاديث الطلاب مع بعضهم البعض عن الدروس الخصوصية، وأنهم يأخذونها من أجل فهم المواد وتحصيل أعلى الدرجات»، وأوضح أن الدروس الخصوصية عبارة عن تلقين وحفظ فقط من أجل الحصول على درجات تؤهل الطالب لدخول الكلية التى يرغب فى الالتحاق بها.

واستطرد فى كلامه قائلاً «علينا أن نكون موضوعيين ولا ننظر إلى هذه الظاهرة باعتبارها شيطاناً رجيماً نقصفها بالنقد فقط دون حل، فإذا شعر أحدنا أن مصلحة ابنه مع معلم خاص نجده يعمل على مصلحة نجله، وهذا طبيعى»، مطالباً وزارة التربية والتعليم بتهيئة حياة كريمة ومستقرة للمدرس من خلال قوانين تحفظ حقه وتوفر له جميع سبل الاستقرار لتقديم رسالته على أكمل وجه.


مواضيع متعلقة