أكراد سوريا يستعدون لأول انتخابات منذ إعلان "النظام الفيدرالي"

كتب: أ ف ب

أكراد سوريا يستعدون لأول انتخابات منذ إعلان "النظام الفيدرالي"

أكراد سوريا يستعدون لأول انتخابات منذ إعلان "النظام الفيدرالي"

يستعد أكراد سوريا لإجراء أول انتخابات في نظامهم الفدرالي في شمال البلاد، غدا، في خطوة من شأنها أن تثير استياء تركيا ودمشق، وتأتي قبل أيام من استفتاء مثير للجدل على الاستقلال في كردستان العراق المجاورة.

ومن المقرر أن يجري الأكراد انتخابات على ثلاث مراحل تبدأ باختيار لجان محلية في 22 سبتمبر وتنتهي في يناير العام 2018 بانتخاب مجلس تشريعي لروج آفا، أي غرب كردستان.

ويقول صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديموقراطي، اكبر الاحزاب الكردية في سوريا وأكثرها نفوذا، "الانتخابات هي الخطوة الأولى لترسيخ النظام الفدرالي والديمقراطية الفدرالية".

ويضيف في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في بيروت "هناك نظام جديد يتأسس في روج آفا... نحن جزء من سوريا ومطلبنا الفدرالية".

وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، عانى الأكراد الذين يشكلون اكثر من 15 في المئة من سكان سوريا، من التهميش على مدى عقود. وبدأوا بتعزيز موقعهم بعد انسحاب قوات النظام تدريجيا من مناطقهم ما سمح لهم بالسيطرة على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد. وبرزوا في وقت لاحق كالقوة الأكثر فعالية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.

في مارس 2016، أعلن الأكراد النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال البلاد التي قسموها إلى ثلاثة أقاليم هي الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب).

وفي إطار الإعداد للانتخابات، انتشرت في مدينتي القامشلي وعامودا في محافظة الحسكة لافتات بثلاث لغات، العربية والكردية والسريانية، تدعو المواطنين للمشاركة في الانتخابات. وكتب على بعضها "مستقبل روج آفا بين يديك، لا تبخل بصوتك" و"صوتك أمانة أمنحه لمن يستحق".

ويقول عمر عبدي (50 عاما) في القامشلي لوكالة فرانس برس "انها المرة الاولى التي نشهد فيها انتخابات كردية (...) لم نكن نصدق أننا سنرى هذا اليوم ابدا".

- "مثل بلجيكا" -ويقول الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير اوغلو لفرانس برس "توفر هذه الانتخابات فرصة للأكراد لبدء بناء مؤسساتهم من أجل المستقبل".

ويضيف "من المهم بالنسبة للأكراد اليوم أن يظهروا للنظام أن الأمور تغيرت في شمال سوريا، وهم من يديرون الأمور وليس النظام في دمشق"، كما أنهم "يبعثون برسائل قوية الى العالم مفادها أن إجراء هذه الانتخابات ممكن لان المناطق التي يسيطرون عليها مع حلفائهم آمنة ومستقرة".

وفي المرحلة الأولى من الانتخابات الجمعة، سيتم انتخاب الرئاسات المشتركة (كل رئاسة تضم رجل وامرأة) لما يطلق عليه "الكومونات"، اي اللجان المحلية الاحياء والحارات.

وفي المرحلة الثانية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، سيتم انتخاب مجالس محلية للنواحي والمقاطعات التي يتألف منها كل اقليم. ويصار في المرحلة الثالثة والنهائية في 19 يناير إلى انتخاب "مجلس الشعوب الديمقراطية" لكل اقليم من الاقاليم الثلاثة التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية محلية.

كما سيتم في اليوم نفسه انتخاب "مؤتمر الشعوب الديموقراطية" العام الذي سيكون بمثابة برلمان عام على رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفدرالي.

ويشرح مسلم أن "الكومونات هي شكل من أشكال تنظيم المجتمع في كل حي أو حارة أو قرية (...) هو نظام يعمل به في أوروبا، في بلجيكا مثلا"، بحيث تكون هناك "لجان ورئاسة مشتركة، وهذه اللجان تكون اقتصادية أو صحية أو تموينية" تتيح للمجتمع تنظيم شؤونه بنفسه.

وعمدت مفوضية الانتخابات الى تدريب مدرسين للإشراف على صناديق الاقتراع، كما تعمل لجان في الأحياء على توزيع البطاقات الانتخابية وشرح آلية الاقتراع.

ويؤكد الاكراد ان هذه الانتخابات لا تخصهم وحدهم بل تشمل مكونات المجتمع كافة من عرب وسريان وأرمن وتركمان.

ولا يتوقع محللون أن تشارك أحزاب كردية معارضة للنظام الفدرالي فيها، بل أن تقتصر على أحزاب تشكل الإدارة الذاتية.

ويقول الخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش "ستكون هذه الانتخابات ديموقراطية في الظاهر لعدم وجود تعددية حزبية".

- "مطلبنا الفدرالية" -ورفضت دمشق إعلان الفيدرالية الكردي، ووصفت الانتخابات بـ"المزحة".

ويقول رئيس تحرير صحيفة "الوطن" المقربة من دمشق وضاح عبد ربه لفرانس برس "انها انتخابات غير شرعية، وموضوع الفيدرالية غير مطروح ابدا"، مضيفا "أي تغيير للنظام في سوريا يجب أن يحصل من خلال تغيير الدستور السوري الذي لا يمكن تغييره إلا باستفتاء عام لكل السوريين".

وتجري المرحلة الأولى من الانتخابات الكردية في سوريا قبل ثلاثة ايام من استفتاء على استقلال إقليم كردستان في العراق المجاور.

ويتعرض رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني لضغوط مكثفة، لا سيما من الغرب وتركيا، إرجاء الاستفتاء أو الغائه.

ويرى جيفير اوغلو ان انقرة ودمشق، ورغم الخلاف الكبير بينهما منذ بدء النزاع، يتفقان على أمر واحد وهو رفض الحكم الذاتي للأكراد. وتخشى أنقرة التي تحارب حركة تمرد كردية على أرضها من تمدد عدوى الاستقلال إليها.

ويرى أكراد سوريا، وفق أوغلو، في استفتاء العراق "آلية شرعية ليكتسب نظراؤهم الأكراد حقوقهم، وبالتالي ينظرون اليه ايضا كوسيلة قد يلجأون إليها يوما ما".

ويعتبر أن "الانتخابات والنظام الفدرالي يطرحان لسوريا نظاماً بديلا يتمثل باللامركزية".

ويؤكد صالح مسلم احترام قرار أكراد العراق، موضحا في الوقت ذاته "مطلبنا في سوريا ليس الانفصال.. مطلبنا الفدرالية".

ويقول بالانش "في سوريا انها خطوة اولى، في العراق يبدو انها خطوة اخيرة. ويتعلق الأمر في الحالتين بالحصول على شرعية محلية ودولية".


مواضيع متعلقة