«أبيدوس الابتدائية».. السور «متر ونصف».. والمبنى تحول إلى ملجأ للثعابين والكلاب
أسوار المدرسة مهدمة
مبنى قديم متهالك مرّ على بنائه أكثر من 30 عاماً يحتاج إلى صيانة وترميمات، ظهرت على حوائطه الشروخ والتشققات، وداخله حمامات غير آدمية، يحيط به سور عشوائى لا يتعدى ارتفاعه متراً ونصف المتر، قام الأهالى ببنائه على نفقتهم الخاصة، هو مدرسة «منشأة أبيدوس» الابتدائية المشتركة فى عرابة أبيدوس بمركز البلينا التى أصبحت ملجأ للكلاب الضالة تتجول داخلها ذهاباً وإياباً دون اعتراض من أحد، وطالب الأهالى بسرعة الموافقة من قبَل الآثار لبناء سور للمدرسة يحافظ على سلامة الطلاب.
محمد عبدالمقصود، 65 عاماً، أحد أهالى عرابة أبيدوس، يؤكد أن مدرسة منشأة أبيدوس واحدة من المدارس القليلة على مستوى سوهاج التى ما زالت قائمة حتى الآن دون سور يحيط بها، وأن الإدارة التعليمية ومديرية التربية والتعليم والمحافظة فى سوهاج على علم بذلك، ولا أحد قادر على اتخاذ قرار بناء السور، قائلاً: «طالبنا جميع الجهات المختصة ببناء السور، وييجوا هنا ويشوفوا الوضع عامل ازاى ويصوروا ومفيش حاجة بتحصل بعد كده، والآثار هى اللى معطلة بناء السور لأننا معانا تراخيص بمساحة أرض المدرسة الإجمالية، والآثار معترضة على بناء السور ده، وازاى مدرسة وكمان للمرحلة الابتدائية ومن غير سور؟!». وعن أزمة المدرسة مع «الآثار» يقول «عبدالمقصود»: «مفيش حد من الآثار يتكلم معانا ويقول لنا إيه المطلوب، وهما هنا فى العرابة قالولنا نروح البلينا، وهناك بلغونا إننا نروح سوهاج، وبعد ما وصلنا قالولنا روحوا الأقصر، وهناك قالوا لازم الآثار فى القاهرة، وفى القاهرة قالولنا مفيش مشاكل والورق كله خلصان وجاهز، ومحدش عايز يعطينا موافقة الآثار»، مؤكداً أن المقاول لن يستطيع بناء السور دون موافقة «الآثار»، وأن المدرسة دون سور منذ أكثر من 20 عاماً، متابعاً: «محتاجين نبنى سور عشان نحمى عيالنا من الكلاب الضالة والمسعورة والديابة».
الوكيل السابق: «كنت بقف أنا والمدير والمشرفين قدام السور عشان نحمى الطلبة».. و«عبدالشافى»: «السور اللى معمول دلوقتى ده ممكن يقع فى أى وقت»
ويوضح «عبدالمقصود» أن الشجر المزروع داخل المدرسة الأهالى هم من قاموا بزراعته، لأن المدرسة تُعتبر فى وسط الصحراء والطلاب لم يجدوا مكاناً به ظل تماماً قبل زرع تلك الأشجار، وأن ذلك السور المقام حالياً ولا يحيط بالمدرسة بأكملها هو سور عشوائى قام به أيضاً الأهالى بنفقتهم الخاصة، مضيفاً: «كل حاجة بقينا بنعملها على نفقتنا الخاصة خوفاً على أولادنا، ومفيش أى حد هيبقى مطمّن على ابنه اللى عنده 5 سنين داخل مدرسة على الوضع ده، ورغم ذلك راضيين بيها». عبدالشافى حسين، 70 عاماً، أحد أهالى عرابة أبيدوس يحكى عن تاريخ المدرسة الابتدائية قائلاً: «المدرسة أنشئت منذ عام 1986 وكنت مدير المدرسة فى عام 1989، وتم تخصيص مساحة المدرسة 100 x 150 متر، وكانت المدرسة ساعتها من غير سور، واتعمل سور على نفقة الأهالى بالطوب الأخضر اللبن، وبعد سنوات جت الأهالى القادرة مادياً واتبرعت بنفقة بناء جزء من السور بالطوب الأبيض»، مشيراً إلى أن «الآثار» رفعت بعدها قضية ضد مدير المدرسة من نحو 5 سنوات بسبب بناء السور، وحصل فيها المدير على براءة. ويكمل «عبدالشافى»: «السور اللى معمول دلوقتى ده ممكن يقع فى أى وقت، ولو وقع على عيل من اللى فى المدرسة هتبقى كارثة والعيل هيروح فيها، لكن لما يكون متأسس صح من هيئة الأبنية التعليمية هنبقى مطمّنين على العيال، واحنا خايفين على العيال، ده الجبل غرب المدرسة على بعد 2 كيلو منها»، مؤكداً أن أى شخص يستطيع دخول المدرسة وحتى الحيوانات تتخذها ملجأ لها.
محمد عبداللطيف، أحد أهالى عرابة أبيدوس ووكيل المدرسة السابق، يقول: «أنا كنت وكيل المدرسة وقت ما تم رفع قضية على المدير من نحو 3 سنين بسبب بناء سور المدرسة من قبَل الأهالى عن طريق الجهود الذاتية بعدما ضمت وزارة الآثار أرض المدرسة إليها، وبعد رفع القضية تقدمنا بالأوراق والمستندات وحصلنا على البراءة فى تلك القضية، واحنا فى انتظار بناء سور حقيقى كامل يحيط بالمدرسة كلها من قبَل هيئة الأبنية التعليمية». وعما كانوا يفعلونه من أجل تعويض عدم اكتمال السور يقول «عبداللطيف»: «كنا خايفين جداً على سلامة الطلاب لأننا المسئولين عنهم داخل المدرسة، وكنا بنعوّض غياب السور بإننا نعمل حراسة أنا والمدير والمشرفين والمدرسين ونقف فى المنطقة اللى من غير سور، وقبل بداية اليوم الدراسى كنا بنيجى بدرى بنحو ساعة عشان نشوف المدرسة كلها ونطمّن عليها، وماكناش بنمشى غير لما نطمّن إن كل العيال غادرت المدرسة»، مؤكداً أنه كان يفعل كل ما فى وسعه فى حدود الإمكانيات المتاحة، وأنه كان هناك عامل «نبطشى» يجلس فى المدرسة حتى الصباح، أما عن وسط اليوم الدراسى فإنه قام بالتنبيه على المشرفين بمراقبة السور بشكل كامل منعاً لدخول الحيوانات وللحفاظ على سلامة الطلاب.
عصمت نور الدين، 64 عاماً، أحد الأهالى، يوضح أن وزارة التربية والتعليم قامت ببناء المدرسة دون سور، قائلاً: «طالبنا كل الجهات المسئولة لبناء السور محدش رد علينا، لحد ما بنينا السور بالطوب الأخضر، والناس برضو خافت على عيالها لأن المدرسة فى وسط الصحراء وبتدخلها الكلاب والديابة والتعالب والثعابين والعقارب». ويؤكد «عصمت» أن سبب الأزمة هو تأخر بناء السور لما بعد عام 2002 والذى أقرت فيه وزارة الآثار أن جميع الأراضى فى العرابة محمية أثرية، وبعد ذلك القرار لم يستطع أحد البناء دون الحصول على موافقة من وزارة الآثار، مضيفاً: «لو تم بناء السور بالكامل قبل عام 2002 ماكانش حصلت أى مشكلة، ومن العام ده بقى محدش يقدر يبنى أى حاجة حتى لو شجرة بقى بيترفع علينا قضايا كلنا، ومش عارفين إيه السبب اللى مخلى الآثار تتأخر كل ده فى إنها تدينا الموافقة، واحنا محتاجين موافقة الآثار، ومن تانى يوم الأبنية التعليمية تبنى السور لأن ماعندهاش مشكلة».