مطار القاهرة «الدولى»
- أمناء الشرطة
- الأسواق الحرة
- الأفلام العربية
- الزى الرسمى
- السوق الحرة
- السويس الجديدة
- الشوارع والميادين
- اللغات الأجنبية
- اللغة الإنجليزية
- أبيض
- أمناء الشرطة
- الأسواق الحرة
- الأفلام العربية
- الزى الرسمى
- السوق الحرة
- السويس الجديدة
- الشوارع والميادين
- اللغات الأجنبية
- اللغة الإنجليزية
- أبيض
تفكيك جزيئات بعينها من العوار الرهيب والتحلل الكئيب الذى أصابنا فى مقتل إنتاجى وأخلاقى وسلوكى أمر بالغ الصعوبة، وبمعنى آخر الغالبية المطلقة منا -نحن شعب مصر العظيم- نشكو على مدى ساعات اليوم الـ24 ساعة تردى الأخلاق وتهلهل السلوكيات وانعواج الخطوط، ورغم ذلك فإن الأخلاق فى تردٍ مستمر، وتهلهل متواتر، وانعواج متصاعد، وإلى أن نفك هذا اللوغاريتم، حيث جميعنا متضرر، وفى الوقت نفسه الوضع مستمر فى التأزم، هل فى الإمكان إخضاع جوانب بعينها من حياتنا لتدخلات جراحية سريعة حفظاً لما تبقى من ماء فى الوجوه ومن سمعة فى الكوكب؟!
معروف أن أول ما تطأه قدما الزائر لدولة ما (على اعتبار أنه وصل جواً) هو المطار، ومعروف أيضاً أن العديد من دول المعمورة لا يندرج تحت بند «جنة الله على الأرض»، فهناك من الدول ما يعانى فقراً مدقعاً أو قهراً مفزعاً أو تأخراً مربكاً أو ما شابه، لكن الغالبية تبذل جهداً مضاعفاً لتكون مطاراتها وطائراتها أشبه بمحسنات الطعم أو محفزات الشهية حتى لا تسد نفس الزائر من الوهلة الأولى أو تفزع قلبه أو تغلق صدره.
لكن صدرى -وأنا من أهل البلد- انغلق مرات ومرات بدأت من رحلة المغادرة واستمرت أثناء العودة، وبالطبع تكلل الانغلاق وأصبح موصداً بالضبة والمفتاح أثناء العودة، وبداية أقر وأعترف وأشكر وأؤيد أجواء الضبط والربط الأمنى الموجودة فى صالات السفر، التى انتقدت سيولتها وكتبت عن ميوعتها مرات عدة سبقت كارثة طائرة شرم الشيخ، لكن حرصى على إنقاذ ما يمكن إنقاذه يحتم علىّ أن أشجب وأندد ما يختص بسلوكيات كثيرين من العاملين فى داخل المطار، بدءاً بعاملة النظافة ذات الشبشب الزنوبة، واللبانة التى يجرى طرقعتها على مدار الدقيقة، ونظرات «كل سنة وأنت طيبة» التى حٌجِب عنها الصوت ولله الحمد، وقبل أن تنطلق كتائب «مش حرام عليكِ؟» و«دول مش لاقيين ياكلوا» و«الدولة القمعية لم توفر لهم حد الكفاف» إلخ، أقول إن مسئولية مظهر وتصرفات عاملات وعمال النظافة هى مسئولية جهة العمل، أتحدث هنا عن توفير زى لائق نظيف (ويتضمن ذلك أحذية مناسبة لطبيعة العمل) بالإضافة إلى مراقبة مستمرة للأداء والتصرفات.
تصرفات فئات أخرى من العاملين فى المطار تستوجب المراجعة، فحين تدخل على منطقة ختم الجواز، وتقول للجالس «صباح الخير» ويرد عليك «وعليكم السلام»، فإن الحاجة تكون ماسة لإقناعه بأن مهمته تتلخص فى إنجاز إجراءات السفر وليس نشر الإسلام عبر نهر من يتوجه إليه بتحية الكفار «صباح الخير» أو «مساؤه»!
صباح الأخوة من أمناء الشرطة ومساؤهم فى المطار مكلل بملابس بيضاء ليست ناصعة، وهنا ألفت نظر القائمين على أمر الزى الرسمى الصيفى للسادة الضباط والأمناء أنه يجب مراجعة لون الزى، فلا أجواء مصر أو عواصفها الترابية أو صحراءها المحيطة أو هبابها العائم فى طبقات الجو العليا والسفلى يسمح باستمرار اللون أبيض أبيض أكثر من ساعة زمن، فما بالك بمن يفترض أن يوجدوا فى الشوارع والميادين على مدار الساعة؟!
والساعة التى نشهد فيها مجموعات أمناء الشرطة من العاملين فى المطار وهم دون كروش ويتحدثون بأصوات منخفضة ويتجنبون النظرات المحدقة لأجساد النساء ويتوقفون عن لغة الجسد التى ترسل رسالة واحدة قوامها «نحن داخلية ولدينا الكثير من السلطة (بضم السين وليس بفتحها)» سأكون من الشاكرين المهللين المزقططين.
«زقططة» (فرحة عامرة وسعادة غامرة) مماثلة ستتحقق يوم تتحول «السوق الحرة» فى مطاراتنا إلى محلات تفتح النفس ولا تغمها أو تسدها أو تستوجب تناول أدوية لمنع الغثيان، وأتصور أن محلات الدول الشيوعية فى أزمنة مضت كانت على هذه الحال من خواء الأرفف وتواضع المحتويات، وإن كنت أشك فى مسألة الأتربة المتراكمة والشوكولاته السايحة، ناهيك عن الأسعار التى تضرب أسعار الأسواق الحرة فى دول العالم ضرباً مبرحاً ولكن ليس لرخصها ولكن للمبالغة فى تقديراتها.
تقدير جهود «مصر للطيران» فى أسطولها أمر على العين والرأس، وكذلك الحال بقدرات طياريها الأكفاء والمشهود لها فى العالم، ولكن بعضاً من الابتسام وقدراً من الظرف الإضافى ومعياراً من الضيافة وتوصيل الشعور للراكب بأنه شخص مرحب به ومرغوب فى وجوده -حتى لو كان مقبلاً من خلف الجاموسة كما يقولون على سبيل التقليل من شأن البعض لكنه فى الحقيقة تعظيم إذ ليس هناك ما يضر أو يعير لا فى الجاموسة ولا فيمن قدم من خلفها- أمر مطلوب.
ومطلوب كذلك مراجعة كل من محتوى مجلة «حورس» الكارثى، حيث موضوعات ركيكة أغلب الظن أنها مكتوبة إما لملء الصفحات أو لجذب أموال الإعلانات عبر حفنة من موضوعات زرع الشعر ونفخ الصدر وشد الأرداف وحقن التجاعيد (وللعلم يمكن القيام بذلك بشكل أفضل وأرقى)، وكم من راكب يركب طائرة ويحتفظ بمجلة خطوط الطيران معه لاستكمال قراءة موضوعات جذابة أو للاحتفاظ بها لفرط أهمية محتواها، ولا يخفى على أحد أن أحد عوامل الجذب والتأثير الإيجابى (وكذلك السلبى) يكمن فى صفحات هذه المجلات.
وما دمنا ذكرنا المجلات، فحرى بنا أن نذكر الترفيه المرئى على طائرات «مصر للطيران»، اختيارات الأفلام العربية المصنفة «تستحق المشاهدة» لا تحوى سوى ثلاثة أفلام هى: قصر الشوق وبين القصرين واحترس من الخط! وملاحظتى هنا تتعلق بهذا الاختيار الأخير، أحقاً هذا الفيلم «يستحق المشاهدة» على متن «مصر للطيران»؟!
أخيراً، أشير إلى الملصقات الموجودة على أعمدة سير الحقائب والتى تحتفى بقناة السويس الجديدة بالإنجليزية، يقول نص الملصق باللغة الإنجليزية: «شركة مطار القاهرة تهنئ كل المصريين لتحقيق المستحيل»! وأذكر فى هذا الصدد أن ليس كل ما يُترجم من العربية إلى الإنجليزية يُفهم، جانب كبير فى اللغة يقوم على فهم ثقافات الغير وليس فقط التمكن من اللغات الأجنبية، تخيل معى مثلاً أننا ترجمنا إحدى أغنياتنا الوطنية إلى الإنجليزية أو الفرنسية إلخ، ستبقى الكلمات كمفردات مفهومة، لكن فهم ما وراءها سيظل لغزاً محيراً أو نكتة تستوجب السخرية.