من "الحصار العربي" إلى "إدانة قطر".. الموقف الأمريكي المتغير في الأزمة

من "الحصار العربي" إلى "إدانة قطر".. الموقف الأمريكي المتغير في الأزمة
في الخامس من يونيو الماضي، شهدت المنطقة قطع "السعودية ومصر والإمارات والبحرين" علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، لتتوالى فيما بعد أحداث هامة في المنطقة، بدأت بتحديد قائمة مطالب في سبيل إنهاء الأزمة، ثم محاولات أخرى من الأمير تميم بن حمد لإنكار تلك الاتهامات، وعددا من المؤتمرات بين الدول المقاطعة، إلا أنه على الرغم من ذلك لم تصل الأزمة إلى محتطها الأخيرة بحل الأزمة، ومازالت في مسار البحث والمحاولات.
وخارج الوطن العربي، تابعت عن كثب العديد من الدول بالعالم تلك الأحداث، وحاول البعض منهم التدخل لمحاولة تهدئة الأوضاع، وعلى رأسهم أمريكا التي بادرت بإرسال وسطاء لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة، إلا أنه على الرغم من ذلك تباينت مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قطر، بالدعم تارة، وأخرى بالتهديد، والتي كان آخرها اليوم، حيث أكد أن حل أزمة قطر يجب أن يستند إلى التزامات قمة الرياض.
وعلى الرغم من تصريحه اليوم، إلا أنه في وقت سابق، وتحديدا يوم 9 يونيو 2017، أكد ترامب، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أنه قرر مع وزير الخارجية ريكس تيليرسون، والجنرالات والعسكريين أنه يجب دعوة قطر لوقف تمويل الأيديولوجية المتطرفة، ويجب أن ينهوا هذا التمويل، بعد أن دعا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، السعودية وحلفاءها الإقليميين، لتخفيف ما وصفه بـ"الحصار" على قطر، بينما دعا قطر لإنهاء دعمها للإرهاب، وقال تيلرسون، إن الحصار بدأ يؤدي إلى أزمات إنسانية.
وفي يوم 10 يونيو 2017، قال ترامب إن قطر لها تاريخ طويل في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط، ودعا دول الخليج ودول الجوار لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب.
كما دون عبر حسابه بموقع "تويتر"، قائلا: "من الجيد رؤية أن زيارتي للسعودية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز و50 دولة تؤتي ثمارها، قالوا إنهم سيتخذون نهجا صارما ضد تمويل الإرهاب، وكل المؤشرات كانت تشير إلى قطر، ربما سيكون هذا بداية النهاية لرعب الإرهاب".
وفي 21 يونيو الماضي، أجرى "ترامب" اتصالا هاتفيا مع محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، تناولوا فيه قضايا ثنائية وإقليميّة عدّة بشكل شامل بما فيها الأزمة بين بعض الدول العربية وقطر، وأكدوا فيه "قطع الدعم بشكل كامل عن الإرهابيين والمتطرفين، وحل الأزمة القطرية".
امتد التضارب إلى المؤسسات الأمريكية، فخرج وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في 9 يونيو الماضي، بتصريحات دعا فيها قطر إلى بذل مزيد من الجهود لوقف دعم الإرهاب، ثم عاد تيلرسون وشدد بعدها على ضرورة عمل جميع الأطراف من أجل الوصول إلى حل سلمي ودبلوماسي لهذه الأزمة، تبعه تصريح للمتحدثة في وزارة الخارجية تعجبت فيه من أن المقاطعة القطرية ما تزال مستمرة منذ أسبوعين دون تقديم أي لائحة مطالب لقطر.
وبعدها بأيام قليلة، طالب "تيلرسون"، كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بتخفيف الحصار المفروض على قطر، قائلا إن ما حدث "له تبعات إنسانية وتأثير على التحالف الأمريكي الذي يقاتل ضد تنظيم داعش".
وفي بداية الأزمة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أن أزمة الخليج لم يكن لها تأثير، ولا يتوقع أن يكون لها أي تأثير على العمليات العسكرية الأمريكية في هذا البلد، الذي يأوي قاعدة "العديد" العسكرية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جيف ديفيز: "لم تتأثر عملياتنا سواء في قطر أو فيما يتعلق بالمجال الجوي المتاح حولها، ولا نتوقع أن يكون هناك أي تأثير".
وفي يوم الثلاثاء الموافق 11 يوليو 2017، وقعت قطر والولايات المتحدة مذكرة تفاهم بينهما تحدد الخطوط العريضة للجهود المستقبلية التي يمكن لقطر القيام بها من أجل تعزيز كفاحها ضد الإرهاب والتصدي بنشاط لقضايا تمويل الإرهاب.
وأكد تيلرسون، في مطلع الشهر الجاري، أن قطر ملتزمة بتعهداتها في إطار مذكرة التفاهم، التي وقعتها معه بشأن مكافحة الإرهاب وتمويله، مضيفا: "إننا نشعر بقلق كبير من هذا الخلاف، لأننا نعتقد أنه يزعزع استقرار منطقة الخليج ويقوض وحدة جهود مكافحة الإرهاب والوحدة في مجلس التعاون الخليجي، الذي نعتبر أنه يقوم بدور مهم في دعم الاستقرار هناك".
وفي تغيير واضح للموقف الأمريكي، قال ترامب، أمس، في مقابلة مع قناة "سي بي أن" نيوز، إن واشنطن ستنقل القاعدة العسكرية من قطر إذا اضطرت لذلك، مؤكدا على تمويل الدوحة للإرهاب، مضيفا: "القطريين كانوا معروفين بتمويل الإرهاب، وقد قلنا لهم: لا يمكنكم فعل ذلك، لا يمكنكم فعل ذلك".
ولدى سؤاله عن قاعدة العديد العسكرية في قطر، قال الرئيس الأمريكي: "ستكون على ما يرام.. انظر، إذا اضطررنا للرحيل، فإننا سنجد عشر دول مستعدة لبناء قاعدة عسكرية عوض تلك الموجودة في قطر".
ليعود اليوم ويأكد موقفه المتناقض مرة أخرى، بتأكيده أن حل أزمة قطر يجب أن يستند إلى التزامات قمة الرياض.
ومن ناحيته، يرى الدكتور أيمن سمير، أستاذ العلاقات الدولية، أن ذلك التناقض يرجع إلى سياسة أمريكا الدولية التي تقوم على الاحتواء المزدوج للجميع، لحين الاطلاع على تفاصيل الأحداث بشكل كامل ثم الانحياز للطرف القوي، وهو ما سبق أن حدث في خضم أحداث "ثورة 25 يناير".
وأضاف سمير، في تصريح لـ"الوطن"، أن تصريحلت الرئيس الأمريكي ترامب الأخيرة تعني أن الولايات المتحدة باتت على يقين بأحقية دول الرباعي العربي وثبات مواقفهم، وتمسكهم بالمطالب الستة التي تتفق مع روح القانون الدولي والاتجاه العالمي لمكافحة الإرهاب، ما يجعلهم أصبحوا الطرف الأقوى في الأزمة، مشيرا إلى أنه خلال الفترة المقبلة ستظهر أمريكا انحيازا أكبر للدول المقاطعة.