شخصيات فى حياة أشهر مترجم لمعانى القرآن الكريم
- أنيس منصور
- الأدب العربى
- الأزهر الشريف
- الأصالة والمعاصرة
- الثورة المصرية
- الدكتور محمود عزب
- الرئيس جمال عبدالناصر
- الرئيس عبدالناصر
- الشباب المصرى
- آداب
- أنيس منصور
- الأدب العربى
- الأزهر الشريف
- الأصالة والمعاصرة
- الثورة المصرية
- الدكتور محمود عزب
- الرئيس جمال عبدالناصر
- الرئيس عبدالناصر
- الشباب المصرى
- آداب
أشهر مترجم لمعانى القرآن الكريم هو شيخ المستشرقين الفرنسيين جاك بيرك الذى وُلد فى الجزائر ونشأ وتألق ومات فى فرنسا، وأمضى سنوات فى مصر وارتبط بمثقفيها، وعمل فى سرس الليان (موفداً من اليونسكو)، كما عمل أستاذاً فى كلية الآداب بجامعة عين شمس وكان عضواً فى المجمع اللغوى وكان (يرحمه الله) يتحدث اللغة العربية ويجيدها إجادة تامة.
وقد اخترت من بين الشخصيات التى يعرفها جاك بيرك شخصيتين:
* الرئيس جمال عبدالناصر:
كان جاك بيرك مفتوناً بحركة «الضباط الأحرار»، وكان لا يتردد فى أن يثنى على هذه الحركة بقيادة جمال عبدالناصر. ولقد كتب ذلك دون مواربة فى كتابه «مصر: الإمبريالية والثورة»، لكنه كان يندس بين جموع محبى عبدالناصر من الشباب المصرى المتحمس للتغيير لا سيّما أن الإمبريالية والاستعمار والإقطاع قد سيطرت على الحياة فى مصر، فأعادتها -حسب وصف جاك بيرك نفسه- إلى خرائب!
وما لا يعرفه كثيرون أن الرئيس جمال عبدالناصر كان حريصاً على لقاء كبار المثقفين فى العالم، وكتب أنيس منصور مشيداً بذلك أكثر من مرة عندما التقى عبدالناصر بأحد المفكرين الألمان.
وحدث أن حدد رجال الديوان الجمهورى لقاءً بين الرئيس جمال عبدالناصر وجاك بيرك الذى كان يجلس مع نظرائه من مثقفى مصر ويتحدث معهم طويلاً عن نظريته التى كانت جديدة فى ذلك الوقت وهى نظرية «الأصالة والمعاصرة».
وفى الموعد المحدد للقاء ذهب جاك بيرك وأمضى على الأقل ساعتين مع الزعيم جمال عبدالناصر وتحدثا فى أمور الثقافة، وقال جاك بيرك إن الرئيس عبدالناصر كان يستمع أكثر مما يتكلم، وظل جاك بيرك يعتبر هذا اللقاء من أكثر اللقاءات التى كان يفتخر بها حتى مماته.
واتفق أن يُلقى الرئيس جمال عبدالناصر خطاباً لأمر ما، لعله عيد الثورة المصرية، فتكلم فى ثنايا خطابه عن نظرية الأصالة والمعاصرة، فكان أن اتهم بعض الخبثاء جاك بيرك بأنه كتب الخطاب بنفسه للرئيس عبدالناصر، فتألم جاك بيرك كثيراً لاتهامه بهذا الاتهام وأنكر حدوثه من الأصل، وقال لهم: «لم أكتب لعبدالناصر حرفاً واحداً، فقط تحدثت معه فى قضايا ثقافية عديدة، ويبدو أنه اقتنع بنظريتى حول الأصالة والمعاصرة».
وكان يرى أن مصر واعدة وأن حركة القومية العربية التى خرجت منها بصوت جمال عبدالناصر وممارساته سوف تحقق ما تريد وأن أُكُلَها سوف تُؤتى قريباً.
لكن التف حول جاك بيرك بعض الانتهازيين وطالبوه بأشياء عليه أن يطلبها بدوره من عبدالناصر، واتهمه البعض بأنه جاسوس يعمل لحساب النظام المصرى.
أقول الحق، لم يكترث جاك بيرك بهذا السيل من الاتهامات، وحسبه أنه التقى بأكبر رأس فى مصر وقتئذ وتحدث معه دون خوف أو وجل، وأكد لى أنه لمس إلى حد بعيد أن جمال عبدالناصر كان متواضعاً وقريباً جداً من قلوب غالبية الشعب المصرى، وكان يحلم لمصر ولشعبها وللأمة العربية بالخير العميم، ولقد سعد عبدالناصر كثيراً عندما علم أنى وُلدتُ فى الجزائر بلد «بن بيلا» العظيم فى ذاك الوقت.
* مع جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر:
التقيتُ فى باريس الشيخ جاد الحق «شيخ الأزهر» الذى كان فى طريقه -إذا لم تخنّى الذاكرة- إلى أفريقيا فكان لا بد أن يمر على باريس، وأشهد أنه ما إن علم أننى من بلدة مجاورة لقرية «بطره»، مسقط رأسه، حتى فرح كثيراً وطلب منى أن أجلس بجواره.
ولقد زرت قبره مرتين بصحبة الدكتور محمود عزب الذى كان يصر على أن يزوره فى قرية بطره فى المسجد الذى أنشأه هناك، وكان عزب يقول لى لقد عاش هذا الرجل فلاحاً مصرياً أصيلاً، فكنتُ أصطحبه إلى منزله فى القاهرة حيث كانت تسكن أسرة ابنه.. وما إن يُفتح الباب إلا ونجد أحفاده (يتشعلقون) على كتفه ويتشبثون بحقيبته وما يحمل.. وأفضل جلساته كانت على «القياس الخوص» الذى كانت زوجة ابنه تفرش به أرض الشقة الواسعة.
وأذكر أنى ذكرته فى إطار الحميمية التى تجمعنا فى ذلك الوقت: «لماذا لم تردوا باسم الأزهر الشريف على المستشرق الفرنسى جاك بيرك بينما رد آخرون؟».
فقال الرجل وهو يمسك بيدى فى رفق: «كيف أرد وأنا لا أعرف اللغة الفرنسية؟! لقد طلبتُ من أحد الأساتذة وكان من أصدقاء جاك بيرك ويعرف الفرنسية وهو د. مصطفى الشكعة أستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس عن رأيه فى ترجمة معانى القرآن الكريم كما وضعها جاك بيرك، فلم يأتِنى بعد الرد، وإن كان الرجل (الشكعة) لم يُبدِ استحساناً للترجمة حسبما فهمت، لكن هذا لا يقلل من الجهد العلمى الذى بذله جاك بيرك فى ترجمته وفى موقفه بشكل عام من مصر، وأرجو أن تعتقد أنه ما إن يأتينا الرد من مصطفى الشكعة سوف أخاطب بنفسى جاك بيرك». ثم بعد لحظة صمت قصيرة وكان لا يزال ممسكاً بيدى قال: «سوف أجعل صديقك الدكتور محمود عزب الأستاذ بكلية اللغات والترجمة مسئولاً عن كل ما يُكتَب عن القرآن الكريم باللغة الفرنسية»، وهو ما تحقق بعد ذلك.
ثم أضاف الشيخ جاد الحق بعد أن تغيرت نبرات صوته: «إن علاقتى بجاك بيرك علاقة طيبة لكننى أريد أن أتحقق من أن ما يكتبه عن كتاب الله لا يحمل أى شبهات خصوصاً أن هناك البعض فى مصر يقفون ضده ويعتبرونه عدواً للإسلام».
فى عودته من أفريقيا قال لى الشيخ جاد الحق: «لقد وجدت ترجمة معانى القرآن الكريم فوق رفوف إحدى المكتبات وهو ما جعلنى أُعجّل من قرار تكليف محمود عزب بمراجعة كل ما يُكتَب عن القرآن باللغة الفرنسية».