رئيس «الآثار المصرية»: ورثنا أخطاء 50 سنة.. وجزء من تاريخ مصر فى أيدى اللصوص

كتب: رضوى هاشم

رئيس «الآثار المصرية»: ورثنا أخطاء 50 سنة.. وجزء من تاريخ مصر فى أيدى اللصوص

رئيس «الآثار المصرية»: ورثنا أخطاء 50 سنة.. وجزء من تاريخ مصر فى أيدى اللصوص

قال أيمن عشماوى، رئيس قطاع الآثار المصرية، إن أخطر ما يهدد الآثار فى مصر هو الحفر خلسة للبحث عن حلم الثراء السريع، فإذا خرجت هذه الآثار من مصر بطريقة غير مشروعة وقتها لا يحق لنا المطالبة باستعادتها، ليذهب جزء هام من التاريخ على أيدى حفنة من اللصوص لا يعون أنهم يدمرون حلقات التاريخ المتصلة عبر آلاف السنين.

{long_qoute_1}

وأشار «عشماوى»، فى حوار لـ«الوطن»، إلى أن آثار المتاحف فى الخارج كانت إما إهداءات لملوك ورؤساء، أو نتاج لعمل بعثات كانت تقتسم حتى وقت قريب نتاج حفائرها فى مصر معنا، وبتلك الطريقة خرج تمثال نفرتيتى، وأكد أن مخازن الآثار كانت حتى عام 2000 فى غرف وجبال ومقابر حتى تم بناء مخازن متحفية مؤمّنة بشكل كامل للحفاظ على الآثار، والسجلات التى رصدت ضياع 32 ألف قطعة هى فى الحقيقة محاولة لعلاج وضع خاطئ استمر لأكثر من 50 سنة وتركة ثقيلة ورثناها، وكان يجب لتصحيح هذا الخطأ الوقوف على العلة بعمل رصد لكل القطع فى المخازن.. إلى نص الحوار.

ما الخطوات التى اتخذتها وزارة الآثار لمواجهة ظاهرة تزايدت بشكل ملحوظ مؤخراً بوجود ضبطيات لآثار عثر عليها أشخاص لا علاقة لهم بالآثار فى منازلهم أو أملاكهم أثناء عمليات الحفر خلسة وحاولوا بيعها أو تبديدها؟

- دورنا أن نحمى ونراقب ونحافظ على الآثار، ونواجه الحالمين بالثراء السريع دون وجه حق، ونتعاون بشكل كبير مع شرطة السياحة والآثار فى المواقع الأثرية والمنافذ الحدودية والمطارات، وتزايد الضبطيات مؤخراً هو أكبر دليل على يقظتنا لمواجهة اللصوص وتحجيمهم وليس تزايد الظاهرة الموجودة منذ سنين عدة، الشر موجود ودورنا محاربته بشتى الطرق، نسعى على قدر الإمكان لمواجهته.

وما الخطوات العاجلة التى ينبغى السير فيها فى قانون حماية الآثار لمواجهة تلك الظاهرة، وما العقبات التى تقف فى طريقكم؟

- بالفعل تم مؤخراً تغليظ العقوبات لتصل للمؤبد ومضاعفة الغرامات لمن يتعدى على الآثار، والمشكلة الرئيسية التى تواجهنا هى الآثار الناتجة عن الحفر خلسة والتى خرجت بطريقة غير مشروعة خارج البلاد، لأن تلك القطع غير مسجلة ولا نعرف عنها شيئاً، وطبقاً للقوانين الدولية لا يحق لنا المطالبة بها، حتى إن كانت آثاراً فرعونية مصرية، لأن الآثار كانت حتى عام 1980 تجارة مشروعة، وإذا ما أثبت مالكها أنه اشتراها قبل هذا التاريخ يحق له بيعها فى المزادات العالمية، وهنا يقوم البعض بتزوير مستندات، ومؤخراً أصبحت إدارة الآثار المستردّة بوزارة الآثار تقوم بالأمر بطريقة عكسية بالاستناد إلى عدم وجود مستندات لدى ملاك القطع، وبالاستناد إلى أنها فرعونية نقوم بإعادتها، وبتلك الطريقة تم استعادة عشرات القطع التى عُرضت فى المزادات العالمية، كما نسعى حالياً، وعلى المستوى الدولى، لتعديل تلك القوانين لاستعادة كل أثر مصرى خرج بطريقة غير مشروعة.

وكيف ينجح فلاح بسيط فيما فشلت فيه وزارة الآثار بما تمتلكه من أجهزة ومعدات وجيش من الأثريين فى العثور على قطع أثرية ومقابر نادرة؟

- نحن نبحث عن علم بتاريخ وحضارة، وأى شخص يستطيع العثور على آثار حتى اللصوص لأنه يدمر منطقة أثرية بأكملها فى حين أننى لكى أصل لنفس التمثال من الممكن أن أستغرق 50 عاماً، فاللص الذى يحفر مترين فى ربع ساعة يدمر تاريخاً ممتداً لآلاف السنين ويمحو حلقة هامة بل حلقات تؤرخ لأسرار الحضارة المصرية الممتدة، فعظمة المصرى ليست فى الهرم والمعابد فقط، بل من الممكن أن تكشف حفرة فرن عن النظام الحرارى المستخدم لدى قدماء المصريين وما وصل به لبناء منظومة هندسية ضخمة مثل الهرم.

{long_qoute_2}

من الأسئلة الشائعة كيف وصلت آلاف القطع الأثرية إلى متاحف أوروبا وإسرائيل؟

- حتى الثمانينات كانت الآثار تجارة مشروعة، وكانت الآثار توضع جنباً إلى جنب بجوار المستنسخات. بازار المتحف المصرى كان يبيع الآثار، وبعض سجلات حائزى الآثار مكتوب بها: «أهديت للملك فاروق» أو «أهديت لأحد الأمراء»، وهو ما لا نستطيع إثباته، بل إن بعض المعابد وقاعات العرض المتحفية أهديت بكاملها لدول أخرى، وهو ما حدث مع متحف بولاق الذى أهداه الخديو إسماعيل بالكامل لأحد ملوك أوروبا، ومعبد دندرة، والمسلات، هذا إلى جانب أن قانون القسمة كان يعطى الحق للبعثات العاملة فى مصر فى الحصول على 50% من نتاج الحفائر، وبتلك الطريقة خرجت قطعة رأس نفرتيتى وغيرها.

عقب الكشف عن ضياع أكثر من 32 ألف قطعة كانت فى المخازن يُطرح سؤال: أين كانت وزارة الآثار وكيف استهدف اللصوص آثارنا بهذا الشكل؟

- القول بأن المخازن المتحفية غير مؤمّنة هو قول تنقصه الدقة لأن المخازن المتحفية مؤمّنة بشكل كامل من كاميرات مراقبة وحراسة وغرف مراقبة، الأزمة فى أننا فعلاً بدأنا الإصلاح بعمل مخازن متحفية يتم فيها نقل آلاف القطع الأثرية المنتشرة فى مخازن فرعية لا تصلح موجودة فى الجبال والمقابر وبعضها فى حجرات من الطوب اللبن كانت هدفاً للصوص فى فترات الانفلات الأمنى السابقة، وحتى عام 2000 لم يكن لدينا سوى مخزن متحفى واحد فى الوجه البحرى كله بمواقعه الأثرية فى سيناء والدلتا والعريش، هو مخزن تل بسطا، وبعدها حدثت الثورة على يد الدكتور زاهى حواس بعمل مجموعة من المخازن المتحفية التى وصل عددها الآن إلى 33 مخزناً متحفياً مجهزاً بأحدث طرق الحماية والتخزين، ويتم عمل جرد دورى لها، وأخذنا موافقة الجهات الأمنية للتخزين فيها.

إذا كانت الأمور على ما يرام، فكيف حدث هذا الخلل الذى فقدنا معه هذا العدد الضخم من القطع الأثرية؟

- المعلومات التى وصلت للإعلام منقوصة وغير دقيقة، واتهامنا بالمساهمة فى سرقة الآثار خطأ فادح، فما حدث على العكس من ذلك، فنحن نُصلح أخطاء 30 بل 50 عاماً مضت تحملناها بما فيها من أخطاء ومخازن متهالكة وانفلات أمنى ووسائل جرد إما تقليدية أو غير موجودة من الأساس، وحينما حاولنا تصحيح الأمر وعلاجه بحصر وجرد وتوصيف القطع وعمل سجلات جديدة رقمية بالصور ومخازن متحفية هى أفضل علاج للأزمة وجدنا هجوماً غير مبرر، وتم تحملينا أخطاء لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فعلى سبيل المثال حينما ورد ضياع 30 ألف قطعة من مخزن «أبوالجود2» فى الأقصر، تلك القطع مسجلة لأحد ملاك الحيازة هو زكى محارب الذى يُعتبر واحداً من أكبر تجار الآثار، حيث كانت الآثار تجارة مثلها مثل تجارة المستنسخات الأثرية، وكان محارب واحدا من أكبر التجار حتى صدور قانون حماية الآثار سنة 1981، وقتها أصبح للحائز أحد خيارين، إما أن يحتفظ بها فى حيازته مع الحفاظ عليها وعدم التصرف فيها أو إعادتها للدولة، وآثر محارب الاحتفاظ بها، وعقب وفاته قام أحد أبنائه بتبديد وبيع المئات منها واستبدالها بأخرى مقلدة، وقُبض عليه وقامت زوجته بعرض إعادة القطع التى بحوزتهم، وما وصلنا من أصل 34 ألف قطعة 3 آلاف فقط منها 1000 قطعة مقلدة، هنا كان ما لدينا فى السجلات 30 ألف قطعة فى حين أن ما لدينا فعلياً ألفا قطعة فقط، نفس الأمر فى مخزن جامعة القاهرة فى المعادى المؤمّن من الجامعة، سُرقت منه 112 قطعة وقت الانفلات الأمنى.


مواضيع متعلقة