اليسار الكلاسيكى.. «مارادونا» نموذجاً
- أمريكا اللاتينية
- الاتحاد السوفيتى
- التواصل الاجتماعى
- الخطاب السياسى
- الرئيس أوباما
- السلام العالمى
- الصراع السياسى
- الطبقات الدنيا
- الولايات المتحدة
- بابا الفاتيكان
- أمريكا اللاتينية
- الاتحاد السوفيتى
- التواصل الاجتماعى
- الخطاب السياسى
- الرئيس أوباما
- السلام العالمى
- الصراع السياسى
- الطبقات الدنيا
- الولايات المتحدة
- بابا الفاتيكان
فى عام 2017، هاجم نجم كرة القدم دييجو مارادونا، الرئيس دونالد ترامب، وزار الرئيس فلاديمير بوتين، كما أنه ارتدى الكوفية الفلسطينية، وانتقد إسرائيل، ثم إنَّه هاجم «اليمين الأمريكى» فى فنزويلا، وقال: أنا «تشافيزى» حتى الموت، أمريكا لن تحكم العالم!
(1) يعرف الكثيرون «مارادونا» لاعباً تاريخياً، فى كأس العالم وفى أندية أوروبا، وتابع الملايين رحلته فى دوراتٍ أربع لكأس العالم، فى أعوام 1982، 1986، 1990، 1994.
بدأ «مارادونا» فقيراً، لكنه لم يكن غاضباً أو ثورياً، ولم يكن يسارياً، وربما لم يكن وقتها يعرف أىّ شىء، لا اليمين ولا اليسار ولا غيرهما.
وحين لعب فى منتخب الأرجنتين، وشارك فى هزيمة الاتحاد السوفيتى والمجر، الدولتين الشيوعيتين، لم يكن لديه ما يقوله بشأن السياسة. ولا يعرف له أرشيف الصحافة رأياً أو رؤيةً فى أىّ اتجاه، فى تلك السنوات المبكرة.
لكن النزعة الوطنية هى ما تبدّت فى عام 1982، وكانت بداية الاتجاه التدريجى ضد الغرب، ففى ذلك العام اندلعت حرب الفوكلاند، وانتصرت بريطانيا على الأرجنتين، ولم تتمكن الأرجنتين من ضمّ الجزر التى تقع قبالة شواطئها، بينما تمكنت بريطانيا التى تقع بعيداً للغاية فى الاحتفاظ بها، بقوة التاريخ وبقوة السلاح.
(2) فى عام 1986، كان «مارادونا» نجم الأرجنتين فى كأس العالم، وفى مباراة إنجلترا فى ربع النهائى حقق هدفيْن صاخبيْن، أحدهما بيده، ولم يتمكن الحكم من رؤيته، وقال إن الهدف جاء بعونٍ إلهى، وإنها «يد الله» ضدّ بريطانيا التى انتصرت على بلاده. والثانى كان باهراً، وقال النقاد الرياضيون: إنه الهدف الأفضل فى التاريخ.
فى ذلك العام 1986، أصبح «مارادونا» يسارياً صاعداً، حيث زار كوبا للمرة الأولى، ثم تعرّف لاحقاً على الرئيس فيدل كاسترو، وصار صديقاً له، ثم صديقاً للرئيس راؤول كاسترو من بعده.
كان «فيدل» صديقاً لـ«مارادونا»، وكانا يتحدثان كثيراً جداً فى السياسة والرياضة، وحين رحل قال «مارادونا»: لقد مات أبى، إنه الرجل الأكثر حكمة فى العالم. وذهب إلى هافانا، مواسياً عائلة كاسترو، وحاضراً مشهد وداع الزعيم.
ولقد امتدت صداقته إلى نجوم اليسار فى أمريكا اللاتينية، الرئيس هوجو شافيز، ثم الرئيس مادورو فى فنزويلا. كان صديقاً لـ«شافيز»، وداعماً له، ثم مضى داعماً لصديقه الرئيس مادورو، وحين احتدم الصراع السياسى، وهدد «ترامب» بغزو فنزويلا، قال «مارادونا»: «إننى مستعد للقتال من أجل اليسار، عندما يأمر الرئيس مادورو سوف أكون جندياً من أجل فنزويلا حرة».
(3) لقد توازى مع ذلك تحوّل «مارادونا» من دعم إسرائيل إلى دعم فلسطين، كان يعتقد فى البداية أن إسرائيل هى الجانب المجنى عليه، فقام بدعمها، وأهدى كأس العالم 1986 لها، وارتدى القبعة اليهودية عند حائط البراق، وظهر كصديق مخلص لإسرائيل.
لقد أدرك «مارادونا» فيما بعد أن ذلك ليس صحيحاً، وأن فلسطين دولة حرة لها تاريخ عظيم، تم احتلالها من قبَل إسرائيل، تحوّل «مارادونا» إلى دعم فلسطين، وهاجم إسرائيل فى حرب غزة عام 2008، ووضع ضحايا فلسطين مع ضحايا الإرهاب فى باريس حين نعى ضحايا فرنسا، ثم ارتدى الكوفية الفلسطينية ورفع علامة النصر، وقال: النصر لفلسطين.
(4) وقف «مارادونا» ضد الولايات المتحدة من منظور يسارى، وقال إن كراهيته لأمريكا لأنها «دولة إمبريالية»، وفى حين أنه لم يهاجم الرئيس كلينتون أو الرئيس أوباما، فإنه وقف ضد الرؤساء الجمهوريين بقوة، وقاد مظاهرة ضد الرئيس جورج بوش الابن ووصفه بأنه «قاتل» و«شيطان»، ولما سئل عن الرئيس دونالد ترامب، قال: إنه شخص كرتونى، مكانه ليس الرئاسة بل فيلم رسوم متحركة، وأنا حين أراه أقوم بتغيير القناة على الفور، ثم قال: إن أمريكا لا يمكنها أن تهيمن على العالم، هناك روسيا والصين وكوريا الشمالية، لدينا ما يواجه المسدس الأمريكى. وقد كان طبيعياً أن يمتدح «مارادونا» بالمقابل الرئيس فلاديمير بوتين قائلاً قبل أن يلتقيه فى موسكو: «إن بوتين رمز، وظاهرة، وروسيا قوة عظمى تعمل من أجل السلام العالمى».
(5) ليس «مارادونا» بالمثقف الذى يمكن تحليل خطابه السياسى، ولكنه النجم الذى يؤثر فى الكثيرين، وتتناقل كل وسائل إعلام العالم ما يقول حين يصرح بأى شىء، وتمثل الطريقة الشعبية البسيطة التى يتحدث بها مصدر انتشارٍ وذيوعٍ لا حدّ لهما.
وحين هاجم بابا الفاتيكان، بعد زيارته الشهيرة، كان هجومه صادماً للكنيسة وجاذباً لوسائل الإعلام، وكان من بين ما قال: «لقد زرتُ الفاتيكان، وشاهدتُ السقف الذهبى، ثم سمعت البابا يتحدث عن اهتمام الكنيسة بالأطفال الفقراء، إذاً عليك أن تبيع السقف، افعل أى شىء يا رجل»!
(6) يمثل «مارادونا» نموذجاً لليسار الكلاسيكى، لم يعد ذلك اليسار قائماً إلا لدى أصدقاء «مارادونا» فى هافانا وكاراكاس وبيونج يانج. وعلى الرغم من تراجع هيبة اليسار الكلاسيكى، فإنه لا يزال متوهجاً بأمثال «مارادونا» ومادورو، بينما لم ينجح اليسار الجديد فى تقديم نماذج جاذبة للمجتمعات العمالية والطبقات الدنيا، كما أنه لم يتمكن بعد من تحديد موقعه وسط تقلبات العولمة وعواصف النظام النيوليبرالى.
ثمة مفارقة ثانية فى هذا السياق أن تراجع سطوة الفلاسفة والمفكرين، وتراجع قوة النخبة الرصينة ذات الإمكانات المعرفية الرفيعة دفع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى إلى الاتجاه نحو نجوم الفن والرياضة ليشكلّوا معاً جانباً كبيراً من العقل السياسى المعاصر. ولقد أصبح بإمكان هؤلاء أن يقيموا صداقات وثيقة وعلاقات قوية مع القادة والزعماء، ويمكنهم الوصول لهم أسرع وأكثر مما يمكن للنخب الأكاديمية والمعرفية الوصول أو التأثير.
وربما تضطر دوائر النخبة فى المستقبل إلى استثمار «نجوم» اللحظة فى تمرير الخطاب السياسى والاقتصادى، كآلية من آليات التأثير فى السلطة والقوة.
إن صعود «الشعبوية» فى العالم يعزز من هذا التصوّر، وذلك بعد أن ضاقتْ المسافة بين نموذج القائد ونموذج النجم.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
- أمريكا اللاتينية
- الاتحاد السوفيتى
- التواصل الاجتماعى
- الخطاب السياسى
- الرئيس أوباما
- السلام العالمى
- الصراع السياسى
- الطبقات الدنيا
- الولايات المتحدة
- بابا الفاتيكان
- أمريكا اللاتينية
- الاتحاد السوفيتى
- التواصل الاجتماعى
- الخطاب السياسى
- الرئيس أوباما
- السلام العالمى
- الصراع السياسى
- الطبقات الدنيا
- الولايات المتحدة
- بابا الفاتيكان