رحلة 3 شباب «كعب داير» بحثاً عن عمل

كتب: أحمد عصر وأحمد ماجد

رحلة 3 شباب «كعب داير» بحثاً عن عمل

رحلة 3 شباب «كعب داير» بحثاً عن عمل

على فرشة صغيرة تحت جدران أحد المصانع للوقاية من حرارة شمس الظهيرة فى ظل شجرة كبيرة، جلس 3 شباب فى بداية عقدهم الثالث، يهيم كل منهم فى ملكوته الخاص تارة، ويتحدثون إلى بعضهم البعض تارة أخرى، ليسوا أقارب، فقط جاءوا معاً من محافظة كفر الشيخ، بعد أن جمعهم الهدف نفسه، حيث بدأوا قبل 4 أيام مضت، ومنذ أن وطأت أقدامهم أرض المدينة الصناعية ببرج العرب، فى رحلة البحث عن عمل، لم يكن لهم مكان آخر يلجأون إليه آخر اليوم ليبيتوا فيه ليلهم، ويقول أحدهم «ننام فى الشارع على الرصيف قدام أى مصنع أو جنب أى سور، عشان مش هينفع ناخد سكن إلا لما نلاقى شغل».

{long_qoute_1}

حلم صغير يدفع كلاً من الشباب الثلاثة، مروان السيد ومحمد إبراهيم ومحمود فتحى، إلى وضع خطة للبحث عن عمل تتلخص فى أمرين فقط، وهما البحث عن العمل نهاراً، والنوم ليلاً، فهم يفتحون أعينهم مع بداية أول خيط من النهار، ليهموا بلم «الفرشة» الصغيرة، ويضعوها داخل حقائبهم التى أظهرت من فتحاتها ما تحمله من ملابس، ثم ينتشروا طارقين أبواب المصانع وكلهم أمل فى الوصول إلى ما جاءوا إليه، ويقول «مروان»: «بنفضل على كده لحد ما المصانع تقفل خالص والعمال بتوعها يروحوا، لقينا حاجة خير ملقيناش أدينا بنيجى ننام فى أى مكان لحد تانى يوم ونلف تانى، بس المشكلة إن ساعات فيه ناس بتمشينا ومبيرضوش يخلونا ننام فى الشارع».

3 أيام كاملة بلياليها قضاها الشباب الثلاثة، يسمعون ما يهون عليهم تارة، وينهرهم البعض تارة أخرى: «ردود غريبة بنسمعها من الناس لما بنسأل على شغل، واللى يقول تعالوا بعد العيد، واللى يتنرفز علينا ويكلمنا كإننا جايين نسرقه»، إلى أن جاء الفرج أخيراً فى نهاية اليوم الثالث، ليجدوا عملاً فى إحدى الشركات كأفراد أمن، فتنتابهم الفرحة على ما ظفروا به أخيراً بعد ما نالوا من تعب فى أيامهم الماضية، إلا أن الرياح دائماً ما تأتى بغير المشتهى: «للأسف الوضع كان سيئ جداً، بداية من المرتب اللى كان مفروض هيبقى 1400 جنيه، والسكن اللى النوم فى الشارع كان أهون منه، ولما نمنا فيه ليلة واحدة صحينا تانى يوم جسمنا كله متاكل من البق، غير بقى الأكل والشرب كان علينا، يعنى لو كنا هنشوف سكن عدل وناكل ونشرب كنا هنستلف على المرتب اللى هناخده، عشان كده هو يوم واحد بس اللى قعدناه معاهم ومشينا النهارده»، عودة إلى نقطة البداية من جديد، بعد أن ارتكن ثلاثتهم إلى فرشتهم مرة أخرى، ينتظرون أن يأخذوا هوياتهم الشخصية من الشركة التى تركوها لتوهم، حاملين همّ الأيام المقبلة، وإن كانوا على يقين بأن العمل مقبل لا محالة.

لم تجمع الشباب الثلاثة ظروف واحدة، وإنما اختلفوا فيما بينهم، حيث كان «مروان» و«محمود» أعزبين، يسعى كل منهما إلى تكوين نفسه والعودة كل بضعة أشهر إلى أسرته ومعه بعض المال، بينما كان «محمد» متزوجاً ولديه من الأبناء اثنان، وله والدته المريضة، يعولهم جميعاً، ومن ثم كانت العودة بلا عمل أمراً محالاً بالنسبة لهم: «إحنا مش طالعين من بيتنا عشان نرجع من غير شغل، وعلينا السعى تحت وربنا يدبرها من فوق ويهون علينا البهدلة اللى إحنا فيها، وأدينا قاعدين لحد ما ربنا يكرمنا بشغل، ولو ملقيناش هنا هندور فى أى مكان تانى لو حتى هننزل القاهرة».


مواضيع متعلقة