رئيس بنك القاهرة: «الإصلاح النقدى» غيَّر وجه الاقتصاد.. وارتفاعات الأسعار مؤقتة و«الصادرات» و«السياحة» تحسمان نسبة تراجع الدولار

كتب: إسماعيل حماد

رئيس بنك القاهرة: «الإصلاح النقدى» غيَّر وجه الاقتصاد.. وارتفاعات الأسعار مؤقتة و«الصادرات» و«السياحة» تحسمان نسبة تراجع الدولار

رئيس بنك القاهرة: «الإصلاح النقدى» غيَّر وجه الاقتصاد.. وارتفاعات الأسعار مؤقتة و«الصادرات» و«السياحة» تحسمان نسبة تراجع الدولار

توقع منير الزاهد، رئيس بنك القاهرة، تحسن مؤشرات الأداء الاقتصادى مع مطلع 2018، وتحقيق معدلات إيجابية على صعيد نمو الناتج المحلى الإجمالى والطلب على العمالة والمنتج المحلى الذى شهد زيادة تنافسيته فى السوقين المحلية والخارجية. وأشار، فى حوار لـ«الوطن»، إلى أن الاتجاه العام لسعر الدولار أمام الجنيه هو التراجع، ولكن سيحسم نسبة التراجع مؤشرات أداء الصادرات والسياحة خلال الفترة المقبلة، وكذا قدرة المنتج المحلى على الإحلال محل المنتجات المستوردة. وكشف عن أن خطة البنك للتوسع الجغرافى تتراوح بين 15 و20 فرعاً سنوياً لدعم مؤشرات الشمول المالى من خلال وصول الخدمات المصرفية للعملاء فى مصر، مشيداً بالتسهيلات التى يوفرها البنك المركزى فى هذا الصدد. وأعلن عن وصول حصة البنك فى تمويل المشروعات متناهية الصغر إلى 48% بإجمالى 15 مليار جنيه حتى نهاية 2016، مؤكداً أن البنك يتطلع بصفة دائمة لإتاحة التمويل لمختلف شرائح المشروعات، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل قاطرة تنموية مهمة فى مصر ومختلف الاقتصاديات الناشئة.

{long_qoute_1}

ما توقعاتك لأداء الاقتصاد القومى خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع قرب انتهاء 2017؟

- أنا متفائل جداً بالمرحلة المُقبلة سواء على مستوى أداء الاقتصاد القومى أو على مستوى أداء القطاعات الفرعية بما فيها القطاع المصرفى الذى أثبت قوة منقطعة النظير على مدار الفترة الماضية ونجح فى جميع المهام التى وكلت إليه.

وأتوقع أن يشهد الاقتصاد تحسناً فى مؤشرات نمو الناتج المحلى الإجمالى والتشغيل بحلول عام 2018، خاصة مع تعاظم فرص بيع المنتج المحلى فى الداخل والخارج وزيادة تنافسيته، بعد تحرير سعر الصرف.

إذن، ترى أن تحرير سعر الصرف كان له انعكاس إيجابى على الاقتصاد.

- بالتأكيد، وبلا شك، قرار تحرير سعر الصرف كان قراراً مهما، وشكّل نقلة نوعية للاقتصاد المصرى ووضعه بين اقتصاديات العالم.

وكان هذا القرار بمثابة تحدٍّ كان ينبغى أن تتم مواجهته دون تأخير، لأن الاقتصاد لم يكن يملك رفاهية الاستمرار بالشكل القديم لإدارة الصرف الأجنبى، وسط تراجع الاحتياطى الأجنبى بشكل مستمر والانعكاس السلبى لذلك على قدرتنا فى توفير احتياجاتنا الأساسية التى نستوردها من الخارج.

كما أن تنافسية المنتج المحلى كانت منخفضة للغاية مقارنة بالمنتج المستورد، بخلاف تراجع تنافسية الصادرات المصرية فى السوق العالمية نتيجة تقويم العملة المحلية بأكثر من قيمتها الحقيقية وبالتالى كانت هناك إشكالية كبرى فى تصريف الإنتاج المصرى سواء فى الداخل أو الخارج، الأمر الذى كان متوقعاً أن يؤدى لمزيد من التراجع فى النمو الاقتصادى ومستوى معيشة الفرد وزيادة معدلات البطالة. {left_qoute_1}

وهل تغيرت هذه الأمور بعد القرار؟

- بعد اتخاذ القرار تحولت الأمور بشكل جذرى حيث زادت تنافسية الصادرات المصرية وأصبح الأفراد يقبلون على شراء المنتج المحلى فى الداخل كبديل للمنتج المستورد الذى ارتفعت أسعاره بشكل كبير، وهذا الأمر نلاحظه من تصريحات الصناع المصريين فى قطاعات مختلفة مثل المنسوجات والملابس، والصناعات الغذائية، والأجهزة المنزلية، الذين يؤكدون تحسن الطلب على منتجاتهم فى السوق المحلية والسوق الخارجية أيضاً.

كما أن الاحتياطى النقدى وصل إلى مستويات تاريخية وجيدة للغاية بتخطيه 36 مليار دولار، وهذا الأمر يدعم بشكل مباشر تنافسية الاقتصاد ووضعه أمام المؤسسات الخارجية، وظهر ذلك بشكل كبير من تحسن تصنيف مصر من قبل مؤسسة موديز، ومؤسسة ستاندرد آند بورز، وتحول رؤيتهم إلى «مستقرة» بشأن مستقبل الاقتصاد المصرى.

ولكن المواطن يشكو الارتفاع المتواصل فى الأسعار وسط ثبات نسبى فى دخله النقدى.

- لا شك أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير على مدار الفترة الماضية، ولكن لم يكن تحرير سعر الصرف هو المصدر الوحيد لهذه الزيادة، حيث أسهمت فيها قرارات الإصلاح الاقتصادى التى تطبقها الحكومة من ناحية، وأسهم فيها أيضاً تراجع الإنتاج المحلى وزيادة ارتباط المواطنين بالمنتج المستورد من ناحية أخرى، حيث ارتفع الطلب بشكل كبير ولم يزد الإنتاج بنفس المستوى.

وهذا الأمر يعد أمراً مؤقتاً وتكلفة كان ينبغى على الجميع سدادها من أجل تحسين مؤشرات الاقتصاد وزيادة تنافسيته فى المستقبل، ونجد حالياً أن أوضاع الأسعار أخذت نسبياً فى الاستقرار مقارنة بالفترة الماضية، وأسهمت قرارات لجنة السياسة النقدية على مدار الفترة الماضية فى ضغط معدلات التضخم والحد من زيادتها بشكل كبير.

وأتوقع مزيداً من الاستقرار فى المستقبل على صعيد الأسعار، مع تحسن متوقع فى دخل الفرد مع زيادة الاستثمارات وإتاحة فرص تشغيل مختلفة وجيدة فى الاقتصاد، الأمر الذى سينعكس بالإيجاب على المستوى المعيشى للفرد.

وماذا عن رؤيتك لمستقبل سعر الدولار؟

- التصور العام للدولار أنه يميل للانخفاض وليس إلى الصعود، ومقدار انخفاضه يتوقف على عدد من العوامل فى مقدمتها قدرة منتجاتنا على الإحلال محل المنتجات المستوردة فى السوق المحلية، وكذا الحصول على نصيب أكبر من السوق العالمية من خلال التصدير، ويأتى ذلك بالإضافة لنشاط القطاع السياحى الذى اكتسب مزايا تنافسية أكبر بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية التى يملكها السائحون، حينئذ سيحدث انخفاض ملحوظ فى سعر الدولار.

وماذا عن دور القطاع المصرفى فى النمو الاقتصادى؟

- كنا فى السابق نعمل من أجل زيادة الأرباح والميزانية أما الآن فأصبحنا نعمل بدافع دورنا القومى تجاه خدمة البلد، فإذا لم نلعب هذا الدور لن تتمكن مؤسساتنا المالية من النمو وتحقيق مؤشرات أداء جيدة، حيث إنه من المهم أن نعمل فى مناخ صحى وأسواق واعدة والأهم أن يكون هناك نسبة جيدة للنمو الحقيقى فى الناتج القومى، وبالتالى يركز القطاع المصرفى على توفير مقومات تحسين مناخ الاستثمار وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد قاطرة تنموية مهمة فى الاقتصاديات الناشئة.

وهل انحسر نشاط قطاع «التجزئة المصرفية» عقب قرارات الإصلاح النقدى؟

- قطاع «التجزئة» يعتبر من القطاعات المهمة، ولا بد للاقتصاد سواء كان نامياً أو متقدماً أن يكون متسعاً لكل أنشطة التجزئة المصرفية، فمن يحاول أن يحصل على تمويل من أجل الحصول على سكن أو سيارة أو أى سلعة أخرى لا بد أن يكون هذا التمويل متاحاً.

كما أن هذا النوع من الإقراض يصب فى دعم الاقتصاد من خلال تنشيط الطلب على بعض القطاعات مثل قطاع العقارات وصناعة السيارات وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التى تسهم فى نمو الناتج المحلى الإجمالى وتوفر فرص العمل للشباب.

ولكن هنا ينبغى الإشارة إلى أن هناك إقراضاً استهلاكياً يتم منحه فى إطار «التجزئة المصرفية» وإقراضاً تنموياً يوجه لتمويل المشروعات بشكل مباشر، وبالتالى ينبغى ضمان عدم تأثير الإقراض الاستهلاكى على الإقراض التنموى الذى يسهم بشكل مباشر وأكبر فى نمو الاقتصاد، كما ينبغى أن يوجه الإقراض الاستهلاكى لدعم المنتج المحلى فى مواجهة المنتج المستورد، خاصة مع المزايا التى اكتسبها المنتج المحلى داخلياً وخارجياً بعد تحرير أسعار الصرف.

ما شكل المنافسة بين البنوك العاملة فى السوق المحلية وكيف يلعب مصرفكم هذا الدور؟

- تنافسية البنك لا تعنى وجود تنازع على تمويل الشركات الكبرى، ولكن اليوم أصبح السوق متسعاً، والبنوك التى تستطيع أن تتواكب مع وجودها فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالطبع ستتفوق ويكون لها حصة سوقية أكبر وأفضل. لأن اليوم تغيرت النظرة العامة لعمل البنوك، فأصبح التفوق والتنافس يتحقق اعتماداً على القروض الصغيرة، خاصة فى المناطق الجغرافية التى لم تحصل على خدمة مصرفية، بعدما كان التفوق والاهتمام والتركيز ينصب على الشركات الكبرى.

إضافة إلى خدمات البنك الإلكترونية التى تمثل جزءاً كبيراً من مستقبل التجزئة المصرفية، حيث إن جزءاً كبيراً من المدفوعات مبنى عليها. وبنك القاهرة منضم إلى خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول وسيتم إطلاقها خلال أيام قليلة، وهو مجال مهم جداً لتحقيق الشمول المالى، ويسهل على عملاء قطاع القروض الصغيرة ومتناهية الصغر فى سحب القرض وسداد الأقساط، كما أنها تعمل بشكل أكثر كفاءة دون وجود انتقال للعميل أو الانتظار داخل الفرع. وبالتالى تستخدم هذه البرامج فى مساندة وتنمية حركة ومعاملات القروض الصغيرة ومتناهية الصغر.

وماذا عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهل يعد بنك القاهرة منافساً قوياً فى هذا المجال؟

- السوق مفتوحة لكل البنوك فيما يخص تمويل هذه الفئة من المشروعات، لكن هناك بنوكاً أفضل توظيفاً من غيرها فى هذا القطاع لوجود تصور سابق أن عملاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة موجودون فقط فى المدن الصناعية مثل العاشر وبرج العرب وغيرها، ولكن تبين أن وجودهم أكثر فى المحافظات والأقاليم ومراكز المدن، خاصة من هم خارج الاقتصاد الرسمى وفى جميع الأنشطة الاقتصادية بدءاً من ورش الغزل والنسيج ومروراً بالصناعات الغذائية وانتهاءً بالتصنيع الزراعى وغيرها. وبالتالى فالبنوك التى لها وجود فى المحافظات، خاصة محافظات الوجه القبلى ووسط الدلتا سيكون لديها فرصة أكبر لتنمية حجم أعمالها فى القروض الصغيرة ومتناهية الصغر.

وامتلاك بنك القاهرة 243 فرعاً فى مختلف أنحاء الجمهورية، مع قوة أكبر فى الوجه القبلى مكنه من أن يصبح وجهة أساسية أمام الجميع للحصول على مختلف الخدمات المصرفية، خاصة التمويل متناهى الصغر فى الأقاليم المختلفة، هذا بخلاف أن استراتيجية البنك تركز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر منذ 2011، ويعمل بشكل جيد لتحقيق هدفه.

إذن، يملك البنك حصة جيدة من حجم التمويل الصغير ومتناهى الصغر فى السوق.

- البنك حقق انتشاراً جيداً فى كل خدماته خاصة مع وصول عدد عملائه إلى 2.5 مليون عميل، منهم 1.5 مليون عميل موظفون فى الدولة. ولدى البنك حصة سوقية تمثل 48% من الحصة السوقية للبنوك فى مجال القروض الصغيرة ومتناهية الصغر، وعند إدخال الجمعيات الأهلية وشركات التمويل تكون حصة بنك القاهرة نحو 26% من إجمالى تمويل هذا القطاع، وذلك اعتماداً على أن البنك يملك 70 وحدة مصرفية متخصصة فى التمويل متناهى الصغر.

ومنح البنك قروضاً متناهية الصغر بنحو 15 مليار جنيه حتى نهاية 2016، كما أن مبادرات البنك المركزى فتحت الآفاق أمام 180 ألف شركة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة يمكنها الاستفادة من التمويل منخفض العائد، الأمر الذى يحفز الطلب على هذا النوع من التمويل بشكل مستمر.

وماذا عن خطة البنك للتوسع الجغرافى؟

- لدينا خطة لإنشاء من 15 إلى 20 فرعاً سنوياً، ويساعدنا فى ذلك البنك المركزى الذى يسهل كثيراً فى حصولنا على الموافقات اللازمة للانتشار فى الأقاليم المختلفة لدعم الشمول المالى فى الاقتصاد.

وما موقف البنك من تمويل المشروعات القومية؟

- قام بنك القاهرة بدور كبير جداً فى المشروعات القومية بداية من عام 2011، حيث دخل فى عدة قروض مشتركة، وذلك انطلاقاً من كوننا بنكاً ذا نشاط كبير فى إعداد وتسويق وإدارة القروض المشتركة، التى تكون على شكل قروض أغلبها تنموية لقطاعات الدولة. وقطع البنك شوطاً جيداً فى هذا الصدد.

وما توقعك لنسبة النمو فى البنك؟

- فى الحقيقة، لقد حققنا بالفعل نسبة جيدة للنمو ووصلنا لحاجز الـ50% لحقوق الملكية وبهذا نكون قد حققنا أعلى النسب فى مصر وفى الخارج، وبالتالى نستطيع أن نقول إننا وصلنا إلى مرحلة الكفاءة العامة.

وشهد البنك تطوراً ملحوظاً فى نشاطه على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث تراوحت حصة البنك بين 3.5% و4% من السوق المصرفية فى 2011، واليوم ارتفعت إلى 5.5% و6.5%، على الرغم من أن السوق فى زيادة مستمرة، وذلك قياساً على الأصول والودائع والقروض وجميع عناصر الميزانية.


مواضيع متعلقة