حفظ الله الكاريكاتير!
- التواصل الاجتماعى
- الجرائد المصرية
- الجمهور المصرى
- الذات الملكية
- الصحافة المصرية
- الفن الجميل
- القرن التاسع عشر
- الملك فؤاد
- الملك فيليب
- بشكل عام
- التواصل الاجتماعى
- الجرائد المصرية
- الجمهور المصرى
- الذات الملكية
- الصحافة المصرية
- الفن الجميل
- القرن التاسع عشر
- الملك فؤاد
- الملك فيليب
- بشكل عام
هل يمكن أن يؤدى الرسم إلى السجن أو الوفاة؟ أعتقد ذلك.. أصدر الفنان «أونوريه دومييه» مجلة «شارى فارى» فى القرن التاسع عشر، وسخر «دومييه»، عبر فن الكاريكاتير، من سياسات الملك، ومن الطبقة الحاكمة البعيدة عن شعبها.. صوّر «دومييه» فى أحد رسوماته الملك فيليب على شكل كمثرى (أى إنه سريع العُطب مثلها)، فأُدخل إلى السجن.
فى مصر كان «عبدالمنعم رخا» عميداً وأباً لهذا الفن الجميل، وأول رسام كاريكاتيرى فى تاريخ الصحافة المصرية، وصاحب شخصيات كاريكاتيرية متميزة مثل: «ابن البلد، حمار أفندى، رفيعة هانم، غنى حرب، سكران باشا طينة».. وهو أحد أهم رسامى الكاريكاتير فى العالم، تبعاً للموسوعة الفنية الدولية.. وقد سجنه ملك آخر، هو الملك فؤاد، عام 1933 لمدة أربع سنوات، بتهمة الإساءة إلى الذات الملكية.. من عباءة «رخا»، خرج كثيرون منهم «الصلاحات» الثلاثة، العظماء: صلاح جاهين، وصلاح الليثى، وصلاح شفيق.
فى عالمنا العربى بشكل عام لا أحد ينسى: عبدالسميع عبدالله، وزهدى، وجورج البهجورى، ومصطفى حسين، وصاروخان، وطوغان، وبيار صادق، وحجازى، ونيازى حلول، ورجائى وغيرهم الكثيرون.. كل يحارب فى موقعه ويدفع ثمن مبادئه إلا أن أحداً لم يدفع حياته ثمناً لرسوماته سوى الفنان الفلسطينى «ناجى العلى»، الذى قُتل برصاصة بأحد شوارع لندن، عام 1987.
عاش «ناجى» طفولته لاجئاً فى مخيم «عين الحلوة» بصيدا، وتشبع بحياة المخيمات فجاءت أول رسوماته خيمة على شكل بركان.. وظل طوال حياته يرسم شخصية «حنظلة»، وهى بمثابة توقيعه على لوحاته، و«حنظلة» هذا هو طفل معقود اليدين، حافى القدمين، صاحب شعيرات دقيقة تخرج من رأسه الممتلئ المستدير، وهو يقف دوماً مديراً وجهه البرىء عنا، ولم يتفاعل مع أحداث الصورة سوى مرات قليلة، ولم يفك عقدة يديه سوى لرمى العدو بالحجارة، ورغم ذلك أرهب الجميع.. وقال «ناجى» عن «حنظلة»: «إنه طفل معجزة وُلد فى العاشرة من عمره، وسيظل هكذا حتى يعود إلى وطنه». (بالمناسبة، قتلوا «ناجى» برصاصة فى وجهه، وكأنهم يشوهون وجه «حنظلة» الذى لم يره أحد من قبل).
فى مصر لنا أن نفخر بفن الكاريكاتير حالياً، فالكاريكاتير هو رأى يُقدم رسماً، وهو أقوى من المقالات وكل القوالب الصحفية، وما زال قادراً على التأثير بفضل فنانين موهوبين بحق موجودين الآن فى الجرائد المصرية.. فن الكاريكاتير سيُكتب له البقاء، وسوف يتأثر فنياً بالسلب بمواقع التواصل الاجتماعى، والإغراق اللافنى التى تقدمه، لكنه قادر بكل تأكيد على فرض سيطرته، لأنه يحتاج لإبداع كبير ومن السهل اكتشاف النصابين والمدعين به بعكس فن الغناء وفنون الكتابة التى عانت بالفعل من إغراق، وتحول الجمهور المصرى، الذى لا يقرأ أصلاً، إلى جمهور يكتب؛ حيث عدد الكتّاب فى مصر الآن أكبر من عدد كلمات الجرائد.. رحم الله الكتابة، وحفظ فن الكاريكاتير.