«خطف الأطفال».. فزاعة ترعب أهالى «العياط».. و«التوك توك» كلمة السر

«خطف الأطفال».. فزاعة ترعب أهالى «العياط».. و«التوك توك» كلمة السر
- أذان المغرب
- أم وابنتها
- اختفاء فتاة
- الأب المكلوم
- التوك توك
- السكة الحديد
- حالة الحزن
- خطف الأطفال
- رمضان الماضى
- آذان
- أذان المغرب
- أم وابنتها
- اختفاء فتاة
- الأب المكلوم
- التوك توك
- السكة الحديد
- حالة الحزن
- خطف الأطفال
- رمضان الماضى
- آذان
حالة من الرعب سيطرت على أهالى مركز العياط، وسكن الخوف قلوبهم، لما رأوه بأعينهم، وتردد على آذانهم بكثرة، فى الآونة الأخيرة، بشأن انتشار عمليات خطف الأطفال، فمنهم من عاش الموقف نفسه، واختفى أحد أطفاله، وآخرون رأوا حالات خطف «فاشلة» أمام أعينهم، وفئة ثالثة كانت الأخبار المتناقلة على مسامعهم كافية لأن تجعلهم فى قلق دائم على الصغار، حتى لا يذوقوا مرارة اختفائهم كما ذاقها غيرهم، «الوطن» تجولت بين قرى المركز المختلفة، واستمعت إلى روايات أسر الأطفال المختفين، وغيرهم ممن رأوا وسمعوا عن حالات الخطف.
أمنية إمام رشاد، طفلة لم تبلغ العاشرة، مر على اختفائها نحو شهر، ومنذ ذلك الوقت لم يغادر الأب الخمسينى تلك القهوة الصغيرة، الملاصقة لكوبرى القرية، حيث اتخذ منها مقراً لراحته بعد كل جولة تقوده هنا أو هناك، بحثاً عن طفلته: «إحنا بلد أرياف، ولما كنت أسمع عن موضوع الخطف ده عمرى ما كنت أتخيل إنه ممكن يحصل عندنا فى يوم من الأيام، لأن الغريب وسطنا معروف»، يقولها «إمام» وعلى وجهه آيات التعجب من أمر لم يكن فى حسبانه، حيث اختفت ابنته فى شهر رمضان الماضى، ولم يكن فى البيت وقتها، وإنما كان فى «معصرة القصب» التى يعمل بها، ليفاجأ بمكالمة هاتفية قبيل أذان المغرب من زوجته، تصرخ وتخبره أن طفلتهم غائبة منذ عدة ساعات: «قلت أكيد هتكون عند حد من قرايبنا اللى جنبنا، بس اتصلت على الناس كلها وملقيتهاش عندهم، ومن يومها وأنا مبطلتش لف وتدوير». لم يترك «إمام» باباً إلا وطرقه، بعد أن ذهب فى اليوم التالى لاختفاء الفتاة إلى قسم الشرطة لعمل محضر تغيب، إلا أن هذا لم يكن كافياً بالنسبة له، ليتجه الأب المكلوم إلى أولئك «العرافين» حسب ما نصحه به الكثيرون، رغم عدم اقتناعه بذلك: «قالوا لنا إنها عايشة، وفيه ناس منهم قالوا لنا إنها موجودة فى أماكن، ولما رُحنا دورنا عليها فيها ملقينهاش، لحد ما خلاص مبقتش باقتنع بكلامهم، لأنى قابلت ناس منهم كانت عايزة تستغل الموقف اللى أنا فيه، وأهم حاجة عندهم إنهم ياخدوا منى فلوس وخلاص، بس أنا نفسى ألاقى بنتى حتى لو ميتة». لم تكن حالة الحزن فقط هى المسيطرة على الرجل منذ غياب طفلته، وإنما رافقه «خراب الديار»، حيث فقد الخمسينى عمله الذى لم يتمكن من الاستمرار فيه، من كثرة البحث عن صاحبة العشرة أعوام.
{long_qoute_1}
وفى قرية «بهبيت» من نفس المركز كانت قصة أخرى، اختلف أبطالها، وتغيرت تفاصيلها، إلا أن النتيجة كانت واحدة، اختفاء فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً، لم تجد أسرتها مبرراً له غير الخطف، حيث مر على اختفائها ما يزيد على عشرين يوماً، فى مشهد لا تزال صورته أمام أعين الأم التى رافقت ابنتها فى «مشوارهما» الأخير، حسب ما يحكيه الأب الستينى، «حبشى على»، حينما خرجتا معاً صباح وقفة عيد الفطر الماضى إلى سوق «العياط» لتقضيا بعض احتياجاتهما، وبمجرد وصولهما إلى «الخياط» الذى كان وجهتهما الأولى، لم يكن قد فتح أبوابه بعد، فتتجه الأم وابنتها للتسوق، وتعودان من جديد، ولم يكن دورهما قد حان بعد، فتترك البنت والدتها تستريح أمام المحل، وتذهب هى لاستكمال عملية التسوق. مكالمة هاتفية أجرتها شقيقة «وردة» بأمها عن طريق المصادفة، لتخبرها الأم أن شقيقتها تركتها وذهبت منذ أكثر من ساعتين ولم تعد بعد، وهو ما أقلقهم جميعاً، حسب ما قال الأب، ليتجهوا إلى مكان السوق للبحث عنها، ويظلون هكذا حتى قبيل أذان المغرب، وعندما تبادر إلى ذهنهم احتمال وقوعها تحت عجلات القطار، ذهبوا إلى حيث السكة الحديد لتخبرهم واحدة من البائعات بشىء ما جعلهم يقرون بخطفها: «قالت لنا إن الصبح فيه خرطوم أنبوبة ضرب، والناس بقت تجرى وتتكفى على وشها، وإن فيه تكاتك جت وقتها وحملت ناس وقالوا إنهم هيودوهم المستشفى»، ليقر أحد البائعين، حسب «حبشى»، أن «وردة» كانت أحد هؤلاء المحمولين فى «التكاتك»، بعد أن عرضوا عليه صورة لها، ليقول بأن رجلين وامرأة «منتقبة» حملوها فاقدة الوعى، بدعوى أنها قريبة لهم، ليختم الأب حديثه بنبرة باكية، قائلاً: «مخليناش حتة مدورناش فيها، ورُحنا لأكتر من شيخ، وكل شيخ كان بيقولنا إنها موجودة فى محافظة شكل، ونروح منلاقيش حاجة، وأنا عندى السرطان والسكر ومحدش واقف معانا غير ربنا».
ووسط حالات الاختفاء تلك، كان هناك العديد من محاولات الخطف «الفاشلة»، كانت كافية بالنسبة لأهل المركز فى تأكيد شكوكهم حول انتشار عمليات الخطف بـ«العياط»، وفى واحدة من هذه المحاولات عاش الشاب العشرينى محمود خميس، عندما حاول أحدهم خطف ابنة عمه، التى لم تبلغ شهرها الخامس بعد، من على ذراع أمها فى أحد الشوارع المجاورة لبيتهم: «كانت فى مشوار هى وواحدة تانية قريبتنا، ولما كانوا راجعين توك توك فاجأهم مرة واحدة ولقوا اتنين راكبين ورا السواق بيحاولوا يشدوا العيل من على كتفها».
{long_qoute_2}
تشبث الأم بطفلها حال دون أخذه، وهو ما لفت انتباه من كانوا فى الشارع وقتها، ليضطر راكبو «التوك توك» إلى خطف هاتفها المحمول من يديها بدلاً من الطفل والهرب به: «الوضع اللى إحنا فيه ده مينفعش، بقينا نركز جامد مع أى حد غريب فى البلد، وحتى الشحاتين منعناهم إنهم يلفوا هنا».
وفى «جزيرة العياط» جلس الخمسينى «فارس سلامة» داخل محله للخياطة، قائلاً: «إحنا بقينا عايشين فى رعب، والواحد بقا يخاف على ابنه ينزل الشارع، ويوم ما بيحصل حاجة يقولك تعالى اعمل محضر بعد 24 ساعة، وفى الوقت ده ممكن العيل يكون اتقطع وسافر بلد تانية أصلاً».