«القاهرة»: «عين حلوان والست خضرة والكابريتاج».. أماكن علاجية تعانى الإهمال

«القاهرة»: «عين حلوان والست خضرة والكابريتاج».. أماكن علاجية تعانى الإهمال
- أم محمد
- أمراض جلدية
- الأمراض الجلدية والتناسلية
- الأمن العام
- الجهات الحكومية
- الحمد لله
- الخبير السياحى
- الرائحة الكريهة
- آلام
- أجهزة
- أم محمد
- أمراض جلدية
- الأمراض الجلدية والتناسلية
- الأمن العام
- الجهات الحكومية
- الحمد لله
- الخبير السياحى
- الرائحة الكريهة
- آلام
- أجهزة
مكان واسع مملوء بالحشائش المتفرقة، فى مساحة لا تتجاوز الثلاثة أفدنة بعد أن كانت قديما 14 فداناً، بحسب المعلومات المدونة عنها والتى اعتبرت «عين حلوان» إحدى أهم مناطق السياحة العلاجية فى القاهرة، لتصبح مقصداً للمرضى والزائرين الباحثين فى عيونها الكبريتية عن الشفاء من الأمراض، وعن تربة خالية من الرطوبة مختلطة برمال وطمى صالح لشفاء الأمراض الجلدية والروماتيزمية والمفصلية والآلام الناجمة عن العمود الفقرى وغيرها من الأمراض، كما تتوافد عليها الأسر للتنزه لدرجة أن البعض يستخدمون عيون المياه فيها كحمام للسباحة فى فترة الصيف.
{long_qoute_1}
على حافة العين تجلس نعمات محمد تراقب بعينيها أطفالها الذين اعتادوا زيارة المكان مع عائلتها كل بضعة أيام، خصوصاً فى فصل الصيف، على حد قولها، إذ تأتى من بلدتها فى البدرشين، وتواصل كلامها قائلة: «بجيب العيال عشان يتعالجوا من الحبوب اللى فى جسمهم من الحر، أهو نشم هوا برضو شوية وتبقى فسحة كمان»، وتابعت: «المياه مش بتمشى فى مواسير، دى ربانية نضيفة، أول ما تخرج من العين، وفيها الشفا، جربناها كتير».
«على أد ما الميه شافية بس الأرض مُمرضة»، هكذا وصفت ميرفت إبراهيم، 65 عاماً، إحدى سكان حلوان، الوضع الحالى لعين حلوان، وقالت إنها تتردد باستمرار عليه منذ صغرها مع والدتها، وتشرح بكلمات مليئة بالحماس والفخر: «العين دى الملك فاروق متصور فيها والميه نازلة من كل حتة.. شكلها كان منظم وجميل، دلوقتى شوفوا كمية الإهمال والزبالة وعدم الاهتمام اللى فيها».
وبصدر رحب اقترحت «ميرفت» إضافة مقابل مادى من أجل تحسين المكان: «يعملوا تذاكر ولو حتى الفرد وصل لـ10 جنيه بس نلاقى اهتمام ونضافة»، وأضافت: «مفيش دولة ما بتهتمش بأماكنها السياحية، خصوصاً العلاجية اللى مفيش زيها فى بلاد كتير»، وتختتم «ميرفت» حديثها: «أنا بشرب من الميه دى أول ما تنزل من العين بحسها شفا من كل الأمراض».
فيما قالت ثريا محمود، المقيمة بحى السيدة زينب، إنها تذهب من حين لآخر منذ 4 سنوات إلى هذا المكان بغرض النزهة والترفيه: «المكان حلو وباجى دايماً، أول مكان بييجى على بالى لما بلاقى العيال زهقانين، أصل بندخل ببلاش ماجبش العيال ليه». وتقول «أم أشرقت»، إحدى سكان ضواحى الجيزة: «أنا باجى هنا من وأنا عندى 3 سنين مع والدتى وأخواتى، المكان كان زمان حاجة تانية فى النضافة والاهتمام، بس برضو ما بروحش لدكاترة ولا حاجة هنا أحسن مستشفى طبيعية من غير دوا ولا حتى فلوس».
«إحنا تعبنا من كتر الكلام ومحدش بقى بيهتم بالمكان خالص لحد ما بقى بالشكل المهمل ده»، يقولها محمد فرج، 42 عاماً، أحد سكان عين حلوان، الذى يرى بعينيه كل ما يحدث داخل العين منذ أقام بجوارها منذ 10 سنوات، معرباً عن غضبه الشديد لقلة الاهتمام بها ولانتشار القمامة فى جميع جوانبها، ويتابع: «المكان ابتدا يضيق وتقل مساحته بسبب العمارات اللى اتبنت حواليه»، وأضاف: «كان فيه حنفيات كتير بنشرب منها ميّه نضيفة وشكلها كان حلو، دلوقتى وصلت إنهم بيعلقوا عليها الهدوم».
على محمد، مسئول الأمن العام بعين حلوان الكبريتية، يقول: «بقالى 9 سنين بشتغل هنا، وفيه إقبال كبير عليها، عشان مجاناً من غير فلوس»، مشيراً إلى أن العلاج فى العين مخصص للمرضى الذين يعانون من الأمراض الجلدية أكثر من غيرها من الأمراض والسبب فى ذلك أن هذه المياه معدنية خالية من الأملاح فهى رطبة على الجلد. ويتابع: «شهرة المكان بسبب كمية الكبريت المعالجة التى تصل إلى 27% من مكونات مياهها، منذ ظهور العين فى عام 1939م».
أما «عيون الست خضرة» وهى مقصد السياحة العلاجية الآخر فى حلوان، فقد بدت خالية من اللافتات، تجلس فى مقدمتها سيدة تتلقى الزائرين بإجابة واحدة: «إيه اللى جابك هنا، دى مقفولة وممنوع الدخول فيها»، المكان الذى غطته الأشجار والورود الجميلة تتخلله ثلاثة من العيون الكبريتية المتفرقة المحاطة بكل عين منها دائرة من السور المغلق حولها من جميع الجهات لمنع استخدام مياهها، ومنع الدخول إليها، يقول خالد عاطف، 52 عاماً، أحد سكان منطقة الست خضرة: «كانت هنا مياه كبريتية تشفيك من كل حاجة، بس اتقفلت من زمان أوى وجددوها وبقى شكلها حلو، بس محدش عارف هيفتحوها إمتى». بينما بدت «عين كابريتاج حلوان» هادئة، حيث تضم مركز حلوان الكبريتى للعلاج الطبيعى والروماتيزم، فتجد على يمينك لوحة استرشادية مدوناً عليها «مكتب الخزنة»، أما عن يسارك فتجد لوحة أخرى «مكتب حجوزات الكشف»، وعلى جانبى الصحن توجد بعض المقاعد الجلدية المتهالكة، مع دقات التاسعة صباحاً تبدأ رحلة استقبالها للمرضى يومياً.
تبدأ رحلة العلاج بحجز تذكرة دخول ثمنها 3 جنيهات عند بوابة الدخول، يعقب ذلك البقاء فى ساحة الانتظار لحين ميعاد الكشف فى حجرة مخصصة لذلك أمام فريق طبى متكامل، حيث يتم معرفة علة المرضى عبر أسئلة شفوية تنتهى بوصفات علاجية واحدة ومتشابهة إلى حد كبير.
تتنوع جلسات العلاج ما بين مياه كبريتية أو علاج طبيعى أو جلسة الشمع كل حسب حالته، مقابل مبلغ مادى لا يزيد على 10 جنيهات. تقول سعاد حنفى، إحدى سكان أطلس بحلوان، إنها اعتادت التردد على المكان منذ 4 سنوات: «عارفة إن مفيش اهتمام بس أعمل إيه، الميه كويسة وبتريّح وجع رجلى بدل العلاج الطبيعى وألم أجهزة الكهربا».
وفيما أضافت أم محمد عادل، 45 عاماً، من حى إمبابة: «ركبى بتوجعنى، باجى 3 مرات فى الأسبوع، والدكتورة شخصت حالتى خشونة، وطلبت منى أعمل 12 جلسة ميه وزيهم علاج طبيعى، وأهو بعمل وربنا هو الشافى». لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة لمنى المحمدى، التى قالت إنها تقطع مئات الكيلومترات مرتين فى الأسبوع من محافظة المنيا لكى تقوم بعمل جلسات من المياه الكبريتية على جسدها لأنها تعانى من ألم شديد فى فقرات الظهر، تضيف: «بيقولوا الميه دى بركة، أنا لفيت كعب داير على الدكاترة ومفيش زى العلاج الربانى الطبيعى من الميه دى». وبكلمات ترسم على ملامحها الحزن: «اللى مضايقنى هنا إن مفيش اهتمام كبير بالمكان رغم أهميته».
وأشارت «أم خلود»، من الزوار الدائمين بالمكان، والمقيمة بحى حلوان: «الجلسة هنا بـ7 جنيه والحمد لله أشعر براحة وبشكل أسرع من مفعول الأدوية العادية».
«نصحونى كتير إنى آجى المكان ده، وأهو بجرب يمكن يكون سره باتع وحساسية جلدى تخف»، بهذه الكلمات عبرت أم وليد عباس، إحدى سكان السيدة زينب، عن أملها فى الشفاء: «فيه دكاترة كتير قالوا لى على المكان وأنا قلت آجى، يمكن الشفا يكون على إيد ميّة حلوان». فيما قالت إحدى الممرضات بالمكان -طلبت عدم نشر اسمها- إن هناك ثلاثة أيام مخصصة للسيدات وثلاثة أيام أخرى مخصصة للرجال، وإنهم يستقبلون فى اليوم عشرات المرضى الذين يعانون من أمراض جلدية وعظمية، فهى مياه معالجة ويؤمن بها معظم أطباء الجلدية والعلاج الطبيعى فى كل دول العالم، وعلى الدولة الاهتمام بها وعلى المرضى الالتزام بقواعد نظافة المكان. كما أضافت السيدة الأربعينية: «الميه هنا بتتغير يوم بعد يوم، محدش بيدخل فيها، دى حاجة من عند ربنا بتخرج من بطن الأرض، ومش بنضيف لها أى مواد ولا ميه عادية ولا حتى كلور، زى ما بنسمع بعض الناس بتفتى من دماغها وتقول كده»، تتابع: «كل اللى بييجى هنا بيبقى عارف إنها كويسة».
من جانبه، قال الخبير السياحى محمد عبدالله إن أماكن الاستشفاء فى حلوان تحتاج إلى تطوير واهتمام شديد سواء من قبَل الجهات الحكومية أو السياحية، وأضاف أن هذا النمط السياحى متوافر بشكل كبير فى مصر، خاصة فى محافظة القاهرة، وأضاف: «رغم ما تمتلكه مصر من أماكن ومقومات وأراضٍ هائلة تجعلها تحتل المركز الأول وبجدارة بمنطقة الشرق الأوسط فى مجال السياحة العلاجية، إلا أن هذا النوع من السياحة ما زال خارج دائرة الضوء، ما أفقد مصر حقها فى الحصول على نصيبها المنصف من إيرادات تلك السياحة».
وأوضح «عبدالله» أن الأماكن العلاجية فى عين حلوان يستخدمها بعض الناس بغرض النزهة: «مفيش ما يمنع إنهم يتفسحوا لأنها نوع من السياحة والعلاج فى نفس الوقت، إنما الاهتمام والتطوير واجب».
ويؤكَّد الدكتور محسن سليمان، أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بطب قصر العينى، أن أماكن الاستشفاء التى تحتوى على الأملاح المعدنية والكبريتية مفيدة جداً لعلاج الأمراض الجلدية مثل «الصدفية والحمونيل»، كما أنها تستخدم كعلاج للبشرة الدهنية، حيث نوه بضرورة تغيير المياه بشكل يومى من أجل العلاج، وأشار إلى أن اختلاط المياه بالقمامة فى مثل هذه الأماكن العلاجية يسبب مشاكل خطيرة.
وأضاف «سليمان» أن المياه الكبريتية لا تشفى بنسبة 100% لكنها تخفف المرض بنسبة 20 - 30% مع الظروف الطبيعية، فهى تستخدم كعوامل مساعدة ولكن لا تعالج بشكل جذرى، كما نوَّه بأن ثقة المرضى فى هذه المياه تبعث الأمل لديهم وتساعدهم بنسبة كبيرة على الشفاء أو كما قال: «التأثير النفسى يساعد فى العلاج بنسبة 80%»، ويتابع «سليمان» أن الرائحة الكريهة التى شكا منها البعض تشير إلى عدم تغيير المياه بشكل يومى، وفى هذه الحالة تضر ولا تفيد.
من جانبه، قال اللواء أسامة النحاس، رئيس حى حلوان، إن المحافظة على علم بأن هذه الأماكن تحتاج إلى تطوير وأنها داخل خطة التطوير، وأكد أن رئاسة الحى غير مسئولة عن تطوير هذه الأماكن، ولكن مسئولية خطة تطويرها تحتاج إلى مجهود أكبر بكثير من مجهود الحى، حيث أوضح أنه ليس لديه علم بتوقيت هذا التطوير وإمكانية تنفيذه فى هذه الأماكن، لكنه نوَّه بأن هذه المياه سوف يتم استثمارها فى العلاج فيما بعد على المستوى العالمى.