الطريق إلى أفريقيا.. صُنع فى مصر!

لا أدرى كيف تذكرت أفريقيا عندما كان محمد على المدير التنفيذى للمجلس الاقتصادى العربى الأفريقى.. فالحق أنه قد قفزت إلى ذهنى ثلاثة أشياء جعلتنى أشعر بنوع من النوستالجى «الحنين» لهذه القارة السمراء التى ننتمى إليها:

أول هذه الأشياء.. أستاذنا الدكتور «عودة» الذى كان يعطينا محاضرات من كتابه «سنوات الحسم فى أفريقيا».. وكان يرحمه الله يبدأ محاضرته بكلامه عن العزيزة أفريقيا.

الشىء الثانى عندما التقيت فى باريس أستاذنا الراحل -رحمه الله- بطرس بطرس غالى الذى كان فى لقاء مع المصريين المغتربين فى منزل قنصل عام مصر د. محمود سليمان، وكان ينصحنا جميعاً بالذهاب إلى أفريقيا وترك أوروبا التى نغسل فيها صحوناً حتى ولو كان المغترب يحمل شهادة الهندسة أو الطب.. لكن فى أفريقيا سيعتبروننا خبراء وسنعمل فى تخصصاتنا.. كان د. بطرس غالى يقول لنا ذلك متحمساً عندما كان وزير دولة للشئون الخارجية..!

والشىء الثالث أننى ذهبت محاضراً فى المعهد الدبلوماسى عندما كان السفير الدكتور وليد عبدالناصر مديراً له.. والتقيت ببعض الطلبة الأفارقة الذين كنت أحاضرهم باللغة الفرنسية وأخبرونى أنهم يندهشون من أن أفريقيا غائبة والجرائد المصرية تتحدث عن أوروبا وأمريكا مع أن هذه المناطق لم يأت منها إلى مصر غير الاستعمار والاستشراق، أما أفريقيا وللعجب، يأتى منها شريان الحياة، ورغم ذلك لا مكان لها فى الجرائد المصرية!

فكرت طويلاً فيما قيل لى، وقلت فى نفسى: عندهم حق!

وظل هذا العقوق تجاه أفريقيا حتى التقيت مصادفة بالسيد محمد على الذى حدثنى بعشق عن القارة السمراء، وحدثنى أكثر عن فكرة المجلس الاقتصادى العربى الأفريقى الذى يعمل جنباً إلى جنب مع مؤسسات إقليمية مثل جامعة الدول العربية، وأذكر أنه تحدث بأعلى صوت وقال: أفريقيا تنتظر المصريين وترحب بخبراتهم.. ونحن فى حاجة إليها ونود أن نشارك فى التنمية التى تعيشها القارة!!

وأخبرنى أن هذا المجلس هو مجلس لا يهدف لتحقيق الربح ويعمل على تفعيل وتطوير الدور المصرى والعربى فى القارة السمراء، التى تمتلك ثروات وموارد طبيعية كبيرة، وذلك من خلال توظيف الإمكانيات والخبرات المتاحة فى كافة مجالات التنمية بما يحقق المنفعة العامة.

وأضاف: فى ضوء هذا التلاقى للأفكار شرعت نخبة من المهتمين بالشأن الأفريقى من دبلوماسيين ورجال أعمال وأكاديميين وإعلاميين وشخصيات عامة لتأسيس هذا المجلس ليكون إحدى الأدوات أو الآليات التى من شأنها تعميق العلاقات مع القارة السمراء عن طريق -وهذا هو الأهم- جذب الاستثمارات العربية وتوظيف الخبرات فى المجالات الأفريقية، وأن يتم ذلك باستخدام وتوظيف الخبرات المصرية التى تحظى بقبول واسع النطاق فى أفريقيا لتحقيق التنمية المنشودة، وقد تم إشهار هذا المجلس وفقاً للقانون رقم 84 لسنة 2002 تحت رقم 696 بتاريخ 10 سبتمبر 2014 بالإدارة العامة للجمعيات بوزارة التضامن الاجتماعى.

وقد ضم مجلس الإدارة إلى جانب الرئيس د. حسن راتب الرئيس الشرفى، د. إسماعيل عثمان، ومهندس محمود محمد أحمد، والأمين العام د. عبدالمجيد قاسم، والأستاذة أسماء الحسينى أميناً للصندوق.. أما الأعضاء فهم مهندس عصام زهران، ود. ياسر ماهر عبدالعزيز، أما المدير التنفيذى فهو محدثنا محمد على الرجل الدينامو.

وعن أهداف المجلس يقول الرجل:

عقد المؤتمرات والندوات للتعريف بفرص الاستثمار التنموية والتجارة المتاحة فى الدول الأفريقية، وإعداد دورات تدريبية لتفعيل دور القطاع الخاص المصرى العربى الأفريقى، وطرح مبادرات بالدول العربية والأفريقية التى من شأنها تقوية العلاقات والروابط الثقافية والاجتماعية، والتعاون مع مراكز البحوث المتخصصة فى شئون القارة السمراء.

وأضاف: الأهداف الرئيسية هى فتح آفاق للتعاون الاقتصادى والتنموى وتوثيق العلاقات وتبادل الخبرات وتشكيل مجموعات عمل متخصصة فى المجالات الاقتصادية.

واستطرد محمد على يقول: إن إشاعة أن الاستعمار ما زال هناك وأن لبنان وصل قبلنا وكذلك إسرائيل وسوف يحاربون المصريين إذا ما ذهبوا إلى هناك.. هذا غير صحيح، لا أحد يحارب أحداً.. وإذا حدث فمصر لها الفوز.. والأفارقة معنا.. المهم أن نذهب إلى هناك وأن نعمل وننمى أفريقيا.

لماذا نترك أفريقيا وحدها.. هذا شىء مستهجن، يجب أن نذهب ونعمل.. أفريقيا فى انتظارنا.

أعتقد أن هذا الاهتمام بأفريقيا جاء متأخراً لكن المثل الفرنسى يقول: أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى، المهم أننا ندعو جميع الخبرات إلى الذهاب إلى أفريقيا.. ونؤمن بأن الطريق إلى أفريقيا قد صنع فى مصر!

أفريقيا قريبة جداً منا فى مصر.. علينا أن نشد الرحال إليها.. وصندوق الخدمة الذى يعمل فى الخارجية المصرية وشبابنا من كل الأعمار وخبراؤنا فى مجالات الزراعة والصناعة.. لا بد أن نحمل كل ذلك ونذهب إلى هناك.. أفريقيا تفتح أذرعها وتنتظر شباب مصر واستثماراتهم التى ستعود بالخير على الجميع.

ولا ننسى أن المجلس استضاف يوماً رئيس الكوميسا الأفريقية ومنحه نحو عشرين منحة دراسية فى مصر.. توطيد علاقاتنا بالقارة السمراء، يبدأ من المنح والمؤتمرات والندوات بفرص التوعية واستضافة السفراء.. والشخصيات الرسمية وغير الرسمية العربية والأفريقية، وإصدار مجلة أو نشرة دورية تعبر عن أنشطة المجلس ونشر البحوث والدراسات.. أفريقيا هى حاضنة مصر.. فلماذا التردد فى الذهاب إلى هناك؟!

■ تقود مصر عملاً جباراً من خلال المجلس الاقتصادى العربى الأفريقى، لا بد من تشجيعه ولا نهتم بدول الشمال على حساب القارة السمراء.