«كفر الدوار العام»: الأطباء يجبرون المرضى على إجراء العمليات فى عياداتهم الخاصة.. ووحدتا الأكسجين والأشعة خارج الخدمة.. وتكهين أجهزة حديثة

«كفر الدوار العام»: الأطباء يجبرون المرضى على إجراء العمليات فى عياداتهم الخاصة.. ووحدتا الأكسجين والأشعة خارج الخدمة.. وتكهين أجهزة حديثة
- أجهزة حديثة
- أجهزة طبية
- أزمة صحية
- أهالى البحيرة
- إجراء عملية
- إعادة فحص
- ارتفاع تكاليف
- الأجهزة الرقابية
- الأوعية الدموية
- التأمين الصحى
- أجهزة حديثة
- أجهزة طبية
- أزمة صحية
- أهالى البحيرة
- إجراء عملية
- إعادة فحص
- ارتفاع تكاليف
- الأجهزة الرقابية
- الأوعية الدموية
- التأمين الصحى
على بُعد 28 كيلومتراً من دمنهور عاصمة البحيرة، تقع كفر الدوار، كبرى مُدن المحافظة من حيث المساحة والتعداد، وعلى بُعد 500 متر فقط من مدخل المدينة يوجد مستشفى كفر الدوار العام، خامس أكبر مستشفيات الجمهورية من حيث المساحة والإمكانيات، لكن بمجرد الدخول من البوابة الكبيرة المخصّصة لدخول السيارات، تشعر وكأنك داخل «مولد بلا صاحب»، أكثر من 700 طبيب وطبيبة يعملون داخل هذا الصرح، لا يظهر فى المشهد سوى عمال النظافة الذين يبحثون عن إكراميات من أهالى المرضى، والممرضات اللاتى ينتشرن فى جميع الطرقات دون تقديم أى مساعدة أو خدمة للمرضى.
أمام المكتب الإدارى بالدور الأول بالمستشفى يصرخ «على» فى وجه كل مسئول يقابله، يشكو بصوت عالٍ من ابتزاز بعض الأطباء ومتاجرتهم بآلام المرضى.
على أبوشعير، هو نجل «هانم عبدالفتاح أبويوسف»، مريضة بقسم الجراحة، يروى قصته لـ«الوطن»، قائلاً: تعرّضت والدتى إلى أزمة صحية شديدة، وبعد الكشف عليها تبين أنها تعانى من «خُراج» بالكبد وثقب بالإثنى عشر، واستدعى الأمر المثول لمرحلة علاجية مكثّفة، تكبّدنا خلالها مصاريف باهظة.
أضاف «أبوشعير»: «خلال فترة العلاج شعرت والدتى بآلام شديدة بالمعدة، توجّهنا على أثرها إلى إحدى العيادات الخاصة بالطبيب (ص. ع) بكفر الدوار، وبعد إجراء الكشف عليها أخبرنا بأنها تحتاج إلى تدخل جراحى سريع، نظراً لتأخر الحالة صحياً، ولارتفاع تكاليف العملية طلبنا منه الذهاب إلى مستشفى التأمين الصحى (المبرة)، خصوصاً أن والدتى إحدى المنتفعات بالتأمين، فما وجدنا منه إلا كل غضب واستهانة بالحالة، قائلاً: (ودوها فى الحتة اللى تريحكم)».
وتابع: «توجهنا بها إلى مستشفى المبرة، وأُجريت لها الفحوصات اللازمة، ولم نجد إلا كل اهتمام بالحالة، ونظراً لخطورة الحالة صحياً، تم تحويل والدتى إلى المستشفى العام بكفر الدوار، لإجراء عملية جراحية سريعة لها، وبعد توجهنا إلى المستشفى وجدنا رئيس قسم الجراحة بالمستشفى هو الطبيب الذى أجرى الكشف عليها فى عيادته الخاصة، وفور أن شاهدنا، صاح قائلاً (أنا مش هاعمل العملية فى المستشفى، وأمكم فى حالة خطرة واحتمال تموت، إما أن تجرى العملية فى المستشفى الخاص أو تتركوها لتموت هنا)».
واستطرد «أبوشعير» قائلاً: «بعد الكثير من المحاولات لاستعطاف الطبيب، وحثه على إجراء العملية لوالدتى داخل المستشفى الحكومى رد علينا لو عاوزين تعملوا العملية فى المستشفى الخاص أنا موجود، مش عاوزين هاخلى أمكم تموت هنا فى المستشفى، وهاقفل تليفونى بعد ما أخرج من المبنى».
لم يجد الابن أمامه سوى التوجّه إلى مدير المستشفى العام وتوقيع إقرار على مسئوليته الشخصية بإجراء العملية لوالدته إلا أن مدير المستشفى أحال الأمر إلى رئيس قسم الجراحة مرة أخرى، وبالعرض على طبيب التخدير، أخبر «أبوشعير» أن الحالة لا يمكن تخديرها، نظراً لوجود موانع طبية، وهو ما اضطره إلى الموافقة على إجراء الجراحة فى العيادة الخاصة، بعدما اقترض أموالاً من أقاربه وجيرانه، قائلاً: «الدكتور أخد 15 ألف جنيه أجرة إيده فقط، وبلغ إجمالى العملية 45 ألف جنيه».
ذهب الابن ووالدته إلى العيادة لإجراء الجراحة، ليجد طبيب التخدير هناك هو نفسه الطبيب الذى رفض تخديرها فى المستشفى العام، وأخبرنا بأن هناك موانع طبية لتخدير الحالة، الأمر الذى قال عنه الابن: «ساعتها تأكدت إننا قدام عصابة تسيطر على المستشفيات الحكومية، وتستغل حالة المرضى وتساومهم على حياتهم، وهو ما دفعنى إلى تحرير محضر بقسم الشرطة رقم 2666 إدارى القسم، وتقدمت بمذكرة للنيابة الإدارية ذكرت فيها جميع التفاصيل السابقة، وتقدمت بمذكرة أيضاً إلى وزير الصحة أطالب فيها بالتحقيق فى هذه الواقعة».
أمام البوابة رقم 2 الخاصة بالمستشفى وقف «تاكسى» وفتح السائق بابه لتحاول سيدة مسنة الخروج منه، وقالت بصوت عالٍ لأحد الشباب المارين بجوارها: «ساعدونى يا شباب علشان أدخل أكشف على رجلى المتورمة»، وفى الطريق إلى مبنى العيادات أخرجت السيدة العجوز بطاقتها للحصول على كرسى متحرك، مطالبة الشاب بإيجاد كرسى يتحمّل وزنها الذى يزيد على 100 كيلو، بعد محاولات كثيرة تمكن الشاب من إيجاد كرسى يمكنه تحمّل السيدة، فأغلب الكراسى المتحركة متهالكة.
جلست السيدة على الكرسى وطلبت من الشاب البحث عن عامل يساعدها فى التوجّه إلى مكان الكشف على رجليها، قائلة: ««شوفوا لى أى حد من العمال، أنا متعودة أدفع لهم فلوس علشان يساعدونى، ولو ما أخدوش فلوس هاتبهدل آخر بهدلة، ومحدش هيسأل فيّا حتى لو قعدت فى المستشفى للصبح».
وبسؤال الأطباء والممرضات عن القسم الذى ستدخله السيدة تضاربت الأقوال والتشخيصات، منهم من أرسلها إلى قسم الأوعية الدموية، ومنهم من نصحها بالتوجّه إلى الجراحة، وآخرون طلبوا منها الذهاب إلى قسم الأورام بالدور الثانى، وخلال ذلك تساقطت دموع السيدة المسنة وهى تطلب المشورة الصحيحة من الأطباء، إلى أن تدخّل طبيب جراح بالمستشفى وحولها إلى القسم الخاص به لتوقيع الكشف عليها.
على بُعد خطوات من السيدة المسنة، تجمع عشرات المرضى أمام قسم الأشعة، معلنين عن غضبهم بسبب إغلاق القسم أمام المواطنين، وقال مجدى أبوالمكارم، كهربائى: «منذ سنوات وأنا أحضر إلى هذا المستشفى مع أقاربى وزملائى، ولم أجد قسم الأشعة يعمل ولو مرة واحدة، حتى تعود المرضى أن قسم الأشعة مُعطل دائماً، ويذهبون من غير سؤال إلى مراكز الأشعة الخاصة المقابلة للمستشفى مباشرة».
الأمر نفسه تكرّر مع إحدى السيدات التى جلست تبكى بجوار الحائط الخاص بغرفة الأشعة، وبسؤالها عن السبب، قالت: «ابنى وقع على دراعه النهارده الصبح، وجريت بيه على المستشفى بعد ما إيده ورمت، وبعد معاناة الزحام أمام عيادة العظام، طلبوا منى عمل أشعة على الذراع، ولما جيت أطلب منهم أشعة قالوا لى بنفس اللفظ الجهاز عطلان، روحى اعمليها بره، وذكروا لى اسم مركز خاص بعينه، وأنا مش معايا فلوس علشان أعمل الأشعة دى بره، لأن جوزى شغال عامل باليومية».
وبالسؤال عن هذا العطل الذى لا ينتهى، أخبرنا أحد العاملين أن تعطيل قسم الأشعة مُتعمّد، وذلك لإرسال الحالات المرضية إلى المراكز الخاصة، التى يساهم فيها الأطباء بنسبة كبيرة، وأكدوا أنه فى حالة تشغيل قسم الأشعة ستُغلق جميع المراكز الخاصة، ويتكبّد الأطباء أصحاب مراكز الأشعة الخاصة خسائر فادحة، واستكمالاً لمسلسل الفساد داخل المستشفى، كشف مسئول بمستشفى كفر الدوار العام، تحتفظ «الوطن» باسمه، عن أكبر عملية تكهين لأجهزة طبية تعمل بكامل طاقتها، وقال المصدر: هناك معدات طبية دخلت الخدمة فى عام 2013 ولها ضمان 20 سنة، تحاول إدارة المستشفى تكهينها وعرضها للبيع فى مزاد علنى، وتتم العملية لخدمة أطباء بعينهم، لديهم مراكز طبية خاصة، سيقومون بشراء هذه المعدات بأقل الأسعار ويستخدمونها داخل مراكزهم الخاصة، مشيراً إلى أن هناك شبهة تواطؤ بين المسئولين بمديرية الصحة والإدارة، حيث إنه تم تعيين رئيس مخازن بالمستشفى بالمخالفة للمادة 85 من اللائحة القانونية، التى تنص على إلزام رئيس المخازن بتحمّل العهدة كاملة دون غيره. وتابع المصدر: «60% من المعدات دخلت الخدمة فى سنة 2013 والباقى ما بين 2004 إلى 2012، ولهذه الأجهزة فترة صيانة وعمل لا تقل عن 20 سنة، وتكهينها بعد أقل من ربع المدة يعد إهداراً للمال العام، ويجب محاسبة المقصرين تجاه هذه الأجهزة، وإعادة فحص المعدات التى آلت للتكهين، بعد تخصيص لجنة من الوزارة توضح حقيقة تلفها من عدمه». كما أكد المصدر أن وحدة إنتاج الأكسجين بالمستشفى لا تعمل بكامل طاقتها وتوجد بها مشكلات، خصوصاً أن هذه الوحدة كانت مخصّصة لمد جميع مستشفيات البحيرة بالأكسجين، ورغم ذلك فإن الوحدة لا تعمل بكامل طاقتها ولا تمد المستشفى وغرفة العناية المركزة بالأكسجين.
من جانبه، قال الدكتور خالد شوقى، مدير المستشفى، إن جميع إجراءات التكهين الخاصة بالأجهزة تخضع للمتابعة من الأجهزة الرقابية بالدولة، ولا يوجد على المستشفى أى شبهة فى عملية الإعلان عن مزاد أو بيع، خصوصاً أن جميع الأجهزة التى تم تكهينها خضعت لفحوصات من لجان مختصة بالوزارة، ولا يستطيع أحد تحمّل مسئولية تكهينها بمفرده. وقال «شوقى» إن «على الأشخاص الذين يتهمون إدارة المستشفى بالسرقة والفساد، أن يتقدّموا بالمستندات التى تثبت ذلك إلى جهات التحقيقات، سواء النيابة الإدارية أو النيابة العامة، ولا نسمح بأن يرمى أحد الاتهامات على المسئولين دون وجود دليل». وأضاف: «صدر مؤخراً قرار من وزارة الصحة باختيار مستشفى كفر الدوار العام لنظام (الإحالة)، بمعنى أن يتم تحويل الحالات الخطرة والضرورية إليه، بدلاً من المستشفيات الجامعية التى تبعد عن أهالى البحيرة كثيراً، وتم اختيار صرحين طبيين فقط بالبحيرة هما مستشفى كفر الدوار ووادى النطرون». وتابع: «هذا الأمر دفع لجنة من الوزارة إلى زيارة المستشفى ومعرفة ما ينقصه من أجهزة لإتمام نظام الإحالة، وقرّرت اللجنة تكهين الأجهزة لعدم صلاحيتها، خصوصاً أن منها أجهزة تعمل منذ 30 عاماً».
أجهزة غير مستخدمة
مستندات تكهين الأجهزة فى المستشفى