"هتلر" و"عامر" و"جولن".. صداقات احترقت بـ"نيران السياسة"

كتب: دينا عبدالخالق

"هتلر" و"عامر" و"جولن".. صداقات احترقت بـ"نيران السياسة"

"هتلر" و"عامر" و"جولن".. صداقات احترقت بـ"نيران السياسة"

وسط دروب ودهاليز الصراعات السياسية التي لم تخمد شعلتها يوميا، في كل بلدان العالم وبين بعضها البعض، كان للصداقة مكان أيضا، حيث ارتبط الكثير من السياسيين بعلاقات صداقة متميزة، سواء مع أمثالهم بنفس المجال أو آخرين من خارجه، لنماذج معروفة، تعود إلى الأذهان في خضم الاحتفال باليوم العالمي للصداقة.

اليوم العالمي للصداقة.. حدث دولي أقرته الدورة الخامسة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل 2011، حيث تقرر إعلان يوم 30 يوليو يوما، للاحتفاء فيه بالصداقة لإدراك جدواها وأهميتها بوصفها إِحدى المشاعر النبيلة والقيمة في حياة البشر في جميع أنحاء العالم، كعاملا ملهم لجهود السلام.

ومن بين أشهر الصداقات بين السياسيين، هي العلاقة القوية التي جمعت بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع المشير عبدالحكيم عامر، فكان يصفه بـ"صديق العمر"، حيث تشاركا صفوف عملهما العسكري، وتشكيل مجلس الضباط الأحرار الذي تمكن من الإطاحة بالنظام الملكي لإرساء قواعد الجمهورية، وتنوعت في علاقتهم أوجه الصداقة، سواء في العمل السياسي من خلال دعم المشير لعبدالناصر في منصبه الرئاسي حيث كان يصف الكثيرون عامر بـ"الذراع اليمنى"، وفي الجانب الإنساني أيضا حيث أطلق الرئيس الثاني بعد ثورة 23 يوليو اسمه صديقه "عبدالحكيم" على ابنه.

ورغم قوة العلاقة بينهما، إلا أن تلك الصداقة لم تكتمل، حيث كتبت نكسة 67 نهايتها، التي تم تقديم فيها المشير عبدالحكيم عامر للمحاكمة وإلزامه بالإقامة الجبرية لحين وفاته، تلبية للمطالب الشعبية بمحاكمة القادة المسؤولين عن تلك الهزيمة، وهو ما ترك آثارا ضخمة داخل نفس عبدالناصر.

إرنستو تشي جيفارا وفيدل كاسترو.. من أشهر نماذج الصداقة السياسية، حيث تشاركا حلم تحرير كوبا سويا، من خلال حركة 26 يوليو في عام 1955 التي جمعتهما، وتزعما الثورة معا رغم صعوبات تلك الفترة الشديدة، إلا أن تلك العلاقة أيضا لم يكتب لها الاستمرار مع زيادة الضغوطات السياسية، حيث رغب المناضل الكوبي جيفارا في تحرير أمريكا اللاتينية بأكملها، بينما سعى كاستروا لإرساء قواعد السلام وإنشاء النظام الشيوعي إلى أن تولى رئاسة كوبا.

وفي تركيا أيضا، ارتبط الرئيس رجب طيب أردوغان بصداقة مع الداعية الإسلامي فتح الله جولن، لفترة طويلة من قبل حيث كانا صديقين مقربين سعيا معا لإقامة دولة إسلامية بإسطنبول، ولكن سرعان ما انتهت بوصول أردوغان إلى الحكم، حيث تنافرت آراؤهم السياسية بشدة، ليتحولا من صديقين إلى عدوين، وأعلن الرئيس التركي إدراج حركة "جولن" ضمن الجماعات الإرهابية، وترك الداعية البلاد إلى أمريكا، ووجهت إليه اتهامات بكونه منظم الانقلاب الفاشل في تركيا العام الماضي.

ورغم شخصيته الصعبة وأجواء الحرب الدامية، إلا أن الرئيس النازي أدولف هتلر كان أيضا من أصحاب نماذج الصداقة المتميزة في التاريخ، حيث توطدت علاقته مع نائبه الأول رودولف هس، في 1922، وتشاركا في محاولة الانقلاب الفاشلة بولاية بافاريا، وتم اعتقالهما سويا، وعُرف عن "هس" حبه الشديدي للفوهرر هتلر وطاعته العمياء له، حتى إنه قال يوما: "بكل فخر نرى أن رجلا واحدا فقط يبقى خارج نطاق النقد، وهو الفوهرر، هذا لأن الجميع يشعر ويعلم أنه على حق، ودائما سيبقى على حق"، كما قال في خطاب آخر قبل الحرب العالمية الثانية إن " ألمانيا هي هتلر، وهتلر هو ألمانيا".

ولكن تلك الصداقة أيضا لم يكتب لها الاستمرار، حيث وقع "هس" في قبضة بريطانيا بالخطأ، حيث كان يرغب في اقتراح السلام عليهم لإنهاء الحرب والتفرغ للسوفييت، ولكن تم إيداعه بالسجن، ومعاملته معاملة أسرى الحرب أصحاب الرتب العالية، وعلى إثر ذلك جن جنون "هتلر" واعتقل كل مساعدي نائبه، وأشاع أن "هس" أصابه الجنون، واعتبرها خطة معدة مسبقا للتغطية على الفشل الدبلوماسي، ولكن عاد "هس" إلى البلاد بعد انتحار هتلر وتم محاكمته بإبادة اليهود والحكم بسجنه مدى الحياة.


مواضيع متعلقة