"تسييس الحج".. كيف تحاول قطر وإيران إحراج السعودية؟

"تسييس الحج".. كيف تحاول قطر وإيران إحراج السعودية؟
ليست مصادفة أن تتطابق الدوحة مع طهران، وعلناً هذه المرة، حين تدعو إلى تدويل الحرمين المكي والنبوي، تحت عنوان يقول إن هذه المواقع إسلامية، ولا يجوز أن تدار من قبل المملكة العربية السعودية، حيث تتزايد الضغوط التي تمارسها إيران مع عدد من دول المنطقة، للمطالبة بتدويل إدارة منطقة الحرمين الشريفين، وجعل رعايتهما حقًا شرعيًا لكل الدول المنتسبة للإسلام، وإتاحة الفرصة لتلك الدول للمشاركة في حراسة الحرمين أمنيَّا، لكن المثير في هذا العام أن دولة قطر هذه المرة هي التي تطالب بتدويل الحرمين.
ولوحظ أن قناة "الجزيرة" بدأت تستخدم تعبيرًا لم تستخدمه أي دولة، أو وسيلة إعلام خليجيّة من قبل، وهو فصل الحرمين الشريفين عن السياسة"، في إشارةٍ إلى الأماكن المقدّسة في مكة المكرّمة والمدينة المُنورة.
وليست مصادفة، أن تتطابق الدوحة مع طهران، وعلنا هذه المرة، حين تدعو إلى تدويل الحرمين المكي والنبوي، تحت عنوان يقول إن هذه المواقع إسلامية، ولا يجوز أن تدار من قبل المملكة العربية السعودية بينما الدوحة وكعادتها تقلب الحقائق، وتريد تشويه سمعة السعودية على خلفية المعايير التي وضعتها بشأن الحجاج القطريين.
وتدعي "الدوحة"، أن المملكة العربية السعودية تحرم حجاج قطر من أداء المناسك، ولا تعترف أمام شعبها بأن تصرفاتها هي التي أدت إلى منع السفر برا التزاماً من الرياض بما اتفقت عليه مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بمقاطعة نظام الدوحة، هذا إضافة إلى أن المملكة جعلت السفر جواً أمراً متاحا بما يعنيه من معايير تنظيمية أعلى، ولم تمنع القطريين بتاتا من الوصول إلى مكة والمدينة.
وتوحدت رؤى المفكرين والباحثين حول عدم أحقية "الدوحة" أو "طهران" في المطالبة بتدويل الحج أو المشاعر الدينية في المملكة العربية السعودية، حيث أن ذلك يُعد تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية للدول العربية.
فقد قال الدكتور محمد محسن أبو النور، الخبير في الشؤون الإيرانية والباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن الطلب القطري بتدويل الحرمين الشريفين فيه تصعيد عنيف غير مبرر يستهدف إحراج مكانة السلطات السعودية على المستوى الأممي، نظرًا لأن المملكة العربية السعودية وافقت على شروط إيران لدخول الحاج هذا العام.
واستبعد "أبو النور" لـ"الوطن" تصعيد الأمر لحدوث تدخل دولي في الحج، واصفًا ما فعلته قطر بالمطالبة بتدويل الحرمين بأنها خطوة قطرية تسعى للخصم من الرصيد الدولي للمملكة العربية السعودية، في ضوء أزمتها مع الرباعي العربي.
وأكد خبير الشؤون الإيرانية، إن هذه الخطوة القطرية تستهدف الضغط على المملكة العربية السعودية من أجل إجبارها على القبول بكل الشروط القطرية فيما يتعلق بدخول الحجاج، بالرغم من أن هذه الأمور تتم بتنسيق معروف يحدث كل عام من خلال تحديد نسب شركات الطيران وكل ما يتعلق بالترتيبات المعروفة.
وأضاف، أنه ليس من المنطقي اللجوء إلى سيناريو أو افتراض أن السعودية لن توافق على شروط دولة قطر لإدخال حجاجها، مضيفا: "من المعروف عن الرياض أنها لا تخلط المواقف السياسية بالمشاعر الدينية المقدسة، حتى في أشد حالات العداء مع إيران وافقت على كل مطالباتها".
وأشار "أبو النور"، إلى أن الدافع وراء اختلاف المشاكل في موسم الحج كل عام هو تحويل الصراعات السياسية مع السعودية إلى صراعات دينية، الهدف الأكبر منها إحراج مركز المملكة كدولة راعية للحرمين الشريفين، وتتمتع بسلطات روحية على كل العالم الإسلامي؛ بسبب إشرافها على هذه المشاعر المقدسة.
وبجانبه علق الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قائلًا على مطالبة دولة قطر بتدويل الحرمين "ده خطاب سياسي مروغ بمحاولة للعبث بالثوابت السياسية والدينية".
ووصف، الدعوة القطرية بأنها "دعوة خبيثة ورائها مناكفة ومكايدة للسعودية للملف الخاص بالأزمة القطرية، كما وضح أنه في الأيام المقبلة "هنسمع حوارات من هذا القبيل وشبيهة بوضع الأراضي المقدسة تحت إشراف دولي والمطالبة بإقامة محور إقليمي يضم الأتراك والإيرانيين وجماعات الإسلام السياسي وقطر، هنسمع أفكار عبثية في هذا السياق مش هنقف قدمها" على حد قوله.
وأشار "فهمي"، إلى أن قطر تريد أن توضح حدث سياسي إلى أهداف دينية وهو ما ينعكس على طرحها لهذه الدعوة، وبالتالي لا يوجد مبرر لهذا، مضيفًا أن ما تقوم به قطر الآن هو تكرار لما قام به القذافي وصدام حسين في مراحل معينة، قائلًا: "من العبث أن نتوقف أمام مثل هذه الدعاوى ولن نسمع لها ولن ننصت إليها بطبيعة الحال"، مُشيرًا إلى أن ذلك يتماشى مع ما تقوم به جماعات الحوثية بضرب مكة المكرمة بالصواريخ وما إلى ذلك.
وأردف: "ده بقى بيقرب قطر من إيران والحوثيين فى هذ الملف، واستئناف ضرب مكة بالصواريخ يهدف لهذا السيناريو".
وأضاف "فهمي" أن اختلاق المشاكل في موسم الحج كل عام ترجع لبعد سياسي يطغى على الموضوع وليست لديها أي أصول، مضيفًا أن قطر تستند إلى التجربة الإيرانية في التعامل مع السعودية سواء في موضوع الحرمين أو ضرب مكة أو الدعوى لتدويل المقدسات الإسلامية أو غيره، قائلًا: "نفس السيناريو الممل المُكرر اللي وراءه شخصيات إيرانية تُخطط في هذا التوقيت في السياسة القطرية".