«القفص».. بطل الرحلة المجهول: «من غيره محدش هيبيع ولا يشترى»

كتب: عبدالله عويس

«القفص».. بطل الرحلة المجهول: «من غيره محدش هيبيع ولا يشترى»

«القفص».. بطل الرحلة المجهول: «من غيره محدش هيبيع ولا يشترى»

مثل «النحلة» يتحرك بجسده الرشيق يمنة ويسرة، يناشد العمال إنزال الأقفاص من العربة برفق، حتى لا تتكسر، ويعلو صوته من بعيد «الله واحد، مالوش تانى، تلاتة، أربعة» ويستمر فى العد حتى تنزل الأقفاص كلها من العربة، فإذا وجد خللاً فى العدد، ارتفع صوته بالغضب مطالباً بالبحث عن القفص الناقص، فليس بوسع محمد مهدى أن يعمل والأقفاص منقوصة، لا المزارع سيقبل أن يشترى أقفاصاً لتمتلئ بالتين، ولا صاحب المتجر الكبير سيقدر على شراء أقفاص أخرى، بعدما ارتفع ثمن الواحد منها إلى 8 جنيهات ونصف.

على مدار السنة يشترى المتجر الكبير 20 ألف قفص، ورغم تكلفتها الكبيرة، إلا أن المزارع لا يتحمل ثمنها ولا يدفع نظير ملئها بفواكهه أياً كانت، فهى من اختصاص التاجر الكبير، ولما كانت الأقفاص ضرورية كان تعيين شخص يتابعها ويشرف عليها، أين ذهبت ومتى ستعود، أمراً حتمياً: «كل قفص ليه علامة، بنجيب بوية حمراء أو خضراء ونرسم بيها شكل معين، وبالتالى يبقى معروف دى أقفاص أنهى معلم» يحكى محمد المهدى صاحب الـ63 عاماً، التى قضى نصفها فى العمل داخل «شنيش» لبيع الفواكه، مشيراً إلى أنه يتابع مع سائق العربة وصوله بالتين ومتى سيعود بالأقفاص ويرتب مع البائع الذى اشترى منه متى سيفرغ الأقفاص، مضيفاً: «لو كل واحد خَد له كام قفص هتبقى مشكلة، لأن سعرها مش قليل ووجودها ضرورى جداً، وفى شهور معينة مابيبقاش فيها أقفاص جديدة عشان مفيش جريد».

ذهن الرجل حاضر، يذكر الأسماء والعناوين وعدد الأقفاص التى لديه، وحين تعود إليه مرة أخرى يعدها قفصاً قفصاً، وفى أيام العمل الكثيرة فإنه يضطر إلى حمل ورقة وقلم: «لو الناس كتير لازم أكتب مين خد وقد إيه، لكن لو العملية مريحة فباحفظ فى دماغى وخلاص»، مشيراً إلى أن الأقفاص لا تتحمل كثيراً فسرعان ما تهلك، ومن ثم يقوم باستبدالها بأخرى يحتفظ بها: «الفلاح مش هيجيب أقفاص، إحنا اللى ملزمين بيها عشان يجيب لنا فاكهته، وبناخد تمنها بس بطريقة غير مباشرة» مشيراً إلى أن العمولة التى يحصل عليها صاحب «الشنيش» تتضمن سعر الأقفاص بالتوزيع على كافة المزارعين بشكل غير مباشر.


مواضيع متعلقة