انتباه.. هل ستفقد مصر سياحة خليج العقبة بعد الربط مع البحر الميت؟

07/19/2017

مجدى علام

كاتب صحفي

حينما أثير ربط البحرين الأحمر والمتوسط عن طريق البحر الميت فى قمة جوهانسبرج طبعت كتاباً على نفقتى الخاصة باللغتين العربية والإنجليزية ووزعته أنا وزميلى د. عماد عدلى على كافة وفود المؤتمر وأفسدنا المؤتمر الصحفى للوزيرين الأردنى والإسرائيلى وسط تأييد إقليمى ودولى لرفض المشروع، كان ذلك عام ٢٠٠٢ ولكن الزمن تغير وأصبحت إسرائيل مهيمنة على المنطقة بشكل لم يحلم به بن جوريون نفسه.

بعد توقف دام منذ عام 2002 فى أعقاب فشل عرض المشروع الأردنى الإسرائيلى للأنبوب المائى الرابط بين خليج العقبة والبحر الميت لإعادة ملء البحر الميت بالمياه فى ظل انحسار وندرة للمياه الواردة للبحر الميت بسبب السيطرة الكاملة والاستهلاك الزائد لإسرائيل من مياه نهر الأردن، رغم اتفاقها على إعطاء الأردن جزءاً من الحصيلة المائية لهذا النهر واحتلالها بحيرة طبرية السورية الأردنية والسماح للأردن بالاستفادة القليلة منها، فإن خطة إسرائيل للسيطرة على موارد المياه المحدودة فى كل من سوريا والأردن وفلسطين بما فيها المياه الجوفية، تسير بخطى ثابتة مجرد فترة من الزمن وتحايل فى الألفاظ، والمقايضة اليهودية الشهيرة تصل إسرائيل دائماً لاتفاق مع أصحاب الأرض والمياه لصالح المحتل.

ويعتبر مشروع ربط البحرين الأحمر والمتوسط عبر البحر الميت أحد الأحلام الإسرائيلية التى لن ينساها الصهاينة.

فقد عرض شيمون بيريز فى مؤتمر كازبلانكا «الدار البيضاء» فى ظل سحابة السلام المؤقتة التى قادها إسحق رابين حتى قتله اليهود حينما مضى لحسنى مبارك بالموافقة على إعادة الجولان لسوريا فيما يعرف بالوديعة السورية لدى إسرائيل أو وديعة رابين.

فقد بدأ الطرح بإنشاء قناة بحرية تربط خليج العقبة بالبحر الميت، ثم قناة بحرية تربط البحر الميت بالبحر المتوسط، بطريقة طوافات قناة بنما وبعض المساقط المائية بهولندا حتى يمكن التغلب على فرق المستويات بين البحر الميت (أكبر نقطة منخفضة على سطح الأرض بسبب خسف الله لقرية لوط) واعتقادى أنه لو أحضروا كل مياه الكرة الأرضية فلن يمتلئ البحر الميت (الذى هو شاهد على لعنة الله لقوم لوط) كما أن بحيرة قارون شاهدة على لعنة الله لقارون وكلاهما تجمعه خصائص متشابهة بشكل مثير للدهشة والجدل العلمى؟!!.

وعليه فإن الدنيا قامت ولم تقعد فى مصر والعالم العربى، وتم التصدى بعنف لهذا المشروع البحرى للنقل البحرى الذى اعتبر فى حينه منافساً لقناة السويس حتى التفت إسرائيل حوله ودارت لاستبدال القناة بالأنبوبة؟!! والسؤال هل الأنبوبة الإسرائيلية حقنة فى عضل مصر أم فى الوريد؟!!.

إن أى مبتدئ يدرس علوم الطبيعة والأحياء يعلم أن أى تغيير فى النظام البيئى البحرى مؤثر تأثيراً عميقاً على كافة النظم البحرية، إن علوم البحار وتأثير المشروعات عليها سواء كوبرى السعودية / مصر أو أنبوبة إسرائيل / الأردن فكلاهما والحمد لله والعياذ بالله سوف يسبب عدة أضرار منها:

1- زيادة العكارة فى مياه خليج العقبة نظراً لأعمال الحفر والتكريك، وهو العنصر رقم واحد المميز لجمال وسحر الحياة البحرية فى خليج العقبة الذى جعل السائح يغوص فى مياه صافية ويلعب مع الكائنات البحرية الملونة.

2- إن سحب المياه وشفطها فى أنبوبة بأى وسيلة ميكانيكية سوف يغير من حركة التيارات المائية السطحية والعميقة، وستتغير بالكامل طبيعة تكاثر ووجود كائنات بحرية تتحكم فيها مثل هذه التيارات التى تحمل معها درجة حرارة الماء، والهائمات الغذائية، ومساعدة الكائنات البحرية نفسها فى مسيرتها فى هذا البحر شبه المغلق وشبه الضحل المسمى خليج العقبة.

3- إن درجة نفاذية أشعة الشمس ودرجة الحرارة إلى الأعماق البحرية لها تأثير حاكم فى نمو وعيش الكائنات البحرية ووجود آلية دائمة للشفط حاملة رمال الشاطئ والقاع والمنبع ستحد من هذه النفاذية بمزيد من العكارة وتؤثر تأثيراً خطيراً على نمو وتكاثر واستمرار الكائنات البحرية التى هى أحد عوامل جذب السياحة لشرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا.

4- إن مشروعى كوبرى الجزيرتين (تيران وصنافير) وأنبوب البحرين (العقبة والميت) إن تزامنا فى التنفيذ معناه أن تأثيراً حاداً يحدث فى مدخل الخليج وفى مصب الخليج فى آن واحد، وهو تأثير يستلزم وحده دراسة متفردة عن هذا الأثر المخيف لبحر شبه مغلق.

5- إن انبعاثات سيارات الكوبرى، وحركة السفن الداخلة لميناءى العقبة وإيلات، لو تزامنت مع انبعاثات محطات توليد كهرباء لازمة لتشغيل الطلمبات العملاقة والرافعات الضخمة فكأنك أنشأت منطقتين صناعيتين على فم ونهاية الخليج فى حمل تلوث هوائى، أقل أضراره اتحاد الغازات الحمضية مع بخار الماء الكثيف فوق الخليج يشكل أمطاراً حامضية لسطح الماء ومؤثر على الكائنات بأكملها.

وختاماً:

نجاح ترامب فى تفعيل الاتفاق الأردنى الإسرائيلى الفلسطينى الموقع بمذكرة تفاهم واشنطن فى ديسمبر 2013 والاتفاق الثنائى الأردنى الإسرائيلى فبراير 2015 مع توقيت الإعلان عنه بعد إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية أثار مزيداً من اللغط حول ماذا يحدث فى خليج العقبة؟ هل هناك اتفاقيات سرية لا يعلمها سوى من يعملون فى كواليس السلطات المعنية؟!!.

وتغازل إسرائيل الأردن بتحلية 80 مليون م3 تحصل الأردن على 40 مليون م3 وتبيع إسرائيل لفلسطين 32 مليون م3 مقابل 3.3 شيكل إسرائيلى فى الضفة و3.2 شيكل فى غزة.

ونحن لا يعنينا الجانب السياسى فى الاتفاق الإسرائيلى الأردنى الفلسطينى، وإنما يعنينا مدى تأثير هذا المشروع على خليج العقبة الذى يجعل شرم الشيخ عاصمة السياحة المصرية ودورة الجذب السياحى معتمدة على مياه نقية وكائنات بحرية ملونة، وبحر وشاطئ لا مثيل له فى العالم، ولا يعنى هذا الأردن لأنها مهتمة بمصنع الفوسفات وميناء العقبة وليس السياحة، ولإسرائيل المهتمة بميناء إيلات وحركته الملاحية، ولا السعودية التى ليس لها أى مشروع على ساحل العقبة، ومصر هى الوحيدة التى تعتمد على 300 ألف غرفة سياحية يشيدها الشاطئ المصرى، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد؟!!.