أمهات الأطفال المختفين فى ظروف غامضة: يحرم عليا الفرح من بعدك يا ابنى
![صورة أرشيفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/3558447951470485033.jpg)
صورة أرشيفية
تطول سنوات الغياب، وينشغل كل أفراد الأسرة عن فقيدهم الذى تاه أو اختُطف، إلا الأم، فيبقى قلبها معلقاً مع «ابن بطنها» أينما كان، ومهما طال الغياب، عامان مرا وثلاثة وأربعة وأحياناً 5 على الأطفال المخطوفين والمختفين فى ظروف غامضة، والأمهات المكلومات ما زِلن على العهد منتظرات، كل منهن تحلم باليوم الذى ينفتح فيه باب الأمل ويهبط الفرج من السماء، ويطل الغائب بوجهه، فيعيد البسمة التى غابت لسنوات. بين أم تحتفل بعيد ميلاد ابنها وسط الشموع التى تحيط بصورته، وأخرى تشتم رائحة ابنها فى ملابسه التى لم تغسلها منذ غيابه المفاجئ، وثالثة لم تذُق لقمة لأكلة كان ابنها يحبها، استمعت «الوطن» لحكايات مبكية أبطالها أمهات مكلومات.
«شيماء»: هشوفك تانى يا «سلمى»
مرت 5 سنوات على غياب «سلمى»، والأمل لم يغب للحظة واحدة عن قلب «شيماء»: «بنتى حتة من قلبى وأنا عندى يقين إنى هشوفها تانى». مشهد لعبها فى حديقة المنزل لم يغب عن ذاكرتها أبداً، تتذكرها فى كل لحظة، وتندم على الوقت التى ذهبت فيه لإعداد العصير تاركة ابنتها للحظات وتبكى: «لو مكنتش سبتها الكام دقيقة دول مكانتش اتخطفت.. اللى خدها خطفها من الباب الحديد بتاع الجنينة وكان قاصدها تحديداً».
الفرح والمناسبات كلها أشياء غابت من حياة «شيماء» مع غياب ابنتها فمهما ظهرت قوية ومتماسكة أمام الجميع يبقى الوجع فى قلبها.
«منال»: سنة ونص بكاء متواصل
منذ 20/ 2/ 2016 وبكاء منال فولى عبدالحافظ، 30 عاماً، لا يتوقف، ففى ذلك التاريخ المشئوم اختفى ابنها وليد سلامة سليمان محمد، من أمام المنزل، كان عمره وقتها 3 سنوات، وكان يلعب مع أقرانه أمام منزله فى قرية دمشير بمحافظة المنيا، وفجأة اختفى وكأنه «فص ملح وداب». «من يوم ما غاب ما شفتش يوم حلو، راضية بقضاء الله وقدره بس نفسى أعرف ابنى فين وحىّ ولّا ميت، الحمد لله على كل شىء اللهم لا اعتراض»، كلمات تسبقها دموع ونحيب على الابن الغائب الذى لم يعد له أثر: «لفّيت عليه كل شبر فى مصر، من إسكندرية لأسوان، مفيش مكان ما رُحناش فيه، دوّرنا عليه على الأرصفة وبين المتسولين». يتوقف صوت «منال» التى يغلبها البكاء ثم تواصل: «عملنا محضر فى قسم الشرطة، والشهود قالوا إنهم شافوا اتنين على موتوسيكل أخدوا الواد، ومن يومها ما ظهرش».
«فايزة»: ما أقدرش آكل حاجة كان بيحبها
تعيش فايزة أحمد فى حالة يرثى لها، نفسيتها تسوء يوماً بعد يوم، على الرغم من أن ابنها «بدر» مفقود منذ 5 سنوات، فإنها ما زالت محتفظة بكل ملابسه، على أمل رجوعه يوماً ما: «كل يوم بحس وكأنه هيرجع لى بكرة، ده أنا لو أكلت لقمة وهو كان بيحبها، ما أقدرش أبلعها وأموت من العياط». تتذكر يوم رحل ابنها بلا رجعة حتى الآن «1/ 1/2011»، تنادى عليه يومياً، وتبحث عنه فى كل مكان: «دخنا السبع دوخات، نفسى ابنى يرجع، أنا ما عنديش إلا هو، كان من ذوى الاحتياجات الخاصة، كان طيب وكان كل اللى ليا، وكان الخير والبركة، أنا بحلم أشوفه».
كل يوم تناجى الله، تردد: «يا رب بدر ييجى، تعالى يا بدر يا حبيبى يا بدر يا بدورة»، وكل يوم يزيد شوقها للقائه: «حاسة إنى هلاقيه، ربنا فوق الكل، ده جوزى كل ما ينزل الشوارع يبص يمين وشمال، على أمل يشوفه، يا رب ابنى يرجع لى، يا رب أنت فوق الكل».
«عفاف»: جالى اكتئاب من بعده
«ابنى كان رايح الدرس ومرجعش».. كلمات عفاف عبدالفتاح، الأم التى غابت عنها الفرحة بعد فقدان ابنها، منذ 4 سنوات وحتى الآن وهى تعيش على أمل عودة ابنها عمرو أحمد، إلى أحضانها، كلما سمعت أخباراً عنه تنتابها مشاعر الفرحة للحظات ثم تنطفئ بعد تأكدها من أنه ليس ابنها بل مجرد شبيه له. تعيش «عفاف» فى حالة هروب من الواقع الأليم فكلما جاءت مناسبة عيد ميلاده فهى تعيش الأوجاع منذ غيابه: «دخلت فى أكتر من نوبة اكتئاب وتعب بعد ما ابنى اتخطف وبحاول أهرب من التفكير بس مبقدرش».
«أسماء»: ضاعت منّى أول فرحتى
منذ 10 سنوات والابتسامة لم تزُرها، والبكاء يسيطر عليها، 2007 كان عاماً كئيباً بالنسبة لها «ضاعت منّى أول فرحتى»، «أسماء حسن» سيدة مكلومة على ابنتها لم تعرف راحة البال منذ اختطاف ابنتها، مشهد لعبها مع ابن عمها الساعة الثانية ظهر ذلك اليوم كان آخر مشهد مر على «أسماء»، ورأت فيه ابنتها المخطوفة: «بقالى عشر سنين بدوّر على ملك، نفسى ترجع تانى لحضنى». أخبار تسمعها «أسماء» يوماً وراء آخر عن ابنتها الضائعة: «كل يوم حد يقول لى شفناها مع شحّاتة فى أسيوط، وقلبى بيتقطع لما بسمع كده».
أم أحمد: ربنا ما يحكم على أم باللى أنا فيه
منذ 7 أشهر تعيش «أم أحمد الوردانى» فى حالة حيرة وقلق، غياب ابنها بطريقة غريبة أثار بداخلها الكثير من الشكوك حول خطفه أو موته، 20 يناير 2017 كان تاريخاً مأساوياً بالنسبة لها: «ابنى عنده 15 سنة كان لسه مخلص امتحان وراح يشتغل على توك توك بتاع أبوه فى قرية المشارقة فى المنوفية وكان معاه 2 صحابه اسمهم إبراهيم وفريد هما رجعوا وهو ما أعرفش عنه حاجة». حرمان «أم أحمد» من ابنها كان قاسياً خاصة أنه الوحيد على 6 بنات: «أنا تعبانة عندى روماتيزم من ساعة اليوم ده وأنا مش باخد أى علاج أو دوا نهائى مش عايزة أى حاجة غير إنى أعرف ابنى فين، ربنا ما يحكم على أم باللى أنا حاسّاه». كثرة القصص التى تسمعها «أم أحمد» من الجيران عن ابنها سببت لها حالة كبيرة من الحزن خاصة بعد أن تداخلت لديها الشكوك حول موت ابنها وأن من رافقوه بالتوك توك باعوه.