حول قانون مكافحة الكراهية . .أسئلة وملاحظات
- أحكام القانون
- ابن عباس
- الأزهر الشريف
- الأعراف الدولية
- الذات الإلهية
- الكتب السماوية
- المادة الرابعة
- المجال الإعلامى
- الوساطة والمحسوبية
- باسم الدين
- أحكام القانون
- ابن عباس
- الأزهر الشريف
- الأعراف الدولية
- الذات الإلهية
- الكتب السماوية
- المادة الرابعة
- المجال الإعلامى
- الوساطة والمحسوبية
- باسم الدين
لا أتصور أن مشروع قانون الأزهر الشريف (قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين) قد توافر له حسن النية، أو سلامة المقصد، لكنه قد أُعدّ لتصفية الحسابات مع من يختلفون معه، منهم من هم خارج الأديان الثلاثة، ومنهم من هم داخلها كالشيعة، ومنهم الباحثون وراء الحقيقة، والمسكوت عنه فى تاريخنا، وهو كثير ومهين ومهزوز. وهذا أهم عامل فى سقوط هذا القانون حتى لو أجازه مجلس النواب، فقد انتفت عنه عمومية الهدف، وثبت عنه القصد من خصوصية العقوبة، ولنا هذه الملاحظات.
الملاحظة الأولى: جاء فى المذكرة الإيضاحية فقرة 7: «منع التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والرسل، أو الطعن فى أزواجهم وآلهم وأصحابهم تعريضاً أو تجريحاً أو مساساً أو سخرية»، وعندما نُقلت إلى متن المشروع جاءت على النحو الآتى: «يُمنع التطاول على الذات الإلهية والأنبياء والرسل والكتب السماوية تصريحاً أو تعريضاً أو مساساً أو سخرية»، ورُفع منها فى متن المشروع عن قصد «أو الطعن فى أزواجهم وآلهم وأصحابهم». ولما كان القانون مقصوداً به محاربة الكراهية، فلا أجد لهذه الفقرة محلاً فى القانون أو حاجة إليها، إلا إذا كان القصد منها الإيقاع بالشيعة، فهم أكثر الناس حديثاً وتعريضاً بالصحابة وأم المؤمنين عائشة، وكذلك كل أصحاب الفكر والباحثين عن المسكوت عنه فى تاريخنا، ونقد كل ما هو مخالف للعقل والمنطق والمقصد من الدين، وهذا قد يطول فى طريقه تصرفاً خاطئاً لصحابى فهو ليس معصوماً عصمة نبيه، فلا يمكن أن يفتح الصحابة الباب لنقدهم حين أخطأوا فتقاتلوا وقتل بعضهم بعضاً، وأخذ بعضهم من بيت مال المسلمين دون وجه حق، ومنهم من تقوّل على الرسول أحاديث نكاية فى غيرهم كحديث قتل المرتد عن عكرمة عن ابن عباس، ومنهم من كان منافقاً كما جاء نصاً: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ»، ومنهم من أغدق على أهله المناصب والعطايا وفتح لهم بيت مال المسلمين يصيبون منه ما شاءوا، ثم نُحبس فى نقدهم، وهم الذين بدأوها بأنفسهم، وعلى أنفسهم. الغريب فى الأمر أن تُرفع قصداً من المشروع بقانون، والغرض أن يُحبس بالمذكرة الإيضاحية كل من يتحدث عن أمهات المؤمنين أو الصحابة، وتكون العقوبة كمثل ما «نُسخت تلاوته وبقى حكمه». والرجوع إلى المذكرة الإيضاحية فى المحاكم جائز وقانونى، فى حالة وجود خلاف حول النص، أو تفصيل فى المذكرة الإيضاحية لم يشمله النص، كحالتنا هذه لمعرفة قصد المشرع ونيته، فمن منا يقرأ تفاصيل المذكرة الإيضاحية حتى يتحاشى الوقوع تحت طائلة ما فيها من تفاصيل لم تُذكر فى متن القانون، ثم يفاجأ بها أمام المحكمة وتكون ملزمة على رقبته. ماذا لو تحدثنا عن حروب مانعى الزكاة واعتبرناها خطأ تاريخياً فادحاً، أجاز القتل شرعاً فى حالة مخالفة أمر الخليفة، فكان بداية الإرهاب السياسى باسم الدين، وماذا لو انتقدنا عهد عثمان وقلنا إنه بداية عصر الوساطة والمحسوبية والتمييز بين المسلمين، ماذا لو قلنا إن معاوية قد أسس حكماً عضوضاً بالغلبة مخالفاً مبدأ الشورى، وماذا لو سألنا عن الأموال التى استولى عليها ابن عباس من بيت مال المسلمين دون وجه حق وهو راوى الحديث، وكذلك غيره؟ وهو موجود فى كتب التراث ووصلنا منهم وليس منا.
الملاحظة الثانية: جاء فى المذكرة الإيضاحية بند رقم 5، وفى المادة 2 فقرة 2، التأكيد على حرية العقيدة، وألا يُحمل الشخص على قبول عقيدة أخرى، هذا عظيم إلا إذا كان مقصوداً به حماية أصحاب الديانات الأخرى إن تركوا دينهم إلى الإسلام. وأتصور قبل هذه المادة كان يجب على الأزهر أن يوضح رأيه حول حكم المرتد، هل جزاؤه القتل إذا اسستُتيب ولم يرجع «إذا ارتد المسلم يُحبس، ويُعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قُتل، فإن قتله قاتل قبل العرض لا شىء عليه ويزول ملكه».
أما عن المادة الرابعة من المشروع «لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأى والتعبير والنقد وحرية الإعلام أو النشر على ما يخالف أحكام القانون»، فهى كارثة الكوارث، فقد أغلقت الباب بالضبة والمفتاح عن إعمال العقل، أو البحث فى تاريخنا بحيادية، فقد جففوا الأقلام وطووا الصحف، وكان مصيرنا جميعاً إلى السجن، ويشمل صاحب القلم والناشر، ولقد وضع هذا المشروع بقانون الكاتب وصاحب الرأى وكل من له صلة بالنشر تحت طائلة القانون والعقوبة، وجعل من الناس رقباء على بعضهم البعض، ومكّنوا الخوف على كل العاملين فى المجال الإعلامى من كتّاب ومعدين وناشرين وكل من له صلة بالكتابة والنشر. فلا حديث حول ما يحمله البخارى من العجب المخالف للعقل والعلم، ولا حديث عن آيات الجهاد والقتال ومحاولة تأويلها أو تخصيصها لفترة ومواقف محددة بذاتها، لا نسحبها إلى غيرها، ولا حديث عن رضاعة الكبير خمس رضعات، أو زواج الرضيعة ومفاخذتها، ولا حديث عن الحمل عند المالكية والشافعية بأربع سنوات وعند الحنابلة بسنتين، وغيره كثير، ولنا الله من قبل ومن بعد.
هذا القانون مخالف للدستور المادة 53، ومخالف للقوانين والأعراف الدولية، لأنه قد اختص بالحماية أصحاب الأديان الثلاثة فقط، وشرك للإيقاع بكل من يحاول الكتابة عن تاريخنا بالطيب أو بالردى، فليس من تعريف واضح للفارق بين النقد والتجريح، فما يراه صاحب الرأى فى أمر نقداً، قد يراه زميله فى دائرة أخرى تجريحاً وتشهيراً.. لك الله يا مصر من الإرهاب البدنى والإرهاب الفكرى.