الانتخابات التكميلية لمكتب الإرشاد (١)

محمد حبيب

محمد حبيب

كاتب صحفي

(١) انعدام الاستقامة فى تصرفات وسلوكيات بعض قيادات الجماعة، كان لا بد أن يؤدى -بجانب عوامل أخرى- إلى سوء إدارتها وفشلها الذريع فى حكم مصر.. وسيتبين للقارئ الكريم من خلال المواقف التى نقوم بسردها هنا كيف أن الجماعة كانت تفتقر إلى الالتزام بأبسط القواعد والمبادئ الأساسية فى الإدارة.. فبعد إلقاء القبض على المهندس خيرت الشاطر فى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٦، والدكتور محمد على بشر فى ١٢ يناير ٢٠٠٧، آلت مهامهما الكثيرة التى كانا يقومان بها إلى د. محمود عزت ود. محمد مرسى ود. محمود حسين.. ولكن كيف؟ كان من المفترض أن يجتمع مكتب الإرشاد ليناقش ويقرر توزيع المهام على الإخوة الزملاء، لكن ذلك لم يحدث.. واكتشفت أن أموراً تجرى من وراء ظهرى، وظهر المكتب.. فقد كنت جالساً فى غرفة مكتبى ومعى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وذلك بعد أيام من توقيف الدكتور بشر، وتطرق الحديث بنا إلى البحث عمن يشغل المهمة التى كان يقوم بها الأخير.. وفى تلك اللحظات، رأينا الدكتور محمود حسين يمر من أمام غرفة المكتب، فناديناه وسألناه إن كان لديه استعداد أو رغبة لشغل هذه المهمة حتى نعرض ذلك على مكتب الإرشاد للموافقة والاعتماد.. فكان رده الذى أذهلنا: أنا فعلاً تسلمت هذه المهمة.. سألناه باستغراب: من سلمك إياها؟ وكيف؟ ومتى؟ قال: سلمنيها: الدكتور محمود عزت.. أصابتنا الدهشة، ونظر بعضنا إلى بعض، ثم قلنا: وهل الدكتور محمود عزت هو مكتب الإرشاد؟ وهل يجوز له أن يستلب سلطته؟ هذا فضلاً عن أنك عضو مكتب، فكيف تسنى لك أن تقبل تكليفاً من زميل لك؟ وهل علمت أن قراراً صدر من المكتب بذلك؟ لم تكن هناك إجابة لدى الرجل وظل صامتاً لا يحرك ساكناً(!!) اتجهت بعدها للدكتور محمود عزت، وقلت له: كيف تصدر تكليفاً للدكتور محمود حسين من وراء ظهر المكتب؟! فرد قائلاً: لقد نسيت أن أخبرك؟! قلت مستنكراً: يا دكتور محمود، المسألة ليست علماً وإحاطة، وقد قمت باستلاب سلطة مكتب الإرشاد، وهذا أمر مرفوض بكل المقاييس، إذ إنه يهدر قيمة كبرى، وهى المؤسسية، داخل الجماعة.. فما كان من الدكتور «عزت» إلا أن قام وأكب على رأسى يقبله.. وهكذا كان يفعل دائماً، وكأن تقبيل الرؤوس سوف يزيل الأخطاء التى ارتكبها(!!) قلت: لا بد من عرض الموضوع على المكتب.. وقد كان.

(٢) المثال الثانى كان من المرشد محمد مهدى عاكف نفسه، إذ علمت قدراً -ودون قصد- من الدكتور محمد مرسى أنه استدعاه إلى منزله وقام بتكليفه بإحدى المسئوليات التى كان يضطلع بها خيرت الشاطر، وهى الاتصال بإخوان الخارج.. ومن أسف أن المرشد لم يعرض هذا الأمر على مكتب الإرشاد، ليأخذ رأيه فيه، فقد كان من الممكن أن يرى المكتب من هو أولى وأفضل أن يتولى القيام بهذه المسئولية.. لكن، هكذا كانت تجرى الأمور داخل الجماعة، وكأنها ضيعة أو عزبة.. لقد بدا المرشد وكأنه حر التصرف فى كل شىء، وأهدر بذلك حقاً أصيلاً من حقوق المكتب، بل حق أى عضو فيه، فليس من المعقول ولا من المقبول أن يكلف عضو بمسئولية عمل، ولا يعلم عنه الأعضاء شيئاً، وكأنه سر من الأسرار(!) وقد أبديت انزعاجى ورفضى لهذا الأسلوب المقيت أمام الدكتور محمد مرسى، وقلت: إنه لا بد من التحدث إلى المرشد فى هذا التجاوز المخل، فرجانى ألا أتحدث إليه فى ذلك حتى لا أوقعه فى حرج معه.

(٣) كان مكتب الإرشاد يضم آنذاك: د. محمد حبيب (النائب الأول للمرشد)، محمد هلال، صبرى عرفة، لاشين أبوشنب، د. رشاد البيومى، الشيخ محمد عبدالله الخطيب، د. محمود عزت، عبدالمنعم أبوالفتوح، جمعة أمين، د. محمد مرسى، ود. محمود حسين، إضافة إلى المرشد «عاكف».. وكان كل من د. محمد بديع ود. محمود غزلان بالسجن؛ الأول فى قضية «النقابيين»، والثانى فى قضية «الأساتذة».. كان الأعضاء الأربعة: محمد هلال، لاشين أبوشنب، صبرى عرفة، ومحمد عبدالله الخطيب فى حالة صحية لا تمكنهم من الأداء المطلوب، برغم حرصهم على الحضور والمشاركة فى الحوار والمناقشة، والقيام بكل ما يطلب منهم.. لكن السن، كما يقال له حكمه، ومن ثم ألقيت على الأعضاء الآخرين أعباء كثيرة، لدرجة أن الواحد منا كان يحمل ٤ أو ٥ مهام كبيرة فى وقت واحد، وهو ما شكل إرهاقاً وضغوطاً شديدة علينا، فضلاً عن أن الأداء لم يكن يتم بالشكل المرضى، ولم يكن يتناسب أبداً مع حجم الجماعة ووزنها وانتشارها على امتداد الساحة المحلية والإقليمية والدولية، علاوة على الآمال المعقودة عليها.. وبالتالى كان أمر دعم مكتب الإرشاد بأعضاء جدد آخرين ضرورياً وملحاً.. وقد جرت محاورات ومناقشات كثيرة فى هذا الصدد استمرت لعام ونصف تقريباً.

(٤) كان المرشد «عاكف» أكثرنا إلحاحاً بضرورة دعم المكتب، حيث كان كثير الشكوى من أدائه المتواضع.. وبعد لأى اجتمعنا فى مزرعته فى مايو ٢٠٠٨، وطرح على مكتب الإرشاد مسألة الدعم بـ٧ أعضاء، وقيل له ساعتها إن ذلك مخالف للائحة، حيث يتطلب الأمر ٣ أعضاء فقط.. غير أن المرشد أصر على عدد ٧ بحجة أننا فى ظروف استثنائية، وهناك من الأعضاء من يلقى عليه القبض فى أى لحظة يدخل السجن ويقضى به فترات طويلة، كما أن أداء الأعضاء كبار السن فيما يحملون من مسئوليات أصبح دون المستوى.. ثم أنهم لم يطلبوا منا إعفاءهم، ونحن -من ناحيتنا- لم نتخذ أى إجراء فى حقهم، وبالتالى فإن الوضع يحتاج بشكل عام إلى عدد إضافى (أكثر من ٣) ليغطى هذه الثغرة، فضلاً عن أن الأعباء الكثيرة تستلزم ذلك.. وبعد مناقشة وأخذ ورد، تم التوصل إلى عدد وسط وهو ٥ أعضاء. وأياً كان الأمر، سواء ٧ أو ٥، فهو مخالف للائحة.. وقد شاركت شخصياً -للأسف- فى هذه المخالفة، ولا أعفى نفسى من ذلك.. إن الالتزام باللائحة هو من أهم قواعد الإدارة، إذ يعطى ثباتاً واستقراراً فى العمل، ويمنع حدوث أى ثغرة أو اضطراب فى المواقف.. وإذا لم تكن اللائحة مناسبة فى هذه المرحلة أو تلك، فيجب العمل على تغييرها وهذا له إجراءاته ووسائله، وإلى أن يتم التغيير يجب أن تُحترم اللائحة.. (وللحديث بقية إن شاء الله).