خبراء عن تعويم الدرهم المغربي: الشركات رابحة والمواطن خاسر

كتب: وفاء صندي – المغرب

خبراء عن تعويم الدرهم المغربي: الشركات رابحة والمواطن خاسر

خبراء عن تعويم الدرهم المغربي: الشركات رابحة والمواطن خاسر

يستعد المغرب خلال الأيام القليلة المقبلة الى الانتقال من سعر صرف درهم ثابت إلى سعر صرف مرن، حيث أسرع البنك المركزي المغربي الى طمأنة كل الفاعلين، مؤكدا أن تجربته في "التعويم" ستكون فريدة قياسا إلى تجارب أخرى، كونه سيخوضها دون ضغوط، كوجود أزمة اقتصادية أو مالية، الأمر الذي سيتيح له قدرة أكبر على إدارة توجهه النقدي الجديد بمرونة أكبر وتدرج أعمق.

وأكد البنك المركزي أن وضعية المغرب الاقتصادية أكثر ملاءمة، سواء من جهة حجم الديون، أو معدلات النمو (توقعات بنمو 4.4%)، أو مستويات التضخم (2%) وعجز الميزانية، بالإضافة إلى توفره على احتياطات أجنية بواقع 25 مليار دولار، وهو ما سيجنب الدرهم المغربي الوقوع في شراك انخفاض دراماتيكي، حسب ما يعتقد صندوق النقد الدولي الذي منح المغرب خط ائتمان لمواجهة المخاطر بقيمة 3.5 مليارات دولار.

 ووفق البنك المركزي دائما، فإن قرار التعويم اختياري متدرج، وليس اضطراري أو وفق إملاءات خارجية أو ظروف استثنائية، وعلى الرغم من كل التطمينات مع تأكيد محافظ البنك المركزي المغربي، عبدالرحيم الجواهري، على اعتماد المغرب، في خطة تعويم الدرهم، على احتياطي قوي من العملة الصعبة، والبالغ سيولته في حدود ماي الماضي، حوالي 25 مليار دولار، إلا أن هناك من اعتبر هذا المخزون ضعيفا وغير كاف لتعويم عملة الدرهم.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبي، في تصريح لـ"الوطن"، أن 85%، من مخزون البلاد من العملة الصعبة، سنويا، تستورد به الدولة مواد البترول والغذاء، الإجبارية الضرورية لاقتصاد المملكة.

وبذلك، ستظل الدولة، حسب أقصبي، تتحرك في نسبة 15%، من مخزون العملة الصعبة لها، في تحريك تعويم الدرهم، وهي سيولة غير كافية أمام قوة المضاربين الأجانب، بحسب أقصبي.

وأضاف ذات المحلل الاقتصادي أن قيمة عجز الميزان التجاري للمغرب، بلغ برسم السنة الماضية، حوالي 165 مليار درهم، وهي نسبة عجز بنيوية تاريخية دائمة وثابتة، معتبرا إن تعويم الدرهم في ظل هذا الوضع من العجز، الذي لا يرتفع، يضع اقتصاد المملكة، أمام سيناريوهات خطيرة.

وشهدت المصارف المغربية في الفترة الأخيرة، إقبالا ملحوظا من قبل المستوردين لشراء الدولار كاحتياط استباقي لتراجع قيمة العملة المحلية.

 وبهذا الخصوص، اعتبر محمد كريم، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، إن لتحرير سعر صرف الدرهم آثارا على المدى القصير جدا يمتد على أسبوع أو اثنين؛ إذ مشيرا إلى أنه خلال الأسبوع الحالي سيكون هناك تهافت للمضاربين الأغنياء على شراء العملات الأجنبية، خصوصا الدولار واليورو، من البنوك أو من السوق السوداء مقابل الدرهم، نظرا لتوقعهم المنطقي بانخفاض ولو طفيف من قيمة الدرهم ما بعد عيد الفطر.

والأسبوع المقبل سيعاود المضاربون الذين اشتروا العملات الأجنبية بيعها مرة ثانية مقابل الدرهم، ما سيمكنهم من اغتناء بالدراهم في ظرف وجيز وبدون تعب.

وذكر الأستاذ الجامعي أن هذا النوع من المضاربة في سوق العملات هو الذي أضر خصوصا بالاقتصاد التايلاندي، مشيرا إلى أن المضاربة من شأنها تعميق انهيار قيمة الدرهم؛ موضحا أن المضاربين عندما يقبلون على شراء اليورو أو الدولار فهم يضعفون الدرهم ويساهمون بهذا الشكل في انهيار قيمته مرة أخرى، معتبرا أن الفرد في هذه الحالة هو الرابح أما الخاسر الأكبر فهو الاقتصاد الوطني.

وبمنطق الربح والخسارة، اعتبر الكاتب الصحفي محمد إفزاز، أنه مهما حاول البنك المركزي والسلطات النقدية بالمغرب تخفيف الهواجس لدى المواطنين والتجار، والقول إن سياسة التعويم ستكون محاطة بضمانات قوية لنجاحها، إلا أن أساسيات الاقتصاد، من جهة، ونتائج التجارب السابقة، من جهة أخرى، تدلل على أن التعويم ستكون له انعكاسات سلبية آنية ومستقبلية على عدد من الأطراف، وبالمقابل سيكون هناك رابحون من هذه الخطوة.

نظريا، اعتبر إفزاز أن المستفيد من التعويم هم الشركات المصدرة، التي ستصبح أكثر منافسة بالأسواق الخارجية، مشيرا إلى أن التعويم سيجذب الاستثمارات الخارجية، سواء على شكل شراء أسهم وسندات وأوراق ديون، أو استثمارات صناعية وخدمية، وما يستتبع ذلك من توفير لفرص الشغل، كما سيمكن من تنشيط السياحة، وجذب سياح أكثر، إذ ستصبح كلفة الإقامة بالمغرب أقل مع تراجع الدرهم، كما سيمكن التعويم من رفع مستويات تحويلات العمال المهاجرين، وكنتيجة لذلك ارتفاع مستويات الاحتياطات من النقد الأجنبي، وفق تحليل ذات المتحدث.

أما بالنسبة للخاسرين، حسب إفزاز، فهم المستهلك، إذ سترتفع الأسعار، ويزيد التضخم، وتتآكل بذلك القدرة الشرائية للمواطن، بالإضافة إلى الشركات المستوردة، التي سترفع تكلفة الاستيراد لديها، وهو ما سيدفعها إلى رفع الأسعار، أو التوقف عن الاستيراد.

واعتبر المحلل أن التعويم سيؤثر سلبا على ميزانية الدولة، حيث سترتفع فاتورة استيراد النفط والاحتياجات الطاقية، ومعدات ومستلزمات المشاريع الكبرى، بالاضافة الى ارتفاع قيمة الديون الخارجية، إذ سيدفع المغرب أكثر فأكثر كلما تراجع سعر الدرهم.

 ومن الناحية النظرية دائما، اعتبر المتحدث أنه يمكن إبطال مفعول هذه السلبيات في حال لجأت الدولة إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وفتح خطوط ائتمان جديدة للمصدرين، وتفعيل دور الرقابة ومحاربة الفساد.


مواضيع متعلقة