أشكال الصراع الذى ستخوضه دول المقاطعة
- الإسلام السياسى
- التحالف العربى
- الجيش التركى
- الجيش الوطنى الليبى
- الدول العربية
- الدولة القطرية
- العاصمة طرابلس
- القرار العربى
- أجهزة
- أخطار
- الإسلام السياسى
- التحالف العربى
- الجيش التركى
- الجيش الوطنى الليبى
- الدول العربية
- الدولة القطرية
- العاصمة طرابلس
- القرار العربى
- أجهزة
- أخطار
الدول العربية التى اتخذت قراراً بمقاطعة قطر، هى فى حقيقة الأمر تعلم أنها اتخذت قراراً بتقويض مشروع الإسلام السياسى وتوابعه فى المنطقة برمتها، ويقيناً يجب أن تكون مراكز القرار فى تلك الدول تدرك أنها تخوض صراعاً معقداً، حتى لو اقتصر الأمر فقط على التوابع. فمشروع الإسلام السياسى لديه جذور ضاربة وفروع وأذرع مسلحة وامتدادات فكرية منحرفة، فضلاً عن الظهير السياسى المتمثل فى دول بـ«إمكانياتها الكاملة» بالإقليم وجواره. هذه المنظومة المتكاملة تقف اليوم صفاً واحداً بغية إجهاض قرار المقاطعة، وهى تدرك تماماً أن الأمر يتجاوز الدولة القطرية، فالصراع اليوم على المستقبل أصبح لديه موقعان متقابلان، إما اللحاق بالفرصة الأخيرة للملمة فوضى السنوات الست الماضية، وإما امعاناً فى السيولة والتشظى، الذى أصبح سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع من دون استثناء.
الخريطة التى تشكلت بأسرع مما كان يظن متخذو قرار المقاطعة، التى ضمت على الفور، بالإضافة إلى قطر، كلاً من تركيا وإيران بإعلانات رسمية، والسودان واليمن فى منطقة الظل. هى مناطق العمل التى ستجابه المحور العربى المصرى السعودى الإماراتى البحرينى، ولكل منها نقاط مساعدة للدعم غير المباشر، من سيستثمر عامل الوقت فى العمل وتقوية دعائم جاهزيته للسيناريوهات المتوقعة هو من سيصير له اليد العليا، وغير ذلك سيكون عليه مواجهة خسائر وانحسارات وقلق متنوع الأشكال. ضربة القرار العربى المفاجئ احتفظت لمحوره بزمام المبادرة وهى نقطة قوة، لكن يقابلها قدر مقابل من القوة لا يجوز الاستهانة به، يتمثل فى أن الطرف الآخر يراهن على الإشعال والإيذاء كخيار رئيسى، وهى مهمة أسهل فى الإنفاذ.
متابعة نقاط الحركة لدى المحور المضاد طوال الأسبوعين الماضيين، تشى بأن الفاعلين الرئيسيين والمساعدين على درجة عالية من الاستنفار، وأن خطوات العمل قد بدأت فعلياً رسم بعض المسارات المتوقعة. الوصول المبكر لقوات الجيش التركى إلى القاعدة العسكرية بقطر، بدأت رمزية العدد، رغم التبكير فى الإعلان عن الخطوة المهمة ذات الدلالة. اليوم تؤكد المعلومات الاستخبارية المتداولة لدى أجهزة المنطقة أن تطوير هذه الرمزية العسكرية فى طريقه لضفاف الخليج، فهناك «فرقاطة بحرية» تابعة للبحرية التركية مجهزة بقدرات صاروخية نوعية قد ترسو فى مواجهة مملكة البحرين خلال أيام، بل إن هناك من تحدث عن تحركها الفعلى من منطقة لم يكشف النقاب عنها، وغالب الظن أن تكون قد غادرت الجزء العسكرى من ميناء «مقديشيو»، الذى تتمركز فيه قوات عسكرية تركية منذ سنوات. فى حال إتمام تلك الخطوة يكون المسار الأول والأخطر قد بدأ يهدد مملكة البحرين؛ باعتبارها الحلقة الأضعف فى المحور العربى «جغرافياً» و«داخلياً»، لتصير أمام الفرضية الأسوأ وهى المداهمة المفاجئة، أو الأقل بفرض حصار بحرى مقابل للحصار القطرى.
لن تكون تركيا وحدها من ستنفذ تلك الخطوة، بل سيكون مصاحباً لها إشعال داخلى تعمل عليه إيران منذ سنوات، وتمتلك فيه عاملاً مرجحاً لإنفاذ المطلوب، ولوضع المحور العربى أمام معضلة كبيرة؛ يصعب التنبؤ بالإجراءات المضادة المطلوبة لتحرك من هذا النوع. صعوبة الاختيار من بين البدائل ستتعمق إشكاليته، عندما يجد المحور العربى نفسه مطالباً بمجابهة أخطار أخرى سيكون إشعالها فى ذات التوقيت هو رهان المحور المضاد، كسلاح قادر على تثبيت تلك الخطوة تجاه البحرين. الأخطار الأخرى لها عنوان رئيسى يتمثل فى ضرورة تشتيت جهود وتركيز المحور العربى، وهناك نقاط مؤثرة لدى المحور المضاد قادرة على تشكيل مفردات هذا العنوان عبر الضغط على ثلاثة أطراف.
قلب الأوضاع دراماتيكياً فى الداخل اليمنى ما زالت طهران تملك عوامل إنفاذه بقوة، وهى لن تتأخر عن القيام به، خاصة مع ضمانة التنسيق فيه مع الدوحة، وربما إعلان انفصال اليمن الجنوبى وإعلان اليمن الشمالى «حوثياً خالصاً»، أحد السيناريوهات المطروحة الذى يضع السعودية أمام تحد مربك بشدة. يستدعى تدخلاً مضاداً للتحالف العربى، للاحتفاظ بحصاد الجهد العسكرى الذى قام به التحالف «السعودية، الإمارات» طوال سنوات.
فى جانب آخر، هناك هدف رئيسى يتكامل مع ما سبق من تحركات، هو ضرورة حرمان الاشتعال الخليجى من إمكانية التدخل أو التأثير المصرى، ولن يكون له وفق تلك الخريطة سوى مكان واحد يضمن الالتفات المصرى للخلف فى الاتجاه الغربى. ما يدور فى السودان من قبل تلك الأزمة يسير بصورة مطردة ضد المصالح المصرية، وأحد أشكال تقاطع تلك المصالح يدور على الساحة الليبية التى عمل عليها النظام السودانى منذ وقت مبكر، فتزويد الميليشيات المتناحرة بالسلاح والأموال عبر الخرطوم ساهم بقوة فى إطالة أمد الصراع؛ والدعم الكامل المقدم من نظام البشير لفرع الإخوان الليبى، ظل منذ عام 2011م يدور بغية تمكينه من السيطرة والاستحواذ بداخل ليبيا. وهى القوة السياسية القابضة على عنق العاصمة طرابلس المتحالفة مع الميليشيات المسلحة، المدعومة قطرياً وتركياً. هذا التحالف هو المناهض لكافة الجهود التوافقية بين الأطراف التى تدفع مصر وآخرين باتجاهها، لتمكين المؤسسات والجيش الوطنى الليبى من السيطرة الرشيدة على الأوضاع، ومن ثم محاربة الإرهاب والخطر المسلح المهدد للداخل ولدول الجوار. النظام السودانى ما زال بدعم تركى أو قطرى قادراً على تغيير معادلات التهديد بداخل ليبيا، وهذا ما قد يؤثر على القاهرة بشدة فى حال تطور الأمر لتداعيات غير محسوبة.
مثلث الخطر برأسه اليمنى، وقاعدته الممتدة من البحرين شرقاً إلى ليبيا غرباً، يحقق للتحالف المضاد ضغطاً مثالياً على الأطراف قد ينجح فى البعض منه، وقد ينفذه عاجلاً أو آجلاً، لكن يظل فى حال جاهزية التحالف العربى لضربه أو إجهاضه قابلاً للهزيمة. بشرط العمل السريع على تلك النقاط من جانب التحالف، لتشكيل دروع واقية توفر الحماية، وبغرض استئناف غيرها من دروب الصراع.