الداعية الإسلامى محمود المصرى: تقسيم المجتمع إلى إسلاميين ومدنيين زاد من الاحتقان وأجج النيران

الداعية الإسلامى محمود المصرى: تقسيم المجتمع إلى إسلاميين ومدنيين زاد من الاحتقان وأجج النيران
زادت شعبيته فى الفترة الأخيرة بعد رفضه دخول معترك السياسة كغيره من الدعاة، إنه الداعية الإسلامى محمود المصرى صاحب الـ22 عاماً فى مجال الدعوة والذى أثرى المكتبة الإسلامية بـ220 مؤلفاً. الشيخ المصرى أكد لـ«الوطن» أن التيارات الدينية ومعظم الدعاة خسروا فى الفترة الأخيرة جراء انغماسهم فى السياسة، مشددا على ضرورة أن تكون الدعوة خالصة لله تعالى، كما أعرب عن أسفه من تقسيم المجتمع إلى إسلاميين وغيرهم، مؤكدا أن ذلك زاد من الاحتقان وتأجيج النيران بين أبناء الوطن الواحد.
* بداية كيف رأيت حالة الانقسام وتقسيم أبناء الوطن إلى إسلاميين ومدنيين؟
- أنا أرفع شعار «هو سماكم المسلمين» وأرفض تماما تلك التقسيمات التى أدت إلى حالة من الاحتقان وتأجيج النيران بين أبناء المجتمع الواحد من الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين واليساريين وغيرهم، بل زادت من حالة الاستقطاب.
* لماذا ابتعدت عن ممارسة السياسة عكس دعاة كثيرين؟
- من الأفضل الابتعاد عن السياسة، حيث إننى رافض لتسييس الدعوة ولابد أن تكون الدعوة خالصة لله تعالى، ولا أخفيك سرا لو قلت إن كثيرا من الدعاة خسروا بين جمهورهم بسبب اشتغالهم بالسياسة وربما يكونون قد تركوا الدعوة من أجل ممارسة السياسة، وكذلك الأمر بالنسبة للتيارات الدينية التى خسرت كثيرا. فضلا عن إيمانى الشديد بالتخصص؛ فكل طبيب له تخصص معين فى القلب أو الجراحة أو المخ وهكذا ولا يمكن أن يمارس المهنة فى تخصصات أخرى، وهذا لا بد أن يكون لعالم الدين، فإذا أراد الناس سياسة فعليهم بالساسة وخبرائها مصداقا لقول الله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».[FirstQuote]
* هل اعترضت على الرئيس السابق محمد مرسى؟
- نعم، وطالبته باتخاذ قرارات سريعة لأن البطء فى التعامل مع الأوضاع زاد من سقف المطالب، كما أن مصر لا يمكن أن يتولاها فصيل واحد حتى لو كان الإخوان، وسبق أن نصحتهم بضرورة إشراك الجميع فى إدارة أمور البلاد لأن مصر لا تدار بفصيل واحد.
* بمَ تفسر زيادة جماهيرتك فى الفترة الأخيرة؟
- حب الناس فضل من الله، ربما ذلك يعود لرفضى الدخول فى معترك السياسة والانتماء لأى حزب أو تيار دينى مثل كثير من كبار المشايخ، وبفضل الله حصلت على الدكتوراه الفخرية عن 2012 من جامعة فلوريدا الأمريكية كأفضل داعية إسلامى مؤثر ومعتدل فى الوطن العربى..
* كيف يكون الخروج من المأزق الراهن؟
- الحل لما هو حادث يتمثل فى كلمتين هما اللجوء إلى الله تعالى «ليس لها من دون الله كاشفة»، فضلا عن ضرورة أن ينكر كل طرف ذاته وحظ نفسه ويغلب الصالح العام ويضع مصر نصب عينيه، أما ما يحدث حاليا فكل فريق وتيار وقوى تسعى إلى المنصب والشو الإعلامى وكل طرف يريد أن يتصدر المشهد سواء فى مبادرة أو مصالحة، ولابد من التغاضى عن تلك السفاسف والجلوس على مائدة الحوار بأدب وأرجو أن يتناسوا كلمة إسلامى وغير إسلامى لأنها توغر الصدور.
* إذن تلك التقسيمات سبب كبير فى تلك الأزمات؟
- نعم أدت إلى فرقة وشتات وضعف والله تعالى يقول: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، ولن يستطيع فصيل أو قوى أن تكسب من الفرقة والتشرذم وقد قال ربنا: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء». وأنا أتمنى أن تغيب تلك المسميات من مجتمعنا سواء إسلامى أو غير إسلامى..
* ولكنك فضيلة الشيخ تنتمى للتيار السلفى؟
- أنا سلفى أنتمى للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ولكن ليس لى أى انتماء لأى جماعة أو تيار أو حزب فأنا أبعد الناس عن ذلك، وهذا بفضل الله أضاف لرصيدى بشكل لم أكن أتوقعه.
* ما رأيك فى صبغ السياسة بشكل دينى؟
-السياسة لا دين لها مع أن الأصل يكون لها دين، بينما هى على أرض الواقع لا دين لها. ومقولة «لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين» خاطئة لأن الدين جاء لتنظيم كل أمور الحياة.
* ما رأيك فى انغماس خطب الجمعة والدعاة فى السياسة؟
- أنا لى نمط فى خطبة الجمعة بحيث لا تزيد مدتها عن 20 دقيقة وهى مركزة، وبعد الصلاة ألقى درسا لمدة ساعة وفى هذا خيار للجمهور إما أن ينتظر فى المسجد لسماعها أو يغادر وله مطلق الحرية فى ذلك، أما إطالة الخطبة من جانب البعض لمدة 45 دقيقة وربما أكثر من ساعة فهذا غير مرغوب، والداعية الذى خاض معترك السياسة ويركز خطبه على ذلك خسر كثيرا من الجمهور، والحمد لله كل يوم يزيد رصيدى لدى الناس وفى كل مكان أذهب إليه يقابلنى الناس بقولهم: «نحن نحبك لأنك لم تدخل فى السياسة»، ودائما أنا رافض أن تكون دعوتى وحياتى مسيسة، فالداعية دعوته فى خدمة الدين وليس السياسة.[SecondQuote]
* بمَ تقيم الخطاب الدينى فى الوقت الراهن؟
- للأسف أى واحد يدخل مجال الدعوة بلا ضوابط أو حدود يسيئ لأهل الدعوة، وكل من قرأ كتابين يظهر على فضائية دينية لأن له علاقة بصاحب القناة أو مخرج ويصبح داعية إسلاميا ملء السمع والبصر، مما انعكس على الخطاب فهناك قصور شديد فيه، وأخطاء بالجملة فى تقديمهم للدين، حتى الأسلوب لا يليق بداعية، فالبعض يتلفظ بألفاظ غير لائقة واتهامات وإساءة للناس، وهذا لا علاقة له بالدين، والنبى قدوتنا لم يسب كافرا طيلة حياته.
وعموما رجل الدين لا يصدر منه شىء قبيح أو سلبى، ولو اختلفت مع أحد غير مسلم فلابد أن أدعوه بالتى هى أحسن ولا أسبه مصداقا لقول الله تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن».