من «الرماية» إلى «العاشر» نزلات عشوائية منذ «الانفلات الأمنى» حتى اليوم

كتب: أحمد العميد وحسن عثمان

من «الرماية» إلى «العاشر» نزلات عشوائية منذ «الانفلات الأمنى» حتى اليوم

من «الرماية» إلى «العاشر» نزلات عشوائية منذ «الانفلات الأمنى» حتى اليوم

نزلات عشوائية أقامها عدد كبير من الأهالى فى مناطق ملاصقة للطريق الدائرى، بدءاً من ميدان الرماية وحتى مدينة العاشر من رمضان، ونتيجة للكثافة السكانية على طول الشريط الملاصق لـ«الدائرى»، أقام السكان خلال فترة الفوضى التى عجت بها البلاد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 نزلات للسيارات من الكوبرى الدائرى وربطها بشوارع رئيسية كشارع مصرف الرشاح والطريق الأبيض والمعتمدية والبراجيل وغيرها، وجميعها نزلات أقامها السكان لإنهاء حالة التكدس المرورى التى يعانى منه منزل «صفط اللبن»، بينما قامت الحكومة فيما بعد برصف بعض هذه النزلات بينما تركت البعض الآخر فى حالة خطرة على أثرها سقطت سيارات ووقعت حوادث، لعدم تنفيذ النزلات بشكل علمى وإقامتها بشكل عشوائى بدون أسوار أو أرصفة أو حتى تمهيد النزلة وتسويتها.

عند مصرف «الرشاح» الذى تم ردمه وأصبح الشارع بعرض 40 متراً، بإمكانك أن تنزل من أعلى الكوبرى الدائرى بسيارتك على تبة ترابية تنحدر من سطح الكوبرى حتى أرض الشارع بدون أسوار أو أرصفة، هذه النزلة وفقاً لعدد من الأهالى سقطت من عليها سيارات كثيرة، وترتفع عن سطح الأرض بنحو 6 أمتار، ولم يتم تمهيد النزلة بشكل جيد فهى عبارة عن تبة ترابية بها حفر صغيرة وأكوام من القمامة ومواد بلاستيكية تجعل عجلات السيارات تلفت حول نفسها، وهى المنطقة التى كان أهالى بولاق الدكرور يلقون قمامتهم أسفلها، فما زالوا معتادين على إلقائها فى نفس المكان رغم إقامة النزلة لخدمة السيارات، ما أدى إلى وجود أكوام من القمامة على أحد جوانب التبة التى يصل عرضها فقط نحو 4 أمتار، ما يضيق عرض الطريق فى ظل انعدام رصيف أو سور يحمى السيارات من الانقلاب من أعلاها.

{long_qoute_1}

وقال أحمد إبراهيم، أحد سكان شارع مصرف الرشاح، إن النزلة تمت إقامتها بعد الثورة مباشرة بعد غياب الدولة، وإن الأمر تم بدون الرجوع للحى أو المحافظة لعدم وجودهما وانتظامهما خلال هذه الفترة وعدم تنفيذ مطالب سكان المنطقة، حيث قام السكان بالتكاتف وجلبوا أحجاراً وأتربة وصمموا منزَلاً ومطلَعاً من الدائرى فى جهة واحدة فقط وهى جهة بولاق الدكرور، لأن الجهة الأخرى هى بقية ترعة لم يتم ردمها بعد وتتجه مباشرة إلى منطقة كرداسة.

ويتابع «إبراهيم»: «المنطقة دى كده بقى فيها رِجل، دى كانت مقطوعة وماحدش بيقرب منها، كانت عبارة عن مقلب زبالة كبير، وكانت الجرائم بتحصل هنا كتير جداً، لكن بعد ما اتعملت النزلة بقى فيه روح للمنطقة وعربيات طالعة وعربيات نازلة والدنيا بقى فيها أمان، واتعمل جراج تحت الكوبرى»، مشيراً إلى أن حادثاً وقع قبل عدة شهور من انقلاب سيارة نقل كانت محملة بأجهزة الحاسب الآلى، وقبل هذا الحادث كان هناك حادث آخر لانقلاب سيارة ملاكى بها سيدة وزوجها وطفلان، لافتاً إلى أن انقلاب السيارات يرجع إلى عدم وجود رصيف أو سور، وكذلك عدم إقامة النزلة بطريقة هندسية، وأنه تم بناؤها بطريقة عشوائية ولم توضع لها اعتبارات الأمان والسلامة للطرق.

ويوضح «إبراهيم» أن سيارات النظافة تأتى فى الأسبوع 3 مرات لإزالة أكوام القمامة التى تتجمع على جانبى المنزل والمطلع الذى صممه الأهالى، وأنه فى بعض الأوقات توشك القمامة على سد المنزل أو المطلع ما يشكل خطراً على السيارات التى تضطر إلى النزول أو الطلوع على ظهر الكوبرى من خلال أزقة ضيقة مليئة بالقمامة، قائلاً: «فيه عربيات نقل وهى طالعة العَجَل بتاعها بيلف على أكياس الزبالة، يعنى العربية اللى فى الجانب الواحد عجلتين جنب بعض تلاقى العجل بيلف على الفاضى لأن العربية واقفة على زبالة شنط وأكياس بتخلى العجل يلف والعربية واقفة مكانها، تبقى طالعة وتلاقى الأكياس والشنط توقف العربية والعجل يلف على نفسه، وده اللى بيخلى العربيات تتقلب من على النزلة، والحكومة نايمة لا تيجى ترصف النزلات ولا تعمل سور ولا حتى تنقل مكان تجمع الزبالة فى مكان تانى»، موضحاً أن نزلة «الرشاح» لم تكن الوحيدة التى أنشئت فى الطريق الدائرى من خلال الأهالى، وأن هناك مرافق أخرى أقامها الأهالى خلال ثورة 25 يناير وقريبة منهم وهى نزلة المعتمدية التى تبعد بنحو كيلومتر ونصف الكيلو تقريباً، وأن الحكومة قامت برصف وتطوير المرفق الذى أقامته لكثافة استخدامه قائلاً: «الحكومة شايفانا مناطق عشوائية مانستحقش الطرق أساساً، الكوبرى يعدى من علينا ويخدم بقية الناس والمواطنين وإحنا ما يتعملناش منزل ولا مطلع».

{long_qoute_2}

أشرف محمد، صاحب إحدى الورش الحرفية بشارع مصرف الرشاح، قال إنه استأجر ورشته قبل 18 عاماً، وإن هذه المنطقة كانت خالية من الحركة بسبب أكوام القمامة وتجمع فيها الأشخاص المشبوهون والمجرمون، وكانت مسرحاً لعدد من الجرائم، وإن إقامة المنزل والمطلع على الكوبرى تمت بالتعاون بين السكان وإنه بعد ثورة 25 يناير قام بعض السكان بجمع الأموال من بعضهم لتمهيد المنزل والمطلع، وإن البيت الكامل كان يدفع 500 جنيه والمحل أو الورشة كانت تدفع 100 جنيه، وقام أحد الأشخاص بدفع المبلغ المالى الأكبر لإقامة هذا المرفق.

وأوضح «محمد» أن شارع ترعة الرشاح كان يسمى شارع مصرف زنين، وأن الشارع الفسيح كان فى البداية عبارة عن مصرف وترعة وعلى جانبيها القمامة إلا أنه تم ردمها قبل بضع سنوات، ما جعل مساحة عرض الشارع تصل إلى 40 متراً وجعله شارعاً رئيسياً يربط الكبرى الدائرى بمنطقة بولاق الدكرور ويصل إلى شارع العشرين بمنطقة فيصل وحتى كوبرى ثروت أمام جامعة القاهرة، وهو ما دفع الأهالى إلى إقامة مرفق لنزول وصعود السيارات من عليه، بدلاً من الذهاب إلى منزل صفط اللبن ثم العودة من صفط اللبن إلى منطقة بولاق الدكرور.

أما رجب وردانى ناصر، الذى يقيم فى منطقة «الرشاح» منذ نحو 30 عاماً، يؤكد أن المنزَل أقامه أحد الأشخاص فاعلى الخير لم يفصح عن اسمه، وأن حالة فوضى تعج بالشارع لعدم وجود اهتمام من جانب الحى حيث تفترش المقاهى مقاعدها فى حرم الشارع وتصبح المساحة الفسيحة التى تتسع لـ40 متراً هى عرض الشارع لا تسع إلا لعبور سيارة واحدة فقط، معلقاً: «يعنى إحنا تعبنا وشقينا وعملنا المنزل والمطلع من فلوسنا ومن جيوبنا ومش هاين على الحكومة توضّبه وتعمل له سور بدل العربيات ما تتقلب عليه، وبتوع الحى فالحين بس ياخدوا فلوس من اللى بانى دور زيادة ولا فيه عمود على سطح بيته»، مشيراً إلى أن أعضاء مجلس الشعب عن الدائرة لم يحركوا ساكناً لتأهيل المرافق التى أقامتها الأهالى وأنهم يكتفون فقط بالدعاية لأنفسهم على الإنترنت.

وعلى بعد نحو كيلو ونصف الكيلومتر من نزلة «الرشاح»، وفى نفس التوقيت تقريباً فى أعقاب ثورة 25 يناير، أقام أهالى منطقة المعتمدية ببولاق الدكرور منزلاً ومطلعاً على الكوبرى الدائرى، إلا أن المحافظة قامت بتمهيد المنزل والمطلع بالأسفلت، وأقامت حواجز خرسانية للمطلع بينما تركت المنزل دون سور خرسانى يؤمن الطريق، بحسب «عادل سيد» سائق ميكروباص وأحد سكان منطقة المعتمدية، وأن النزلة أقامها الأهالى بالتبرعات وكانت عبارة عن أكوام من التراب، وقام إمام مسجد اسمه «الهداية» بتقديم صندوق تبرعات خشبى، وكان بعض الأهالى يقفون على النزلة أمام السيارات لطلب مبلغ 10 جنيهات لكل سيارة تنزل من الكوبرى من أجل تهيئة المطلع أيضاً وتطوير المنزَل.

ويشير «سيد» إلى أن السائقين وسكان المنطقة تجاوبوا بشكل كبير مع صندوق التبرعات وكانت بعض السيارات تضع فى الصندوق 5 جنيهات و10 جنيهات وأكثر، وأن بعض المارة على أقدامهم كانوا يتبرعون بجنيهات فى الصندوق، موضحاً أنه عقب الانتهاء من تهيئة المطلع والمنزل تم إلغاء الصندوق، منتقداً إجراءات الحكومة فى القدوم متأخراً بعد نحو 3 سنوات من إنشاء المرفق ووضع لافتة باللون الأزرق مكتوب عليها «نزلة المعتمدية».

ويشير «محمود فرج» أحد السائقين المرتكزين أعلى كوبرى المعتمدية، إلى أن الطريق الدائرى به الكثير من النزلات التى أقامها الأهالى بعيداً عن الحكومة، قائلاً: «فيه من أول الرماية نزلة المنشية وبعد كده الرشاح وبعديه المعتمدية ثم البراجيل، وبعد كده نزلة أم بيومى، كل ده وأنت رايح على المؤسسة وبعد نزلة أم بيومى، نزلة بهتيم ونزلة رشاح المرج، ثم نزلة المؤسسة، وكلها اللى عاملها الأهالى». وعلى بعد نحو 4 كيلومترات من نزلة المعتمدية أقام الأهالى نزلة من الكوبرى الدائرى عند منطقة «البراجيل» وهى إحدى القرى التابعة لمركز أوسيم بالجيزة، لكن فى هذه المنطقة لم يتمكن الأهالى سوى من إقامة منزل واحد وتستخدمه السيارات للصعود والنزول من الكوبرى، ما يشكل مشهداً فوضوياً مع تكدس سيارات الملاكى والأجرة على هذا المرفق المقام بيد الأهالى بعد الثورة، والذى قامت بعد ذلك الحكومة بتطويره ورصفه وتهيئته، بحسب عنتر أحمد فرغلى، صاحب أحد المحال التجارية المطلة على المنزَل.

وقال «فرغلى» إنه يقطن فى المنطقة قبل 7 سنوات قبل إنشاء الكوبرى على أيدى الأهالى الذين قاموا بجمع أموال لإنشائه، مشيراً إلى أن الحى قام برصفه وتهيئته إلا أنه يستخدم فى الصعود والهبوط من على الكوبرى، وهو ما يشكل خطراً وزحاماً شديداً وشجاراً بين سائقى النقل والأجرة، موضحاً أن الفوضى تستمر طوال اليوم وحتى ساعات متأخرة من الليل، فى ظل اختفاء أى دور من جانب إدارة المرور بتنظيم الحركة المرورية. بينما يستنكر عادل عبدالفتاح، صاحب أحد الأكشاك على أطراف المَنزَل، حالة الفوضى التى يعج بها وأنه يؤثر بشكل كبير على حركة البيع، قائلاً: «كل يوم فيه خناقة بين السواقين اللى جايين عكس وعايزين يطلعوا الدائرى من المنزل ده، وأنا بدفع الإيجار لهيئة الطرق والكبارى، لكن مابنشوفش أى تنسيق ولا تنظيم للمرور والطرق».

العشوائية تحكم مخارج الدائرى


مواضيع متعلقة